GETS 2025: الثورة الصناعية الخامسة بدأت.. فهل تسبقها الحوكمة؟

في زمن تتسارع فيه وتيرة الابتكار وتتنامى فيه قدرة الآلة على اتخاذ القرار، لم تعد الأسئلة الكبرى بشأن الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تقتصر على المختبرات، بل أصبحت مادةً للحوار القانوني والسياسي والأخلاقي، هذا ما أكّدته قمة حوكمة التقنيات الناشئة (GETS 2025)، التي انعقدت على مدار يومين في جزيرة السعديات بأبوظبي، وجمعت أكثر من 500 مشارك من قادة الحكومات والمشرعين وخبراء التقنية من أنحاء العالم.

نظم الحدث مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة (ATRC)، بالتعاون مع النيابة العامة الاتحادية كشريك استراتيجي لإرساء أسس استراتيجيات الحوكمة العالمية ومستقبل التقنيات الناشئة في قطاعات رئيسية مثل العدالة الجنائية والرعاية الصحية والتمويل والصناعات الإبداعية تحت شعار "نَحو حَوكمَة فعّالة للتقنيات الناشئة واقتصاد رقمي آمن".

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

الثورة الصناعية الخامسة

في الوقت الذي لا يزال فيه العالم يتلمّس مخرجات «الثورة الصناعية الرابعة»، التي أعادت تشكيل الاقتصاد من خلال الأتمتة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، بدأت ملامح ما يُعرف بـ"الثورة الصناعية الخامسة" تفرض نفسها على أجندات الحكومات والمؤسسات التقنية، ليست الثورة الخامسة مجرّد امتداد تكنولوجي لسابقتها، بل تحوّل جذري في فلسفة الابتكار، فهذه التسمية هي مقترح مستقبلي يصف مرحلة التكامل بين الإنسان والآلة حيث تعمل التقنيات المتقدمة كالذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة لخدمة الإنسان وليس لاستبداله تكون مبنية على فكرة الشراكة والقيم والحوكمة التي تحكمها.

ويبرز الفضاء السيبراني كميدان جديد للصراع السيادي لذلك حذّر رئيس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات، الدكتور محمد الكويتي، من تصاعد التهديدات الرقمية: لا تعد الجريمة اختراقاً فقط، بل سلاحاً يمس السيادة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وأكد أن التهديدات السيبرانية لم تعد مسألة تقنية، بل مسألة تتعلق بالسيادة الوطنية، وأن الحوكمة هي أساس بهدف تحقيق سيادة رقمية مشيراً إلى أهمية إيجاد أنظمة استجابة قانونية مرنة وسريعة لمواكبة التهديدات في فضاء رقمي يتحرك بسرعة تفوق التشريع التقليدي.

وأشار إلى أن الحوكمة في الثورة الصناعية الخامسة لا يمكن أن تقتصر على أخلاقيات المبرمج، بل يجب أن تشمل أنظمة دفاع سيادية قادرة على حماية البنية الرقمية للدولة، وأن هذا ما تتحضر له الإمارات في بنيتها التكنولوجية والذكية.

من يحاسب الآلة؟

شدد رئيس نيابة بمكتب الاتحاد النيابة العامة الإمارات ورئيس اللجنة العليا المنظمة لحوكمة التكنولوجيات الناشئة GETS، المستشار سالم علي الزعابي على أن الخوف ليس من الذكاء الاصطناعي بل بمن يبرمجه موضحاً أنه ليس هناك من وصفة سحرية لتفادي الانحياز الخوارزمي بل الأمر منوط بمطوري هذه التكنولوجيا الذي عليه أن يدرك أهمية الأخلاق وحقوق الإنسان عند تطويره للأكواد لتحقيق العدالة واحترام الحقوق.

وبرأيه أن الحوكمة تبدأ منذ اللحظة الأولى وعند تصميم وتطوير التكنولوجيا مشدداً على أهمية هذه القمة لنشر الوعي والمعرفة على هذا الصعيد.

وأكد الزعابي أن الثقة ركيزتها المسألة، لكن هذه المسألة لا تبنى لوحدها داعياً إلى تكثيف التعاون بين أصحاب المصلحة كافة.

وقال إن هذه القمة ستضع خارطة طريق وتفتح نقاشاً عالمياً حول المسؤولية المشتركة في توجيه مستقبل التكنولوجيا، وأفاد بأن هذه دعوة إلى كل من يكتب الكود، ويصوغ التشريعات، ويبتكر النماذج، كي يعملوا ضمن منظومة واحدة تُعيد للإنسان مركزية القرار.

فالآلة تتطوّر، لكن الحوكمة، إن لم تواكبها، فقد تتحوّل التكنولوجيا إلى خطرٍ بأيدٍ بريئة.