ثار بركان في وقت متأخر من يوم الاثنين في شبه جزيرة ريكيانيس في آيسلندا، ما أدى إلى إطلاق كميات هائلة من الحمم البركانية وتكوين أعمدة ضخمة من الدخان في السماء بعد أسابيع من نشاط زلزالي أدى إلى إخلاء بلدة مجاورة.
بدأ ثوران البركان في الساعة العاشرة مساءً بعد ما يقرب من ساعة من وقوع زلزال.
وبحسب مكتب الأرصاد الجوية الآيسلندي، وقع البركان على بعد ثلاثة كيلومترات شمال بلدة غريندافيك، وهي المدينة الوحيدة في المنطقة وتقع على بعد 40 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة ريكيافيك، وتعتبر مزاراً سياحياً معروفاً لقربها من منتجع بلو لاجون الحراري الشهير.
وتم إجلاء سكان غريندافيك البالغ عددهم أربعة آلاف نسمة في نوفمبر تشرين الثاني كإجراء احترازي بعد أيام من بدء النشاط الزلزالي، مع إغلاق الطرق في المنطقة.
ونشر خفر السواحل الآيسلندي مقطع فيديو على فيسبوك يظهر إحدى طائرات الهليكوبتر التابعة له في مكان الحادث مساء الاثنين، وهي تحوم فوق خط طويل من الحمم البركانية المتوهجة المنبعثة من شقوق الأرض، بينما يبدو الهواء محاطاً بالدخان ومُضاءً بألوان متوهجة من الأحمر والبرتقالي.
تلوث كبير للهواء
أوضح هالدور جيرسون، الأستاذ المشارك في معهد علوم الأرض بجامعة آيسلندا، أن هناك خمسة إلى ستة أنظمة بركانية مختلفة في شبه جزيرة ريكيانيس، وحدث الثوران البركاني الأخير عند نقطة ظلت خامدة منذ عام 2000 عام.
وأعلنت الحكومة الآيسلندية إغلاق المنطقة بالكامل أمام حركة المرور، محذرة المواطنين من الاقتراب من المنطقة.
وحذر خبراء في علم البراكين في جامعة آيسلندا على فيسبوك من أنه «إذا استمر الثوران بالكثافة الحالية، فسوف ينتج عنه تلوث كبير للهواء».
على الجانب الأكثر تفاؤلاً، توقع الخبراء أن يساعد الاتجاه الحالي للرياح على انفجار عمود البركان بعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان.
وتعتبر آيسلندا نقطة زلزالية وبركانية ساخنة؛ فالثوران البركاني الأخير هو الرابع في منطقة ريكيانيس خلال السنوات الأخيرة والأكبر في المنطقة منذ عام 2021.
وفي عام 2021، استمر النشاط البركاني في المنطقة لمدة ستة أشهر؛ ما دفع الآلاف من الآيسلنديين والسياح لزيارة الموقع.
وفي أغسطس آب 2022، حدث ثوران لمدة ثلاثة أسابيع في المنطقة نفسها، تلاه ثوران آخر في يوليو تموز 2023.
تعطل الطيران.. مخاوف من تكرار سيناريو 2010
في عام 2010، اندلع بركان ضخم في جبل إيافيالايوكل الجليدي جنوب آيسلندا مسبباً كميات هائلة من السحب الرمادية التي امتدت لأجزاء واسعة من أوروبا، وتسببت حينئذ في هبوط نحو مئة ألف رحلة في أنحاء أوروبا، فضلاً عن إجبار مئات السكان على مغادرة منازلهم.
ويستبعد الخبراء تكرار هذا السيناريو المقلق مع الثوران الأخير؛ نظراً لاختلاف مركز البركان في الحالتين، فعلى عكس بركان إيافيالايوكل، لم ينتج الثوران الأخير عن أنظمة بركانية مضغوطة أسفل مناطق جليدية؛ لذلك لا يُتوقع أن يتسبب في تكوين سحب رمادية على غرار بركان 2010.
وبالفعل، أكدت الحكومة عدم الإبلاغ عن أي حالات توقف للرحلات الجوية من وإلى آيسلندا حتى الآن، وأن ممرات الطيران الدولية لا تزال مفتوحة.
وأضافت أن ثوران الشقوق لا يؤدي عادة إلى انفجارات كبيرة أو إنتاج كميات كبيرة من الرماد.
وأصدرت شركة طيران آيسلندا، صباح الثلاثاء، بياناً أكدت فيه عدم تأثر جدول رحلاتها، مشيرة إلى أنها تراقب الوضع وستبقي الركاب على اطّلاع بأي تطورات أخرى.
وكانت بحيرة بلو لاجون -أحد أكثر المنتجعات الصحية الحرارية شهرة في البلاد- قد أغلقت أبوابها الشهر الماضي بعد ظهور العلامات الأولية للثوران البركاني، قبل إعادة فتحها أمام السياح يوم الأحد، لكنها عادت لتعلن يوم الثلاثاء عزمها الإغلاق مجدداً لفترة مؤقتة بسبب ثوران البركان.
وفي سياق مشابه، قالت السلطات في نوفمبر تشرين الثاني إنها ستقوم بإعداد خندق وقائي حول محطة للطاقة الحرارية الأرضية على بعد نحو 7 كيلومترات من غريندافيك التي توفر الكهرباء والمياه الحرارية الأرضية لتدفئة المنازل للسكان.