{{ article.article_title }}

{{ article.image_path && article.image_path.media_type !== '6' ? article.image_path.image_caption : '' }}
{{ article.image_path && article.image_path.media_type !== '6' ? article.image_path.image_caption : '' }}
author image clock

{{ article.author_name }}

{{ article.author_info.author_description }}

في لحظة فارقة لقطاع الذكاء الاصطناعي، فاجأت شركة صينية غير معروفة نسبياً العالم بطرح نموذج ذكاء اصطناعي يُنافس عمالقة التقنية في الولايات المتحدة بتكلفة أقل بكثير. هذه الخطوة أدّت إلى هزة اقتصادية كبيرة، وأثارت تساؤلات بشأن مستقبل الهيمنة الأميركية على هذا القطاع الحيوي.

«لحظة سبوتنيك» جديدة؟

عند الساعة 2:16 مساءً بتوقيت كاليفورنيا يوم الأحد الماضي، أعلن الملياردير والمستثمر الأميركي مارك أندريسن عبر منصة إكس «ديب سيك R1 هو لحظة سبوتنيك الخاصة بالذكاء الاصطناعي».

ما قصده أندريسن هو أن إطلاق هذا النموذج الصيني يعادل صدمة إطلاق الاتحاد السوفيتي للقمر الصناعي سبوتنيك 1 عام 1957، حين تفوقت موسكو فجأة على واشنطن في سباق الفضاء.

وجاء هذا الإعلان بعد أن كشفت شركة ديب سيك DeepSeek الصينية عن نموذج R1، الذي يتمتّع بكفاءة تضاهي كبرى النماذج الأميركية مثل GPT-4، ولكن بتكلفة تدريب لم تتجاوز 5.6 مليون دولار، مقارنة بالمليارات التي تنفقها شركات مثل أوبن إيه آي وغوغل وميتا، بحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية.

انهيار أسهم التكنولوجيا وخسائر ضخمة

رد فعل الأسواق كان سريعاً.. في اليوم التالي، شهدت شركات التكنولوجيا العالمية خسائر غير مسبوقة، وكان الأثر الأكبر على شركة إنفيديا، عملاق صناعة الرقائق، التي فقدت 600 مليار دولار من قيمتها السوقية في أكبر تراجع في تاريخها.

المستثمرون رأوا في ديب سيك تهديداً مباشراً للتفوق الأميركي في الذكاء الاصطناعي، إذ لم تعد الصين بحاجة إلى شراء كميات هائلة من الرقائق الأميركية المتقدمة، ما قلل الطلب على منتجات إنفيديا وغيرها من الشركات الأميركية.

هل تفوقت الصين على الغرب؟

مع تنامي المخاوف من استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات السيبرانية، وتطوير الأسلحة البيولوجية، ومراقبة المواطنين، أصبح السؤال الأكثر إلحاحاً؛ هل فقدت الولايات المتحدة تفوقها في هذا المجال؟

لم يكن إطلاق ديب سيك R1 مفاجئاً للخبراء، إذ كانت هناك مؤشرات على تقدمه منذ أشهر، خاصة بفضل قيادة ليانغ وينفينغ، رجل أعمال عمره 40 عاماً بدأ حياته في صناديق التحوط قبل أن يتحول إلى الذكاء الاصطناعي.

تقنية أقل تكلفة وأكثر كفاءة

بدلاً من الاعتماد على قوة الحوسبة الهائلة، استخدمت ديب سيك تقنيات مبتكرة جعلتها قادرة على تشغيل النموذج بكفاءة أعلى. فقد صُمِم النظام بحيث لا يعمل بكامل طاقته مع كل استعلام، بل ينشط الأجزاء المطلوبة فقط، ما قلل استهلاك الموارد.

بعبارة أخرى، ما يتطلب من الشركات الأميركية مليارات الدولارات، تمكنت ديب سيك من تحقيقه ببضعة ملايين فقط.

ردود الفعل العالمية.. إشادة وتحفظات

في لندن، أعرب وزير التكنولوجيا البريطاني بيتر كايل عن حماسه، لكنه رفض تحميل التطبيق الصيني، مدركاً أن أي بيانات تدخل قد تخضع لرقابة الحكومة الصينية، التي تُلزم الشركات المحلية كافة بالتعاون مع أجهزة الاستخبارات بموجب قانون الأمن القومي.

أمّا في الولايات المتحدة، فقد وقّع دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يدعو إلى «تعزيز ريادة أميركا في الذكاء الاصطناعي»، معتبراً أن إطلاق ديب سيك بمثابة إنذار لقطاع التكنولوجيا الأميركي.

هل سرقت ديب سيك التكنولوجيا الأميركية؟

لم يمر وقت طويل حتى بدأت أوبن إيه آي بالتحقيق بشأن احتمال قيام ديب سيك باستخدام تقنياتها بشكل غير قانوني.

وقال مستشار الذكاء الاصطناعي في البيت الأبيض، ديفيد ساكس «هناك أدلة قوية على أن ديب سيك قامت باستخلاص المعرفة من نماذج أوبن إيه آي، ولا أعتقد أن الشركة الأميركية سعيدة بذلك».

في البداية، رد مؤسس أوين إيه آي، سام ألتمان، بتصريح دبلوماسي قائلاً «إنه لأمر رائع أن نرى منافساً جديداً في السوق» ولكن في اليوم التالي، أعلنت شركته أنها تراجع مؤشرات على أن ديب سيك قد تكون استخدمت نماذجها بطريقة غير قانونية.

الرقابة الصينية على الذكاء الاصطناعي

إحدى المفارقات التي لفتت الانتباه أن ديب سيك، على الرغم من قوتها التقنية، لا تزال خاضعة للرقابة الصينية المشددة.

في البرازيل، أظهر أحد المستخدمين كيف بدأ النموذج بالإجابة عن سؤال بشأن حرية التعبير في الصين، قبل أن يحذف محتواه بالكامل ويطلب من المستخدم الحديث عن الرياضيات أو المنطق بدلاً من ذلك.

أين يتجه الذكاء الاصطناعي الآن؟

مع تزايد المخاوف بشأن الاحتكار الأميركي للذكاء الاصطناعي، يعتبر ظهور ديب سيك علامة على أن هذا المجال قد يصبح أكثر تنوعاً وتنافسية في السنوات المقبلة.

وقال المحلل الرئيسي في فورستر للأبحاث، مايك غوالتيري «هذه التقنية ستفتح الباب أمام العديد من الشركات الناشئة، لكنها ستجبر أيضاً اللاعبين الكبار في وادي السيليكون على تسريع تطويرهم»

الختام.. هل تغيرت قواعد اللعبة؟

بينما يواصل العالم تحليل تداعيات ديب سيك R1، يظل السؤال الأكبر هو: هل بدأت الصين فعلياً كسر الهيمنة الأميركية على الذكاء الاصطناعي؟

الإجابة قد لا تكون واضحة بعد، لكن الأكيد أن سباق الذكاء الاصطناعي دخل مرحلة جديدة تماماً، فيها المهارة قد تصبح أهم من القوة الحاسوبية الخام.