أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الثلاثاء، عن «حواجز الحماية» الجديدة التي تقول إنها ستضمن عمل أسواق تعويض الكربون على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل فعال.

ووضع مسؤولون في مجلس الوزراء، بما في ذلك وزيرة الخزانة جانيت يلين، أول مبادئ توجيهية واسعة النطاق للحكومة بشأن أسواق الكربون «عالية النزاهة»، التي تهدف إلى تعزيز الثقة في النظام الذي وصفه المنتقدون بأنه «غسل أخضر»، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية.

ويحدث «الغسل الأخضر» عندما تدّعي الشركات مسؤوليتها تجاه البيئة بشكل مثير للجدل، وذلك لجذب أعمال أكثر أو الخضوع لمستويات تدقيق أقل.

وقال علي الزيدي مستشار شؤون المناخ القومي في البيت الأبيض لوكالة فرانس برس «يتعلق الأمر ببناء الثقة للتمكن من استخدام هذه الأداة بشكل أكثر فاعلية على نطاق واسع».

وأضاف «بعد مرور أربع سنوات على الالتزام الحاسم للعمل المناخي، لسنا في وضع يسمح لنا بتهميش أي مجموعة من الأدوات التي ستساعدنا على التحرك بشكل أسرع».

تعمل أرصدة الكربون على تمكين الشركات والبلدان من تعويض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، إذ يمثل كل ائتمان خفض أو إزالة طن واحد من ثاني أكسيد الكربون، وغالباً ما يكون ذلك في البلدان النامية من خلال مشاريع مكافحة إزالة الغابات.

تبلغ قيمة سوق تعويضات الكربون حالياً نحو ملياري دولار، ولكنها تعرضت لانتقادات شديدة مؤخراً بعد أن أظهرت الأبحاث أن المطالبات بخفض الانبعاثات بموجب المخططات غالباً ما تكون مبالغاً في تقديرها إلى حد كبير أو ببساطة غير موجودة.

وحددت يلين المبادئ التي تؤكد على النزاهة في ثلاثة مجالات رئيسية؛ الاعتمادات في جانب العرض المرتبطة بالخفض الحقيقي للانبعاثات أو إزالتها، ومساءلة الشركات على جانب الطلب والتي تعطي الأولوية لخفض الانبعاثات، وسلامة السوق من خلال زيادة الشفافية وتقليل التعقيد.

موافقة أميركية

قال نات كيوهين من مركز حلول المناخ والطاقة لوكالة فرانس برس إن إصدار المبادئ التوجيهية، المفصلة في بيان مؤلف من 12 صفحة، هو إشارة مهمة إلى أن الحكومة الأميركية تلقي بثقلها خلف آليات تمويل المناخ.

وأضاف «المشكلة التي نواجهها الآن ليست أن جميع الاعتمادات سيئة، فبعضها جيد حقاً، وبعضها سيئ، ومن الصعب التفرقة بينهما».

وقال إن المساءلة ستكون مدفوعة بالسوق وستأتي من الشركات التي تسعى للحصول على أرصدة كربون عالية الجودة لتجنب ردود الفعل العامة.

في حين أن إدارة بايدن لا تؤيد، بشكل صريح، المعايير الناشئة التي طورتها أبرز هيئتين تقودهما الصناعة، وهما مجلس النزاهة لسوق الكربون التطوعي (ICVCM) ومبادرة نزاهة أسواق الكربون الطوعية (VCMI)، إلا أنها تقول إنهما يلعبان «دوراً أساسياً».

ويقول المدافعون البارزون عن أسواق الكربون، بما في ذلك مبعوث المناخ الأميركي السابق جون كيري، إن التمويل الحكومي وحده غير كافٍ لتحقيق هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.

وقد أشاد الرئيس الكيني وليام روتو بمصارف الكربون في إفريقيا ووصفها بأنها «منجم ذهب اقتصادي لا مثيل له» مع القدرة على توليد المليارات سنوياً.

الالتزام بالوعود

لكن جيل دوفراسن من كاربون ماركت ووتش قال لوكالة فرانس برس إن على الحكومة الأميركية أن «تلتزم بالأقوال» وأن تضمن الشفافية والنزاهة في وعودها.

وأضاف «لا تتوافر حالياً بيانات عامة لقياس مقدار التمويل الذي يتدفق إلى العمل المناخي من خلال أرصدة الكربون بشفافية، ومقدار ما يتبقى في جيوب الوسطاء والاستشاريين في الشمال العالمي».

كما يشعر علماء البيئة بالقلق إزاء بند في المبادئ التوجيهية يبدو أنه يؤيد موازنة التلوث الناجم عن سلاسل القيمة للشركات.

إن شراء الاعتمادات لتغطية ما يسمى بـ«انبعاثات النطاق 3» يمنح الشركات فعلياً تصريحاً مجانياً لمواصلة التلويث، كما تقول مجموعات الدفاع عن المناخ.

وقد توصل استعراض علمي عالمي حديث إلى أن الأساليب القائمة على السوق في الحفاظ على الغابات، بما في ذلك تعويضات الكربون وخطط إصدار الشهادات الخالية من إزالة الغابات، فشلت إلى حد كبير في حماية الأشجار أو تخفيف حدة الفقر.

ولم تتوصل محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة «كوب 28» التي عقدت في دبي العام الماضي لاتفاق على مجموعة موحدة من القواعد العالمية التي تحكم أسواق الكربون، ما ترك البلدان للتوصل إلى مبادئ توجيهية ثنائية وإقليمية خاصة بها، وهو وفقاً للمنتقدين «وضع مهيأ للغسل الأخضر».