كشف تقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي في دول الخليج صادر عن مجموعة بوسطن الاستشارية العالمية BCG، بالتزامن مع أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي المنعقد في دبي بين 21-25 أبريل الجاري عن (BCG)، عن موقع دول الخليج في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
وقد صنّف التقرير كلاً من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ضمن فئة «المنافسين في مجال الذكاء الاصطناعي»، بفضل الاستراتيجيات الوطنية والبنية التحتية المتقدمة، في حين لا تزال بقية دول الخليج كقطر وعمان والبحرين والكويت تُصنف ضمن فئة «الممارسين» الذين أحرزوا تقدماً، لكن لا يزال أمامها طريق طويل.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
معايير التقييم
وأضاف الدكتور أكرم عوض، المدير الإداري والشريك في مجموعة بوسطن الاستشارية العالمية «BCG»، أن هذا التقرير يُبنى على المؤشر العالمي لجاهزية الذكاء الاصطناعي الذي يغطي 73 دولة في قياس نسبة جاهزيتها ضمن إطار ASPIRE القائم على عدة معايير.
وشرح أن هذه المعايير تتناول ستة أبعاد أساسية: التوجه الاستراتيجي العام من حيث الرؤية والطموح والكفاءات والتشريعات والنُظم والاستثمارات والبحث والتطوير والابتكار، وأخيراً جاهزية المنظومة بما فيها البنية التحتية وجاهزية القطاع العام والخاص.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وأشار التقرير إلى تسجيل دول الخليج معدلاً بلغ 4.6 من 5 في الطموح، ما يضعها على مقربة من الرواد العالميين مثل الولايات المتحدة والصين وسنغافورة، حيث إن معظم دول المنطقة لديها استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي وهيئات حكومية متخصصة.
وتتقدم الإمارات على مستوى المنطقة بوجود 7000 مختص بالذكاء الاصطناعي، ومبادرة استثمارية سيادية بقيمة 100 مليار دولار، إلى جانب أعلى معدل إنفاق سحابي للفرد. ومع ذلك، لا تزال الدولة متأخرة عن الرواد في إنتاج ابتكارات عالمية ذات تأثير كما ورد في التقرير.
وتستهدف السعودية التي يعمل فيها نحو 5000 متخصص في الذكاء الاصطناعي استثمارات بقيمة 20 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2030
وأطلقت قطر إرشادات حوكمة الذكاء الاصطناعي في 2024، ونشرت أكثر من 350 ورقة بحثية، أمّا البحرين فأنشأت أول أكاديمية للذكاء الاصطناعي في المنطقة، لكنها لا تزال في مرحلة مبكرة من حيث الاستثمار، فيما دمجت عمان الذكاء الاصطناعي في رؤية 2040، وتطمح إلى تدريب 10 آلاف عماني بحلول 2025.
ومن الجانب التنظيمي، أطلقت دول مثل السعودية وقطر مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وأطر حوكمة تواكب المعايير الدولية. أمّا على مستوى البنية التحتية، فهناك تطور ملحوظ خصوصاً في مراكز البيانات والتعاون بين القطاعين العام والخاص فضلاً عن جهود الكويت لوضع إطار تنظيمي متكامل.
وكشف التقرير أن الرؤية والطموح موجودان بقوة لدى دول الخليج، إنما تبقى التحديات في التنفيذ، بحسب التقرير.. المطلوب هو تطوير الكفاءات المحلية، وتعزيز البحث العلمي، وزيادة التمويل المخصص لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
فجوة الكفاءات
وأفاد عوض بأن الفجوة في الكفاءات تبقى أبرز التحديات الممتثلة أمام دول الخليج وتندرج على رأس القائمة، وفي هذا الإطار أفاد التقرير بأن دول الخليج سجّلت معدلاً بلغ 1.4 مقارنة بـ2.2 عالمياً، أمّا في معيار الاستثمار، فقد انخفض المعدل إلى 0.8.
