يزداد الطلب على تعويضات الكربون مع سعي الكثير من الشركات لتحقيق الحياد الكربوني، أي التوازن بين الكربون المنبعث في الغلاف الجوي والكربون المزال منه، بحلول عام 2050، وهو أمر لا مفر منه للحد من الآثار الكارثية لتغيّر المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض.

تعتزم أكثر من ثلثي دول العالم استخدام أسواق الكربون للوفاء بمساهماتها الوطنية لمكافحة تغيّر المناخ في إطار اتفاقية باريس، بحسب البنك الدولي، فما هي تعويضات الكربون؟

تعتبر أرصدة الكربون حلاً مثالياً للانبعاثات التي لا يمكن تجنبها، وتلجأ الدول أو الشركات عادة إلى شراء أرصدة الكربون التي تمنحها الحق في إطلاق كميات إضافية من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو الغازات الدفيئة الأخرى من المشروعات التي لديها كميات أقل من الانبعاثات أو الدول التي تمتلك أصولاً تمتص الكربون مثل الغابات المطيرة.

كانت شركات التكنولوجيا مثل آبل وغوغل، وشركات الطيران، وشركات النفط والغاز الكبرى، من بين المشترين الأوائل لأرصدة الكربون.

وفي عام 2021، أعلنت شركة النفط البريطانية العملاقة «شل» أنها تهدف إلى تعويض 120 مليون طن من انبعاثاتها الكربونية بحلول عام 2030.

كيف تعمل أرصدة الكربون؟

تكتسب الدول التي تنجح في خفض انبعاثاتها أرصدة كربونية تستطيع بيعها للدول التي تتجاوز مستهدفاتها من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو غازات الدفيئة، على أن توجّه تلك الأموال إلى الاستثمارات الخضراء مثل بناء مشروعات جديدة للطاقة النظيفة أو تحلية المياه أو زراعة الأشجار.

يعادل رصيد الكربون الواحد القابل للتداول طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله من غازات دفيئة مختلفة تم تخفيضها أو عزلها أو تجنبها، وبمجرد بيعه لا يمكن تداوله مرة أخرى.

ومن المتوقع أن يصل الطلب على تعويضات الكربون إلى 1.2 مليار طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول نهاية هذا العقد و5.38 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2050، وفقاً لـ«بلومبرغ إن إي إف» المتخصصة في أبحاث الطاقة.

أنواع تعويضات الكربون

يمكن شراء أرصدة الكربون الناتجة عن نوعين من المشروعات:

أولاً: المشروعات التي تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية وغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي مثل مشروعات الطاقة المتجددة والطهي النظيف.

ثانياً: مشروعات احتجاز الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه، مثل زراعة الأشجار التي تمتص ثاني أكسيد الكربون، أو غيرها من المشروعات التي تساهم في احتجاز الكربون.

ويتأثر سعر أرصدة الكربون بمجموعة من العوامل، من بينها نوع المشروع إذ يزداد الطلب على تعويضات مشروعات خفض الانبعاثات أكثر من مشروعات تخزين الكربون وإزالته، كما يتأثر بحجم المعروض من التعويضات الكربونية في وقت واحد، ومدى مساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

أنواع أسواق الكربون

تنقسم أسواق الكربون إلى نوعين أولهما أسواق منظمة والتي تؤسس نتيجة لأي سياسة أو متطلبات تنظيمية وطنية أو إقليمية أو دولية، وثانيهما أسواق الكربون الطوعية والتي تهدف إلى إصدار وشراء وبيع أرصدة الكربون، على أساس طوعي.

وتعمل السوق التطوعية بشكل مختلف، إذ تتمتع الشركات في هذه السوق بفرصة العمل مع الشركات والأفراد الذين لديهم وعي بيئي ويختارون تعويض انبعاثاتهم الكربونية بشكلٍ تطوعي وغير إلزامي.

ويمكن للمستهلكين شراء تعويضات للانبعاثات الناتجة عن نشاط محدد عالي الانبعاثات، مثل رحلة طويلة، أو شراء تعويضات على أساس منتظم لإزالة البصمة الكربونية المستمرة.

وقدرت قيمة سوق الكربون الطوعية بنحو 400 مليون دولار في العام الماضي، ومن المتوقع أن تتراوح بين عشرة إلى 25 مليار دولار بحلول عام 2030.

وتستطيع الشركات تعويض انبعاثات الكربون وغازات الدفيئة المنبعثة منها عن طريق الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أو التحول إلى مصادر الطاقة هذه بالإضافة إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة.

كما يمكن للشركات الاستثمار في موضوعات التقاط الكربون من الغلاف الجوي واستخدامه لإنتاج الوقود الحيوي، مما يجعله مصدر وقود محايد للكربون.

يمكن للمستهلكين شراء تعويضات للانبعاثات الناتجة عن نشاط محدد عالي الانبعاثات، مثل رحلة طويلة، أو شراء تعويضات على أساس منتظم لإزالة البصمة الكربونية المستمرة.

أسواق الكربون في العالم

بدأ نظام تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي عام 2005، وهو أكبر سوق للكربون في العالم، وساعد هذا النظام على تقليل انبعاثات الكربون بنسبة تتجاوز 20 في المئة بحلول عام 2020، وظهرت تعويضات الكربون في الولايات المتحدة عام 2013، بينما انطلقت رسمياً في الصين في 2021.

وعلى صعيد العالم العربي، شهدت قطر إطلاق أول سوق للكربون في عام 2017، وكذلك أعلنت دولة الإمارات إطلاق سوق دبي العالمية للكربون عام 2019، وتخطط دبي لتقليل انبعاثاتها الكربونية بقيمة 50 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول عام 2030.

وفي عام 2020، أعلنت الأردن إطلاقها سوق الكربون، وفي عام 2021، أعلن صندوق الاستثمارات العامة مع مجموعة تداول السعودية عن مبادرة السوق الطوعية لتداول الائتمان الكربوني.

وأطلقت مصر سوق الكربون على هامش فعاليات قمة المناخ «كوب27» الذي استضافته في عام 2022.