يعدّ مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ ( كوب29) الذي سيعقد في باكو، عاصمة أذربيجان، من 11 إلى 22 نوفمبر تشرين الثاني الحالي، نقطة محورية في الجهود العالمية للتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري.
ويشارك في المؤتمر عشرات الآلاف من الخبراء والمندوبين من جميع أنحاء العالم، ويجمع الدول المتقدمة والنامية لمناقشة سياسات وحلول للتحديات البيئية المتزايدة، ولكن مع كل مؤتمر، تتجدد الأسئلة حول فعاليته في إحداث التغيير الملموس، وكيفية تعزيز التعاون الدولي من أجل كوكب آمن للأجيال القادمة.
لماذا يعقد مؤتمر كوب سنوياً؟
في عالم يتأثر بتغير المناخ في كل زاوية من زواياه، يعتبر مؤتمر كوب السنوي منصة ضرورية لتوحيد الجهود العالمية في مواجهة أزمة لا تعترف بالحدود، منذ توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1992، تتبنى الدول المتقدمة والنامية معاً أهدافاً مشتركة لمكافحة تغير المناخ، لكن المناقشات تظل محورية حول فكرة أساسية: البلدان التي استفادت أكثر من النمو الصناعي يجب أن تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية.
ومع تزايد القوة الاقتصادية للدول النامية، يزداد التحدي في تحديد المسؤوليات وتوزيع الأعباء بين الدول الكبرى والدول التي تعاني أكثر من آثار التغير المناخي رغم أنها تُسهم بأقل قدر في المشكلة.
أهداف مؤتمر كوب
يسعى مؤتمر كوب السنوي إلى توفير منصة للدول لمناقشة حلول ملموسة، مثل السياسات الطاقوية وسبل التمويل لدعم جهود التحول المناخي، الحضور الدولي الرفيع، بما في ذلك رؤساء الدول والحكومات، يعد علامة على التزامهم العميق بالأهداف العالمية المناخية، وهذا الالتزام يُترجم إلى قرارات تعكس الرغبة في التعاون الجماعي للتخفيف من آثار التغير المناخي.
لكن المؤتمر السنوي هو مجرد جزء من عملية مستمرة، خلال العام، يجتمع المفاوضون من مختلف الدول لبحث الحلول والتوصل إلى توافق حول الإجراءات المطلوبة قبل انعقاد القمة المقبلة، حيث تُسجل الاتفاقات بالإجماع.
تحديات كوب
رغم الجهود المستمرة، يظل التقدم في تقليص الانبعاثات بطيئاً بشكل يثير القلق، منذ بدء مؤتمرات كوب في 1995، ارتفعت انبعاثات الكربون ودرجات الحرارة العالمية، ما يهدد بتفاقم أزمة المناخ بشكل أكبر، العديد من المنتقدين يعتقدون أن وتيرة التحرك غير كافية لمواجهة التحديات، خاصة أن الدول الكبرى ما زالت تؤجل اتخاذ قرارات جذرية.
تأمل القمة في هذا العام في الوصول إلى اتفاقات حاسمة مثل تحديد هدف سنوي لتمويل المناخ، وتفعيل أسواق ائتمان الكربون متعددة الأطراف، وزيادة المساعدات المالية للدول التي تواجه كوارث مناخية، إلى جانب هذه النقاط الأساسية، يُتوقع أن يتم تطوير مخرجات فنية بناءً على نتائج المؤتمرات السابقة.
كما يتيح المؤتمر فرصة للعديد من البلدان لعرض مبادراتها الخاصة، أو حتى الإعلان عن استثمارات جديدة في مشروعات مناخية.
دور أذربيجان في كوب29
تتولى أذربيجان رئاسة مؤتمر كوب29 هذا العام، وهي المرة الأولى التي يُعقد فيها المؤتمر في منطقة أوروبا الشرقية، باعتبارها الدولة المضيفة، تقوم أذربيجان بدور محوري في توجيه المفاوضات وتحفيز الدول الأخرى على اتخاذ خطوات طموحة لمعالجة قضايا تغير المناخ، وقد تكون نتائج المؤتمر هذه السنة محورية في تحديد الاتجاهات المستقبلية في جهود التصدي للأزمة البيئية العالمية.
فعاليات على هامش المؤتمر
بعيداً عن المفاوضات الرسمية، يتم تنظيم العديد من الفعاليات على هامش المؤتمر، التي توفر فرصة للباحثين، الناشطين، والعلماء لتبادل الأفكار والمقترحات، تُقام أيضاً حلقات نقاش جماهيرية تناقش مواضيع متنوعة مثل تحمض المحيطات وتعويض انبعاثات الكربون، ويشمل المؤتمر أيضاً «المنطقة الخضراء» التي تُعقد فيها مناقشات تقودها منظمات دولية ومؤسسات غير ربحية.
وبينما شهدت بعض مؤتمرات كوب احتجاجات واسعة، مثل تلك التي جرت في كوب26 في جلاسجو، من المتوقع أن تشهد أذربيجان إجراءات أمنية مشددة، ما قد يحدّ من الأنشطة المدنية خارج نطاق المؤتمر.
أهمية مؤتمر كوب في إحداث التغيير المناخي
يظل مؤتمر كوب منصة حيوية لتوجيه جهود العالم في مكافحة تغير المناخ، رغم التحديات العديدة التي تواجهه، وهو يشكل فرصة لإظهار التزام الدول تجاه البيئة والمستقبل، ويحفز التعاون الدولي بين مختلف الأطراف، مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم آثار الاحتباس الحراري، فإن نجاح هذه المؤتمرات بات أمراً ضرورياً إذا أردنا تجنب كارثة بيئية كونية.