وشرح عوض أن هذه الفجوة في الكفاءات والمهارات موجودة على المستوى العالمي أيضاً وتطول عدة جوانب بدءاً من المعرفة العامة في الذكاء الاصطناعي والنقص في الكفاءات المتخصصة والخبرات في تطوير الذكاء الاصطناعي.
ورأى عوض أن هذه النقطة من الأهمية بمكان معالجتها حتى تتمكن دول الخليج من التقدم في مؤشرات الجاهزية وللتأكد من أن الذكاء الاصطناعي يحقق قيمة حقيقية ملموسة تعالج التحديات المحددة لدول المنطقة ومن المهم أن تكون هناك منظومة بحثية ومنظومة للابتكار مرتبطة باحتياجات ومتطلبات المجتمع والاقتصاد المحلي.
واستشهد عوض باللغة العربية حيث أفاد بأن هناك تقدماً وأعمالاً واسعة لتطوير الذكاء الاصطناعي في مجال اللغة العربية إنما لا نزال متأخرين مقارنة باللغة الإنجليزية، وهذا تحدٍ يجب معالجته لتحقيق التطبيق الفعّال ووصول الذكاء الاصطناعي إلى المجتمعات والفئات كافة.
وبرأيه لا يمكن الاستناد إلى الحلول القادمة من الخارج خاصة في ما يتعلق بالقطاع الصحي، مناشداً بضرورة العمل على منظومات تشجّع على تطوير حلول وتوسيع نطاق استخدامها على المستوى المحلي.
التوصيات
وأوصى التقرير صُنّاع القرار في الخليج بضرورة تسريع تطوير الكفاءات، وتوسيع الوصول إلى البنى التحتية عالية الأداء، وتعزيز الشراكات بين الجامعات والقطاع الخاص. ودون ذلك، فإن المنطقة تخاطر بأن تفوتها موجة الابتكارات القادمة.
وشدد عوض من جهته على أهمية التشاركية في البيانات مشيداً بالتشريعات الخاصة بالبيانات من حيث الحماية والخصوصية موجودة بشكلٍ كبير في الإمارات والسعودية، وهناك تشريعات معقولة في ما يخص أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ولكن برأيه من المهم البناء عليها والانتقال الى تشريعات إضافية تشجّع التشاركية بين العاملين في القطاع نفسه أو بين القطاع العام والخاص والقطاعات المختلفة لفتح البيانات لتتحقق القيمة المشتركة في ما بينها.
كما ناشد عوض بضرورة تسهيل استقطاب الكفاءات والتطور الوظيفي لاختصاصي الذكاء الاصطناعي واصفاً ذلك عاملاً مشجّعاً على توسع تبني الذكاء الاصطناعي.
وأخيراً طالب بضرورة توفير فرص الأعمال للشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي لحل التحديات المرتبطة بالقطاع العام، حيث لا يتم الاعتماد فقط على الحلول القادمة من الشركات العالمية، ما يستتبع بناء قاعدة قوية من الشركات الناشئة التي يمكنها معالجة التحديات الحالية وتسريع تبني الذكاء الاصطناعي ثم الانتقال الى تغطية الحاجات سواء على مستوى الإقليم أو على المستوى العالمي.
وخلص التقرير إلى أن «الأسس موجودة لكن تحويل الطموح الوطني إلى تأثير عالمي يتطلب رهاناً استراتيجياً على الكفاءات، والبحث، والتكامل الإقليمي».
وفي ظل التحولات التي يصنعها الذكاء الاصطناعي في الاقتصادات، تقف دول الخليج اليوم أمام مفترق طرق؛ إمّا أن تكون مجرد متبنين طموحين، وإمّا رواداً حقيقيين في الثورة التكنولوجية القادمة.. والمرحلة التالية لن تُحسم بالرؤية وحدها، بل بعمق التنفيذ.