قلَّصت «ميتا» عدد العاملين في فِرقها التي تتعامل مع المعلومات المضللة ومكافحة حملات التصيُّد والمضايقات على منصاتها، وذلك وفقاً لما قاله أشخاص على دراية مباشرة بالوضع لشبكة CNN، ما أثار مخاوف قبل انتخابات الرئاسة الأميركية 2024.

قال شخص مطّلع على الأمر إن العديد من أعضاء الفريق الذي تصدى للمعلومات الخاطئة والمضللة في منتصف مدة الرئاسة الأميركية لعام 2022 تم تسريحهم في الخريف الماضي وهذا الربيع، هؤلاء الموظفون هم جزء من فريق عالمي يعمل على جهود «ميتا» لمواجهة حملات التضليل التي تسعى إلى زعزعة الثقة أو زرع الارتباك حول الانتخابات.

تأتي هذه الأخبار في الوقت الذي تحتفل فيه «ميتا»، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام، بالنجاح الذي لا مثيل له لمنصة «ثريدز» الجديدة الخاصة بها، والتي تجاوزت 100 مليون مستخدم بعد خمسة أيام فقط من إطلاقها وفتح طريق جديد محتمل للمستخدمين السيئين.

لم يحدد المتحدث باسم «ميتا»، عند سؤاله، عدد الموظفين الذين تم استبعادهم من فرقها العاملة في تنظيم عملية الانتخابات عبر المنصات، وقال المتحدث في بيان لشبكة CNN مساء الاثنين، «إن حماية انتخابات 2024 في الولايات المتحدة هي إحدى أولوياتنا القُصوى، وما زالت جهودنا المتعلقة بالنزاهة تقود هذه الصناعة».

ولم يرد المتحدث الرسمي على أسئلة CNN حول الموارد الإضافية التي طُوعت لمراقبة منصتها الجديدة وإدارتها، وبدلاً من ذلك، قالت ميتا إن عملاق وسائل التواصل الاجتماعي استثمر 16 مليار دولار في التكنولوجيا وفرق العمل منذ عام 2016 لحماية مستخدميها.

لكن قرار تسريح الموظفين قبل عام 2024، عندما لا تُجرى الانتخابات في الولايات المتحدة فحسب، بل أيضاً في تايوان وأوكرانيا والهند وأماكن أخرى، أثار مخاوف بين أولئك الذين لديهم معرفة مباشرة بعمل «ميتا» بشأن نزاهة الانتخابات.

وتجعل الطبيعة المتباينة لعمل «ميتا» في الانتخابات من الصعب على العاملين داخل الشركة تحديد عدد الأشخاص الذين يمثلون جزءاً من هذا الجهد على وجه التحديد، وقال شخص مطّلع على أعداد الوظائف المخفضة لدى «ميتا» لشبكة CNN إن إحدى مجموعات الموظفين المعنيين التي تضررت بشدة من عمليات التسريح كانت متخصصة في «مراجعة المحتوى»، من الذين يراجعون يدوياً المنشورات المتعلقة بالانتخابات والتي قد تنتهك شروط خدمة «ميتا».

وقال الشخص الذي تحدَّث بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مصرح له بالتحدث إلى الصحافة، إن «ميتا» تحاول التعويض عن هذا النقص الناتج عن خفض الوظائف من خلال الكشف الاستباقي للحسابات التي تنشر معلومات كاذبة متعلقة بالانتخابات.

وقد استُثمر عملاق وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة لسنوات في عمل فرق من الأفراد لكشف ومنع شبكات معقدة ومنسقة من الحسابات المزيفة، وبدأ هذا «السلوك غير المشروع المنسق»، كما تسميه ميتا، في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2016 عندما نفذت عملية هجوم إلكتروني سيئة السمعة مرتبطة بالحكومة الروسية على فيسبوك.

يُنظر إلى الفريق المكلف بمكافحة حملات التأثير، والذي يضم مسؤولين سابقين بالحكومة والمخابرات الأميركية، على أنه الأكثر قوة في صناعة وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرت الشركة تقارير ربع سنوية في السنوات الأخيرة تكشف عن الحكومات والكيانات الأخرى التي تبيّن أنها كانت تدير حملات سرية تدفع بالمعلومات المضللة على منصات «ميتا».

