سعى المبعوث الأميركي للمناخ جون بودستا إلى طمأنة دول العالم المشاركة في محادثات مؤتمر الأطراف كوب 29 المعني بتغير المناخ، يوم الاثنين، بأن إعادة انتخاب دونالد ترامب لن تنهي الجهود الأميركية لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.
كان فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية ألقى بظلاله الطويلة على المحادثات الحاسمة في باكو، إذ تعهد الزعيم الأميركي القادم بانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ.
تركت نتيجة التصويت في الانتخابات الوفد الأميركي في كوب 29 مقيداً إلى حد ما، وأثارت المخاوف من أن تكون الدول الأخرى أقل طموحاً في مناقشة زيادة تمويل المناخ للدول النامية، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
اعترف المبعوث الأميركي بأن الإدارة الأميركية القادمة سوف «تحاول التراجع» عن التحرك المناخي، لكنه قال إن المدن والولايات الأميركية والمواطنين الأفراد سوف يعوضون ذلك.
وقال «بينما قد تعلق الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة تحت قيادة دونالد ترامب إجراءات مكافحة تغير المناخ، فإن العمل على احتواء تغير المناخ سيستمر في الولايات المتحدة بالالتزام والعاطفة والإيمان».
وأضاف «إن المعركة أكبر من انتخابات واحدة، ودورة سياسية واحدة في بلد واحد».
افتتحت محادثات باكو في وقت سابق من يوم الاثنين مع رئيس المناخ في الأمم المتحدة سيمون ستيل الذي حث البلدان على «إظهار أن التعاون العالمي ليس بالأمر الهين»، بدأت الأمور بداية صعبة، إذ أدت الخلافات حول الأجندة الرسمية إلى تأخير بدء الإجراءات الرسمية في مكان الاستاد بالقرب من بحر قزوين ساعات.
لكن في المساء، وافقت الحكومات على معايير جديدة للأمم المتحدة لسوق الكربون العالمية في خطوة رئيسية نحو السماح للدول بتداول الاعتمادات لتلبية أهدافها المناخية.
أشاد رئيس مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين مختار باباييف بـ«الإنجاز» بعد سنوات من المناقشات المعقدة، لكن هناك حاجة إلى المزيد من العمل قبل أن تُحَقق السوق المدعومة من الأمم المتحدة والتي طال انتظارها بالكامل.
ديون المناخ بين الشمال والجنوب العالمي
إن البند الرئيسي على جدول أعمال مؤتمر الأطراف كوب 29 هو زيادة هدف 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول النامية على الاستعداد لتفاقم تأثيرات المناخ واعتماد اقتصاداتها عن الوقود الأحفوري.
إن مقدار الأموال التي سيتم تقديمها، ومن سيدفع، ومن يمكنه الوصول إلى الأموال هي بعض نقاط الخلاف الرئيسية، فبعد أن أقر باباييف بأن الحاجة كانت «بالتريليونات»، قال إن «الهدف الأكثر واقعية» بمئات المليارات.
وقال المدير التنفيذي السابق لشركة النفط الوطنية الأذربيجانية في افتتاح القمة «هذه المفاوضات معقدة وصعبة».
حذرت الدول النامية من أنه دون التمويل الكافي، فإنها ستكافح لتقديم تحديثات طموحة لأهدافها المناخية التي يتعين على البلدان تقديمها بحلول أوائل العام المقبل.
وقالت تسنيم إيسوب، المديرة التنفيذية لشبكة العمل المناخي «إن الشمال العالمي مدين للجنوب العالمي بديون مناخية».
وأضافت «لن نترك مؤتمر الأطراف هذا إذا كان مستوى الطموح في التمويل لا يتناسب مع النطاق الذي يجب أن يتم به تقديم التمويل».
وحذر ستيل الدول الغنية من «التخلي عن أي فكرة مفادها أن تمويل المناخ هو صدقة».
وقال إن «الهدف الجديد الطموح لتمويل المناخ يصب بالكامل في مصلحة كل دولة، بما في ذلك الدول الأكبر والأغنى».
اتفاقية باريس في «خطر عظيم»
تريد المجموعة الصغيرة من الدول المتقدمة التي تسهم حالياً بالمال توسيع مجموعة المانحين لتشمل دولاً غنية أخرى وأكبر الدول المسببة للانبعاثات، بما في ذلك الصين ودول الخليج، وهو الأمر الذي رفضته بكين بشدة.
لن يحضر الاجتماع سوى عدد قليل من زعماء مجموعة العشرين التي تمثل بلدانها ما يقرب من 80 في المئة من الانبعاثات العالمية، ويبقى الرئيس الأميركي جو بايدن بعيداً.
ومع ذلك، فإن أفغانستان حاضرة لأول مرة منذ تولي طالبان السلطة، كضيوف على أذربيجان المضيفة للحدث، لكنها ليست طرفاً في المحادثات.
يأتي الاجتماع بعد تحذيرات جديدة من أن العالم بعيد كل البعد عن تحقيق أهداف اتفاقية باريس.
وقالت الأمم المتحدة يوم الاثنين إن عام 2024 من المرجح أن يحطم أرقاماً قياسية جديدة في درجات الحرارة، وأن أهداف اتفاقية باريس للمناخ أصبحت الآن «في خطر عظيم».
قالت منظمة الأرصاد الجوية العالمية التابعة للأمم المتحدة في تقرير جديد إن الفترة من 2015 إلى 2024 ستكون كذلك العقد الأكثر دفئاً على الإطلاق، إذ تلتزم اتفاقية المناخ بالحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة أقل من درجتين مئويتين، ويفضل أن تكون أقل من 1.5 درجة مئوية.
إذا تجاوز العالم هذا المستوى هذا العام، فلن يكون ذلك خرقاً فورياً لاتفاقية باريس التي تقيس درجات الحرارة على مدى عقود، لكن هذا يشير إلى الحاجة إلى عمل مناخي أكبر بكثير.
في الشهر الماضي، حذرت الأمم المتحدة من أن العالم يسير على مسار نحو ارتفاع كارثي في درجات الحرارة بمقدار 3.1 درجة مئوية هذا القرن بناءً على الإجراءات الحالية.
ومن المتوقع أن يحضر أكثر من 51 ألف شخص محادثات كوب 29 التي تستمر من 11 إلى 22 نوفمبر تشرين الثاني.