بفضل وسائل الذكاء الاصطناعي الحديثة، تمكنت قوات الإطفاء في ولاية كاليفورنيا من السيطرة على حريق في إحدى الغابات النائية قبل انتشاره بشكل خارج عن السيطرة.

ويستخدم رجال الإطفاء في كاليفورنيا تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة على اكتشاف حرائق الغابات عبر نشر أكثر من ألف كاميرا موزعة بشكلٍ استراتيجي في جميع أنحاء الولاية، وهو ما أطلقت عليه اسم برنامج «آليرت كاليفورنيا إيه أي» الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الماضي.

وبفضل هذا النظام المتطور، تمكنت الكاميرات من رصد حريق اندلع في وقتٍ سابق في الساعة الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلي في غابة كليفلاند الوطنية النائية على بُعد 50 ميلاً (80 كم) شرق «سان دييغو».

وأصدر البرنامج تحذيراً بالحريق، لتسرع الولاية باستدعاء 60 من رجال الإطفاء وسبعة محركات وجرَافتين وخزان مياه، ليتم إطفاء الحريق في غضون 45 دقيقة فقط بعدما كان مرشحاً للانتشار بشكلٍ هائل وخارج عن السيطرة.

الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحرائق
أطلق برنامج الذكاء الاصطناعي تنبيهات مبكرة، ما أسهم في السيطرة على الحريق قبل خروجه عن السيطرة

الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحرائق

ويعتمد البرنامج على توزيع 1038 كاميرا في أماكن متفرقة من الولاية، كل واحدة منها قادرة على الدوران 360 درجة.

ويأمل قسم الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا «كال فاير» في أن تصبح هذه التقنية المتطورة نموذجاً يحتذى في الولايات والدول الأخرى، خاصة مع انتشار حرائق الغابات المدمرة بشكلٍ غير مسبوق حول العالم، بدايةً من هاواي وكندا حتى دول البحر المتوسط.

الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحرائق
يعتمد البرنامج على 1038 كاميرا موزعة في جميع أنحاء الولاية

الحريق الأكثر دموية في تاريخ أميركا

ويأتي الحديث عن دور الذكاء الاصطناعي في منع حرائق الغابات في وقت تواجه فيه مقاطعة «ماوي» بولاية هاواي الأميركية أزمة إنسانية غير مسبوقة بعد أن تسببت حرائق الغابات في مقتل 93 شخصاً يوم السبت، ما يجعلها أكثر حرائق الغابات دموية في تاريخ الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن.

ومن المُرجح أن يرتفع عدد الضحايا مع استمرار أعمال البحث عن الجثث تحت الأنقاض في منطقة «لاهاينا».

وبلغت الأضرار ذروتها بعد أربعة أيام من الحريق سريع الانتشار الذي أدّى إلى تدمير المباني وذوبان السيارات والتسبب في أضرار بالغة للمنطقة التاريخية.

الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحرائق
تسببت حرائق الغابات في مقتل 93 شخصاً يوم السبت في مقاطعة «ماوي» بولاية هاواي الأميركية

وتُقدر تكلفة إعادة إعمار «لاهاينا» بـ5.5 مليارات دولار بعد تدمير أكثر من 2200 مبنى واحتراق أكثر من 2100 فدان (850 هكتاراً)، وفقاً للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ.

وحذّر حاكم هاواي جوش جرين في مؤتمر صحفي ظهر السبت، من أن عدد القتلى سيستمر في الزيادة مع اكتشاف المزيد من الضحايا تحت الأنقاض.

وأوضح جون بيليتيير، رئيس شرطة مقاطعة «ماوي»، أن عمليات التنقيب عن الضحايا لم تغطِ سوى ثلاثة في المئة فقط من منطقة البحث.

وتعهد المسؤولون بفحص أنظمة الإنذار بعد توجيه اتهامات لهم بعدم انطلاق صافرات الإنذار قبل وقت كافٍ لتحذير السكان الذين فوجئوا باجتياح الحريق لمنازلهم، ما أجبر البعض على القفز في المحيط هرباً من النيران.

الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحرائق
قُدرت تكلفة إعادة بناء «لاهاينا» بـ5.5 مليار دولار

أسوأ كارثة طبيعية في هاواي

يمثّل الحريق الذي اندلع يوم الثلاثاء الماضي، أسوأ كارثة طبيعية في هاواي، متجاوزاً «التسونامي» المدمر الذي أودى بحياة 61 شخصاً عام 1960، بعد عام من تحول هاواي إلى ولاية أميركية.

تجاوز الرقم الأخير للضحايا عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في حريق عام 2018 في بلدة «بارادايس» بكاليفورنيا، وعددهم 85 شخصاً، وكان أعلى عدد لضحايا حرائق الغابات منذ عام 1918، عندما أودى «حريق كلوكيه» بحياة 453 شخصاً.

ولا يزال مئات الأشخاص في عداد المفقودين، ولم يتضح حتى الآن العدد الدقيق للضحايا.

بدأت الكارثة بعد منتصف ليل الثلاثاء بقليل عندما أُبلغ عن حريق في مدينة كولا، على بُعد نحو 35 ميلاً (55 كم) من «لاهاينا».

بعد نحو خمس ساعات، انقطعت الكهرباء في لاهاينا، ونشرت المقاطعة سلسلة من أوامر الإخلاء على «فيسبوك»، على الرغم من أنه لم يتضح ما إذا كان السكان كان لديهم الوقت لاستقبالها لأن الكثير منهم كان قد فر بالفعل من النيران المتسارعة.

قال بعض الشهود إنهم لم يتلقوا تحذيرات تذكر ووصفوا الرعب الذي أصابهم بعد الدمار الهائل الذي تسبب به الحريق للبلدة المحيطة بهم.

الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحرائق
يمثل الحريق الذي اندلع يوم الثلاثاء الماضي، أسوأ كارثة طبيعية في هاواي

دقة الذكاء الاصطناعي

ويدور الأمل حول الذكاء الاصطناعي للحد من خسائر هذه الكوارث المدمرة، وترى سوزان لينينغر، أخصائي الاستخبارات في قسم الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا، أن برنامج الذكاء الاصطناعي للحد من الحرائق قابل للتطبيق بنسبة 100 في المئة في جميع أنحاء العالم، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتصاعدة.

جزء من عمل لينينغر هو مساعدة الآلة على التعلم، إذ تراجع مقطع فيديو سُجل مسبقاً من شبكة الكاميرا لما يعتبره الذكاء الاصطناعي حريقاً، ثم تخبر الجهاز ما إذا كان صحيحاً أم لا.

فهناك العديد من الظواهر التي قد تفسّرها الآلة على سبيل الخطأ على أنها حريق ينتشر، مثل تكاثف السحب والغبار والعوادم المنبعثة من الشاحنات.

لكن مع قيام مئات المتخصصين بتكرار التمرين، أصبح الذكاء الاصطناعي في غضون أسابيع قليلة أكثر دقة في تفسير الظواهر المحيطة.

بالإضافة إلى مشاهد الكاميرات، يجمع برنامج الذكاء الاصطناعي أيضاً كميات هائلة من المعلومات الإضافية المفيدة، بما في ذلك مسح جوي لتحديد الغطاء النباتي الذي قد يغذّي الحرائق المستقبلية.

الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الحرائق
برنامج الذكاء الاصطناعي للحد من الحرائق قابل للتطبيق بنسبة 100 في المئة في جميع أنحاء العالم