من تعطيل حركة المطارات إلى طلاء واجهة بورصة وول ستريت، مروراً بتنظيم تظاهرات لتعكير صفو الألعاب الأولمبية، هذه مشاريع العمل التي يخطط لها بعض نشطاء المناخ هذا الصيف، معتبرين أن تنفيذها ضروري رغم الخلافات بشأنها.
فمن قطع طرق سريعة إلى رشّ معلم ستونهنج الصخري في بريطانيا بمسحوق برتقالي، مروراً بإلقاء طعام على أعمال فنية شهيرة، تحوّل بعض الناشطين في مجال المناخ إلى تكتيكات أكثر استفزازية منذ فرضت جائحة كوفيد توقّفاً واسع النطاق للتحركات الاحتجاجية التي أطلقتها الناشطة المناخية الشابة غريتا تونبرغ ضمن حركة «فرايدايز فور فيوتشر» («أيام الجمعة من أجل المستقبل»).
وفيما كانت الأشهر الـ12 الماضية الأكثر حرّاً على الإطلاق على الكوكب، ومع تزايد الكوارث (من موجات حر وفيضانات وما إلى ذلك) جراء الاحترار المناخي، يركّز الناشطون أنظارهم على الشركات والمصالح التجارية الأكثر تلويثاً.
تعطيل المطارات خلال الصيف
من هنا، أعلنت شبكة «ايه 22» (A22)، وهو تحالف مجموعات منخرطة في تظاهرات سلمية، أنها تريد تعطيل المطارات خلال الصيف في النمسا وكندا والولايات المتحدة والنرويج وهولندا والمملكة المتحدة وسويسرا.
ويتحمل قطاع الطيران العالمي المسؤولية عن نحو 2,5% من انبعاثات الكربون العالمية، أي أكثر من البصمة الكربونية السنوية للبرازيل وفرنسا مجتمعتين.
وقالت إحدى المجموعات التي تتبنى أكثر أشكال الاحتجاج إثارة للجدل في بيان لها إن «مقاومتنا ستسلط الضوء على أكبر مستخدمي الوقود الأحفوري، وستدعو الجميع إلى التحرك معنا».
وأوضحت الناطقة باسم المنظمة غابرييلا ديتون لوكالة فرانس برس «نواجه أزمة ضخمة، لا يمكننا التوقف».
احتلال وول ستريت
وفي الولايات المتحدة، يرغب ناشطون في استهداف بورصة وول ستريت في نيويورك، ويخططون لإغلاق مداخل البنوك والشركات الكبرى التي تمول الوقود الأحفوري وتدعمه وتستثمر فيه.
وتعهد منظمو حملة «الصيف الحارق» باتخاذ «إجراءات مباشرة وغير عنيفة ومبهجة لإنهاء تمويل الوقود الأحفوري» في الأشهر المقبلة.
وفي أوروبا، حوّلت حركة «إكستنكشن ريبيليين» التي اشتُهرت بإغلاق الجسور فوق نهر تيمز في لندن، تركيزها الأساسي من العصيان المدني التامّ إلى بناء حركة شعبية شاملة.
وفي هذا الصيف، تدعو المنظمة حكومتي المملكة المتحدة وفرنسا إلى إنشاء جمعيات للمواطنين حول المناخ والطبيعة، مع تنظيمها اعتصامات في محيط مقار لشركات تأمين عاملة في قطاع الوقود الأحفوري.
تقول المؤسسة المشاركة للحركة غايل برادبروك إن هذا النهج الجديد للتحركات المناخية يسعى إلى «الوصول إلى المزيد من الأشخاص العاديين» والقيام «بعمل تنظيمي محلي أعمق».
ومع ذلك، يعتزم الناشطون المناخيون هذا الصيف تنفيذ عمليات «احتلال جماعي»، إحداها مقررة في بداية دورة الألعاب الأولمبية التي تنطلق في باريس في 26 يوليو تموز.
وأشار المنظمون الفرنسيون إلى أن هذا التحرك قد يستمر أياماً عدة، لكنه سيتسم «بالوضوح أكثر من كونه ينحو باتجاه التخريب».
كيف يحدث التغيير؟
ما النهج الذي ينبغي اتباعه لجذب الانتباه؟ وما السبيل الأفضل لإحداث التغيير؟ تساؤل كان موضوع مناقشات ساخنة، بما في ذلك بين الناشطين، بعد سلسلة تحركات مثيرة للانقسام استهدفت معالم شهيرة.
وقالت عالمة الاجتماع في جامعة واشنطن دانا فيشر، إنه عندما ألقى ناشطان من منظمة «جاست ستوب أويل» دقيق الذرة البرتقالي على معلم ستونهنج في يونيو حزيران، «حظيا باهتمام إعلامي أكبر بكثير من رش المطارات بالطلاء».
والهدف من هذه التصرفات «الصادمة» هو «إفقاد الناس صوابهم»، على حد تعبيرها، فكلما ازداد عدد الأشخاص الذين يتحدثون عن التحرك، ازدادت النقاشات في قضية المناخ.
وأظهرت دراسات عدة في المملكة المتحدة وألمانيا أن مشاعر القلق العامة بشأن تغير المناخ ظلت ثابتة، أو حتى تأججت بعد أعمال العصيان المدني، رغم عدم وجود تأييد واسع لمثل هذه الأفعال.
وتشير فيشر إلى أنه «من الناحية التاريخية، هناك أدلة قوية على أن الفئات الراديكالية يمكن أن تولّد الدعم للقضية وللجهات المعتدلة»، «لكن من الصعب معرفة ما هو الأكثر فعالية».
ويرى جايمي هن، المؤسس المشارك لمجموعة الحملات «ثري فيفتي دوت أورغ» ومدير «فوسيل فري ميديا» Fossil Free Media، أن «تكتيكات المواجهة المباشرة تعمل بشكل أفضل عندما تتصدى لجذور المشكلة».
ومن الناحية السياسية، حصلت التغييرات «من خلال استهداف الأشخاص الموجودين في السلطة والذين يدعمون الوضع الراهن»، بحسب عالمة الاجتماع في جامعة ييل لورا توماس والترز، و«نحن في حاجة إلى القيام بذلك بطريقة مستدامة».