تواجه صناعة الرقائق مستقبلاً مجهولاً في ظل التوترات القائمة بين الصين وتايوان -ثاني أكبر لاعب بقطاع صناعة الرقائق- إلى جانب الصراع الجيوسياسي بين الصين وأميركا، الذي كانت حرب الرقائق جزءاً كبيراً منه.

وعلى الرغم من اتجاه الطلب للتراجع، فإن الطلبيات الخاصة بالرقائق من صانعي السيارات تعوض خسائر شركات صناعة الرقائق الناجمة عن الحرب التجارية بين الصين وأميركا وتباطؤ معدلات الطلب على الإلكترونيات الشخصية.

وتشهد سوق الرقائق العالمية تقلبات عديدة أبرزها انخفاض أسهم العديد من الشركات على الرغم من ارتفاع مبيعاتها عالمياً بعد ارتفاع الطلب على الرقائق، بينما أعلن البعض منها عن نظرة متحفظة للسوق خلال العام الحالي.

إس تي مايكرو تتوقع انخفاضاً بالمبيعات خلال الربع الأول من 2024

توقعت شركة صناعة الرقائق الأوروبية إس تي مايكرو انخفاض إيراداتها بنحو 15 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي ما يعد أقل بكثير من توقعات السوق بانخفاض طلبات القطاع الصناعي.

وقالت الشركة التي تمتلك قاعدة عملاء تشمل شركات تسلا وأبل، إنها تتوقع أن تصل خلال الربع الأول إلى 3.6 مليار دولار مقابل 4.25 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2023 ما يعد أقل بنحو 11 في المئة عن توقعات المحللين.

وبحسب بيانات ريفنيتيف سجلت أسهم الشركة انخفاضاً يوم الثلاثاء الثلاثين من يناير كانون الثاني ليصل سعر السهم إلى 41.09 يورو بينما بلغ سعر السهم عند إغلاق جلسة الرابع والعشرين من يناير كانون الثاني 42.35 دولار.

وبلغ صافي أرباح الشركة خلال الربع الرابع من العام الماضي نحو 4.28 مليار دولار أقل من توقعات المحللين عند 4.30 مليار دولار، كما انخفض الدخل التشغيلي للشركة بنحو 20 في المئة إلى 1.02 مليار دولار.

وتعتزم إس تي مايكرو استثمار نحو 2.5 مليار دولار في النفقات الرأس مالية خلال العام الحالي، كما تستهدف إيرادات تتراوح بين 15.9 و16.9 مليار دولار في 2024.

أسهم إيه إس إم إل ترتفع بدعم من ارتفاع الطلب

في المقابل ارتفعت أسهم إيه إس إم إل الهولندية لمستوى قياسي بدعم من ارتفاع الطلب ليصل سعر السهم إلى 804 يوروهات بعد أرباح الربع الرابع التي فاقت التوقعات وتراكم الطلبات المتزايد الذي يشير إلى انتعاش سوق رقائق الكمبيوتر.

وحافظت أكبر شركة تكنولوجية أوروبية قيمة سوقية على توقعاتها للمبيعات الثابتة في عام 2024 مع الإبقاء على نظرة متحفظة للسوق خلال 2024 على خلفية مواجهتها قيوداً في مبيعاتها بالصين.

وبحسب بيانات بورصة لندن ارتفع صافي ربح الشركة بنحو 9 في المئة خلال الربع الرابع من عام 2023 ليصل إلى ملياري يورو، كما ارتفعت مبيعاتها إلى 7.2 مليار يورو متجاوزة توقعات المحللين عند مستوى 6.9 مليار يورو.

ولفتت إيه إس إم إلى أنها قد تلقت طلبات بقيمة 5.6 مليار يورو لآلات الأشعة فوق البنفسجية الخاصة بها التي تتضمن طلبيات لآلات (إي يو في) الجديدة.

وأوضحت الشركة أن مبيعاتها بالسوق الصينية -ثالث أكبر سوق للشركة بعد كوريا الجنوبية وتايوان- من شأنها أن تنخفض بنحو 15 في المئة خلال عام 2024 بسبب قيود التصدير الأميركية الهولندية إلى الصين.

ألمانيا مرشحة لصدارة السوق العالمية

من جانبه قال رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لصناعة السيليكون، محمد سالم، إن قطاع صناعة الرقائق لن يشهد تغييرات جذرية في الأسواق المصدرة للرقائق خلال العام الحالي، لافتاً إلى أن الصناعة من شأنها أن تنتقل إلى بلدان أخرى لكن لن يحدث هذا قبل عدة سنوات.

وأشار في مداخلته مع «CNN الاقتصادية» إلى أن أبرز البلدان المرشحة بقوة لصدارة مشهد صناعة الرقائق هي ألمانيا التي رصدت نحو 20 مليار يورو لنقل تكنولوجيا صناعة الرقائق لديها إلى جانب أميركا التي رصدت نحو 50 مليار دولار للتوسع في طاقتها الإنتاجية.

الدول المهيمنة على سوق الرقائق

وأرجع سالم تراجع أسهم شركات صناعة الرقائق إلى تراجع الطلب على الإلكترونيات الاستهلاكية مثل الهواتف المحمولة، ما يؤدي في النهاية إلى تراجع الطلب على الرقائق، مؤكداً أنها صناعة استراتيجية وتستخدم كمكون رئيسي بالعديد من المنتجات والصناعات وتسعى العديد من الدول إلى امتلاك سلاسل الإنتاج الخاصة بها.

وحول حرب الرقائق بين الصين وأميركا لفت سالم إلى أن الصين على الرغم من كونها أحد اللاعبين المؤثرين بالقطاع، فإن أميركا وتايوان تظلان متفوقتين عليها فيما يخص تطوير الصناعة، إذ لا تزال الصين تنتج الرقائق التي تعمل بتكنولوجيا 16 نانومتر وعلى وشك الوصول إلى تكنولوجيا تتراوح بين 8 و7 نانومتر بينما تنتج كل من تايوان وأميركا رقائق بدأت على تطوير بتكنولوجيا واحد نانومتر.

يذكر أن وحدة قياس النانومتر تعمل على قياس طول بوابة الترانزستور، وكلما صغر حجم البوابة زاد قدرتها إمكاناتها على القيام بعمليات أكثر تعقيداً ودقة.

وأكد سالم أن تايوان تعد أكبر منتج للرقائق في العالم إذ تنتج نحو 60 في المئة من الرقائق على مستوى العالم وفي حالة تصاعد الصراع بين كل من الصين وتايوان سيصاب العالم بحالة من الشلل ما يؤدي إلى رجوعه سنوات إلى الوراء، مبيناً أن أحد أسباب التوترات الجيوسياسية بين أميركا والصين هي رغبة كلا الجانبين في الاستحواذ على إنتاج تايوان من الرقائق.

الاتحاد الأوروبي ينضم للصراع

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في شهر أكتوبر تشرين الأول الماضي عن الإجراءات التي ستتخذها بروكسل لمواجهة السياسة العدوانية التجارية الخاصة بالصين، وتتضمن إجراءات الاتحاد الكشف عن قائمة التكنولوجيات الحساسة التي يجب إبعادها عن أيدي بكين.

وتعمل بروكسل على بناء ترسانة تجارية لحماية التكتل من تصرفات الدول المنافسة، كما ستنشر المفوضية الأوروبية قائمة بالتقنيات الحيوية التي يجب ألا تتاح للدول التي يخشى الاتحاد الأوروبي من أنها قد تضر سواء بالأمن الوطني أو مصالح دول المجموعة، وتتضمن الحوسبة الكمومية وأشباه الموصلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي.