استكمالاً للإعلان السابق خلال كوب 28 عن المشروع التجريبي بين شركة أبوظبي لطاقة المستقبل « مصدر»، الشركة الإماراتية الرائدة عالمياً في مجال الطاقة النظيفة، ومجموعة «إمستيل»، كبرى الشركات المدرجة لتصنيع الحديد ومواد البناء في الإمارات أعلن نجاح المشروع التجريبي في إنتاج الصلب المستدام باستخدام الهيدروجين الأخضر ودخوله في مرحلة التشغيل التجريبية.

إنتاج الصلب باستخدام الهيدروجين يوفر نحو 95 في المئة من انبعاثات الكربون في عملية إنتاج الصلب المسؤولة عن 7 في المئة من الانبعاثات الكربونية حسب ما أوضحت رئيسة قسم تطوير الأعمال في إدارة الهيدروجين الأخضر في شركة مصدر، فيء الحرش.

تلبية للاستدامة

ومع تحفظ الشركتين عن الإفصاح عن معلومات إضافية أكد الرئيس التنفيذي لشركة مصدر، محمد جميل الرمحي، أن المشروع خطوة مهمة في إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها معتبراً إياه مشروعاً حيوياً ومهماً يدعم تحقيق اتفاق الإمارات التاريخي الذي تم التوصل إليه خلال مؤتمر الأطراف كوب 28 لتحقيق أهداف الحياد المناخي.

من جانبه أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة إمستيل، سعيد غمران الرميثي، التزام المجموعة في دعم إزالة الكربون في قطاع الصلب بما يتماشى مع استراتيجية الإمارات للحياد المناخي بحلول 2050.

وقال الرميثي «فقد أسفرت جهودنا عن تحقيق نتائج مثمرة تمثلت في زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة إلى أكثر من 80 بالمئة في 2023، كما تعد المجموعة أول شركة لصناعة الحديد في العالم تلتقط انبعاثاتها الكربونية، لتنخفض انبعاثاتها بنسبة 45 بالمئة عن المتوسط العالمي».

واعتبرت الحرش أن النجاح في استكمال تطوير المشروع التجريبي لإنتاج الصلب المستدام باستخدام الهيدروجين الأخضر سيفتح آفاقاً جديدة لتحقيق الاستدامة.

دخول مبكر واستراتيجي

ومع التوجه العالمي نحو خفض الانبعاثات الكربونية، تواجه الدول المستوردة للحديد ضغوطاً لاختيار مصادر نظيفة ومستدامة، تتيح مشاريع الحديد والفولاذ الأخضر لدول الخليج الفرصة لتلبية هذا الطلب المتزايد، ما يعزز علاقاتها التجارية مع أوروبا وآسيا، ويدعم التنويع الاقتصادي، ويعزز الأمن الاقتصادي.

وأضافت الحرش أن مثل هذه المشاريع تضع دول الخليج في صدارة الإنتاج المستدام عالمياً، وتسهم في استقطاب استثمارات ضخمة، إذ يوفر التحول نحو «الفولاذ الأخضر»، الذي ينتج باستخدام مصادر طاقة نظيفة مثل الهيدروجين الأخضر، فرصة لدول الخليج لتحقيق تقدم كبير في مجال الصناعة المستدامة.

ويتماشى هذا المشروع التجريبي مع استراتيجية الإمارات الوطنية للهيدروجين ومع السياسة العامة للهيدروجين منخفض الكربون في أبوظبي، التي من المتوقع أن تسهم في تعزيز تكنولوجيا الهيدروجين منخفض الكربون كمصدر للطاقة النظيفة في المستقبل، ما يشكّل نقلة نوعية نحو ضمان النمو الاقتصادي وتعزيز الاستدامة وأمن الطاقة، وتهدف استراتيجية نحو بناء مستقبل مستدام إلى ترسيخ مكانة الإمارات كمنتج عالمي رائد للهيدروجين منخفض الانبعاثات بحلول عام 2031.

جدوى تجارية

ووفقاً لتوقعات اتحاد الصلب العالمي، فإن الطلب العالمي على الفولاذ يتجه للزيادة بنسبة 20 بالمئة على مستوياتها الحالية بحلول 2050، وجعل صناعة الحديد، خالية من الكربون بحلول منتصف القرن سيحتاج إلى استثمار يقدر بنحو 1.4 تريليون دولار طبقاً لتقدير شركة الاستشارات «وود ماكينزي».

كما يشهد الطلب العالمي على الهيدروجين نمواً متزايداً ومن المتوقع أن تصل سوقه إلى نحو 300 مليار دولار عالمياً بحلول عام 2030، بسبب التزايد الملحوظ في الطلب من الشركات الكبرى التي تلتزم بمعايير بيئية صارمة، ودخول دول الخليج إلى هذه السوق مبكراً يمكن أن يحقق لها عوائد مالية كبيرة ويضعها في صدارة المنتجين.

كما ستفتح هذه المشاريع آفاقاً جديدة لتوفير فرص العمل، بدءاً من الأعمال الهندسية إلى البحث والتطوير في التقنيات الخضراء.

وتسهم هذه المبادرات في بناء كوادر محلية متمكنة، وتساعد في تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.

وقدرت الحرش أن تستفيد قطاعات البناء والسيارات من استخدامات الفولاذ الأخضر التي تشهد طلباً متنامياً في المنطقة لا سيما أن دول الخليج وخاصة الإمارات تتمتع بمزايا تنافسية على هذا الصعيد أبرزها هو توفير أسعار طاقة متجددة بأسعار تنافسية.

وتصل تكلفة إنتاج كيلوغراماً من الهيدروجين الأخضر عالمياً بين 2 و6 دولارات إلا أن تزايد الاعتماد على هذه التكنولوجيا وتحسين الكفاءة من المتوقع أن يخفض التكاليف على المدى الطويل، هذا من شأنه أن يجعل الحديد والفولاذ الأخضر أكثر تنافسية، ويحقق لدول الخليج عوائد عالية في السوق العالمية.