توسعت السعودية في الزراعة المستدامة ما لفت الأنظار إلى المفهوم وضرورة تبنيه للاعتماد على مقومات الاقتصاد الزراعي، والحفاظ على استقرار النظام البيئي.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن المملكة تمكنت من تحقيق رقم قياسي جديد ضمن لها دخول موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية بأكبر مزرعة مستدامة عالمياً من ناحية المساحة، وهي إحدى المزارع الإرشادية التابعة للوحدة البحثية للزراعة بالمياه المجددة بوادي بن هشبل في منطقة عسير.

وبلغت المساحة الإجمالية للمزرعة نحو 3204182 متراً مربعاً، وهي مقسمة إلى جزأين في كل منهما خزان خرساني بسعة 500 متر مكعب من المياه، إضافة إلى شبكة ري أوتوماتيكية تعتمد على المياه المعالجة.

أما فيما يتعلق بعملية الري فهي تسير وفقاً لعدة مراحل، عن طريق مجموعة من الخبراء والمختصين في جميع التخصصات، مثل الري والتسميد والوقاية والمعدات.

وتحتوي المزرعة على خمسين حقلاً لأشجار الفاكهة، وعشرين أخرى للاستصلاح والزراعة مستقبلاً.

.

اهتمام سعودي بالزراعة المستدامة

كانت السعودية أعلنت عن خارطة طريق لزراعة 10 مليارات شجرة، في إطار مبادرة السعودية الخضراء، التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي.

تأتي الخطة بهدف التصدي للتحديات البيئية المتعلقة بالمناخ، وتحسين جودة حياة المواطنين من خلال الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن التشجير.

وتمتلك السعودية رؤية شمولية للنظم البيئية من خلال الزراعة المستدامة، كما تحتضن أكثر من ألفي نوع نباتي، منها غابات المانغروف، ويُتوقع زراعة أكثر من 600 مليون شجرة بحلول عام 2030، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030 المتعلقة بالاستدامة.

من جهته، قال وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، مؤخراً إن تعزيز الزراعة المستدامة لتحقيق الأمن الغذائي يتطلب التعاون المشترك لمواجهة التحديات، واعتماد نهج موحد بين دول المنطقة يجمع بين 3 مسارات لتحقيق الأمن الغذائي المستدام، من خلال تمكين الزيادة المستدامة في الإنتاج الزراعي على أساس الابتكار، وتطوير البنى التحتية واللوجستية والارتقاء بسلاسل إمداد مستدامة وزيادة الاستثمار الزراعي المسؤول، إضافة إلى تطوير الحلول المبتكرة لخفض هدر الأغذية وتبني أنظمة الأغذية الزراعية الدائرية.

على جانب آخر، ستتعاون شركة سابك السعودية للمغذيات الزراعية مع شركتَي (آيه دي إم) و(بيو ويش تكنولوجيز) في الولايات المتحدة، لمساعدة المزارعين على تحقيق أعلى إنتاجية بأساليب مستدامة ومعقولة التكلفة في السعودية.

ومن خلال التركيز على مشروع تجريبي مساحته 50 ألف فدان، سيستخدم المزارعون في الغرب الأوسط من الولايات المتحدة اليوريا المعززة بيولوجياً من «سابك» للمغذيات الزراعية لموسم 2023.

كما بدأت شركة (رد سي) السعودية المتخصصة في التقنيات المستدامة للبيئات الحارة، عملياتها في منشأتها بأبوظبي، والتي تعد الأولى من نوعها في دولة الإمارات العربية المتحدة، لتنويع مصادر المنتجات الغذائية وتحفيز قطاعات الأغذية الزراعية في المنطقة.

وتشمل تقنيات الشركة استخدام أسقف منخفضة التكلفة ومانعة للحرارة، ونظام تبريد تبخيري بالمياه المالحة يعمل دون تحلية.

ما هي الزراعة المستدامة؟

ارتفع عدد المتضررين من الجوع على مستوى العالم إلى ما يصل إلى 828 مليوناً في عام 2021، بزيادة قدرها نحو 46 مليوناً منذ عام 2020 و150 مليوناً منذ تفشي جائحة كوفيد-19.

والزراعة المستدامة أكثر من مجرد مجموعة من الممارسات البيئية، فلكي تصبح الزراعة مستدامة يجب أن تلبي احتياجات كل الأجيال، مع ضمان الربحية والصحة البيئية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.

كما تسهم الأغذية والزراعة المستدامة في جميع الركائز الأربع للأمن الغذائي بداية من الوفرة، والوصول والاستخدام، حتى الاستقرار، وذلك بالحفاظ على أبعاد الاستدامة الثلاثة البيئية والاجتماعية والاقتصادية.

لذلك، تعمل منظمة الأغذية والزراعة على تعزيز التغذية المستدامة، للمساهمة في تأمين الغذاء، والمساعدة في تحقيق هدف التنمية المستدامة المتعلق بالقضاء على الجوع.

وأوضحت بعض التقديرات أن سوق الزراعة المستدامة العالمية تبلغ نحو 13.7 مليار دولار في 2022، ويتوقع أن تفوق 31.8 مليار دولار بحلول 2030.

لماذا تعتبر الزراعة المستدامة مهمة؟

في بداية القرن العشرين، فتح المنتجون أراضي جديدة للزراعة بهدف زيادة إنتاجهم، ثم أتاحت الثورة الخضراء في الستينيات لملايين المزارعين إمكانية الوصول إلى المبيدات الحشرية والأسمدة والري الفعال، ما أدى إلى زيادة حادة في الإنتاج ومنع المجاعة الجماعية.

وبمرور الوقت، مكنت التكنولوجيات جميع المنتجين من استخدام أراضيهم بشكل أكثر كفاءة، وبحلول التسعينيات كان نمو الإنتاجية الزراعية العالمية المحرك الرئيسي لنمو الإنتاج الزراعي العالمي.

بدورها، تكتسب الزراعة المستدامة أهميتها من الفوائد التي تعود على البيئة في حال الالتزام بما يتطلبه الأمر وتنفيذ معايير هذا النوع من الزراعة بشكل سليم، إذ توفر استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الصناعية وحقول التسمين.

ويؤدي ذلك إلى تقليل تلوث المياه والتآكل، كما أنه أكثر صحة للعاملين في المزارع والمستهلكين؛ نظراً لتعرضهم لمواد كيميائية أقل.

وبحلول عام 2030، يسعى العالم إلى ضمان نظم مستدامة لإنتاج الغذاء وتنفيذ ممارسات زراعية مرنة تزيد من الإنتاجية والإنتاج، وتساعد في الحفاظ على النظم الإيكولوجية، وتعزز القدرة على التكيف مع تغير المناخ والجفاف والفيضانات والكوارث الطبيعية.