وقال شخص آخر مطلع على الوضع إنه يجب على تلك الفرق التي تحقق في حملات التضليل الآن إعطاء الأولوية للحملات والدول التي يجب التركيز عليها، وهي مخاطرة قد تؤدي لمرور بعض التجاوزات الأخرى دون ملاحظتها، لكن أكد المصدر أن «ميتا» لا يزال لديها فريق متخصص من المهنيين المختصين في هذه القضايا، وكثير منهم يحظى باحترام واسع في مجتمعات الأمن السيبراني ومعلومات الإنترنت.

وقال شخص آخر لديه معرفة مباشرة بجهود مكافحة التضليل في «ميتا» لشبكة CNN، إنه في حين أن الذكاء الاصطناعي والأنظمة الآلية الأخرى يمكن أن تساعد في الكشف عن بعض هذه الجهود، فإن الكشف عن شبكات المعلومات المضللة المعقدة لا يزال «عملية يدوية للغاية» تنطوي على تدقيق مكثف من قبل الموظفين الخبراء، بالإضافة إلى فريقها الداخلي.

تعتمد «ميتا» وشركات الوسائط الاجتماعية الأخرى على نصائح من الأكاديميين والباحثين الآخرين المتخصصين في مراقبة شبكات المعلومات المضللة السرية، إذ قال دارين لينفيل، الأستاذ المتخصص بجامعة كليمسون، إنه أرسل إلى الشركة نصائح قيمة في الأشهر الأخيرة، لكن وقت استجابة «ميتا» تباطأ بشكل كبير.

وقال لينفيل، الذي يتمتع بسجل حافل في تحديد الحسابات السرية على الإنترنت بنجاح، بما في ذلك المساعدة في الكشف عن جهود التدخل الروسية في الانتخابات في إفريقيا في عام 2020، إن «ميتا» أزالت مؤخراً شبكة من الحسابات باللغة الروسية كانت تنشر محتوى مؤيداً ومعادياً لأوكرانيا على «فيسبوك» و «إنستغرام»، وأكد أنهم أرادوا نشر الغضب والكراهية في جانبي الأطراف.

وقد أُطلق تطبيق « ثريدز» الخميس الماضي، وحقق نجاحاً فورياً مع توافد المشاهير والسياسيين والصحفيين على المنصة، ويرتبط التطبيق الجديد على غرار «تويتر» بحسابات «إنستغرام» الحالية للمستخدمين، بدلاً من ربطه مباشرةً بـ«فيسبوك»، ويشارك « ثريدز» حالياً معايير المجتمع نفسها مثل «إنستغرام»، لكن الأنظمة الأساسية تختلف في الأمور المتعلقة بأساليب «ميتا» لمكافحة المعلومات المضللة.

تطبق «ميتا» أيضاً التصنيفات على الحسابات التي تسيطر عليها الدولة على «فيسبوك» و«إنستغرام»، مثل وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية و«سي سي تي في» الصينية، ومع ذلك، لا تظهر هذه التصنيفات في الحسابات التي تسيطر عليها الدولة في التطبيق الجديد «ثريدز».

أيضاً جاء إيلون ماسك، الملياردير الذي اشترى «تويتر» العام الماضي، ليضرب بعرض الحائط قواعد تلك المنصة، ودمَّر الفريق الذي عمل على تنفيذ السياسات المصممة لمكافحة جهود التضليل.

أعلن موقع «يوتيوب»، الذي أجرى أيضاً خفضاً في الوظائف الشهر الماضي أنه سيسمح بمقاطع الفيديو التي تظهر الادعاء الكاذب بأن الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020 قد سُرقت، وذلك على عكس سياستها السابقة.

يأتي هذا التراجع عن القواعد في الوقت الذي يحقق فيه مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، في التفاعلات بين شركات التكنولوجيا والحكومة الفيدرالية.

(دوني أوسوليفان وشون لينجاس CNN)