فرض الاتحاد الأوروبي، يوم الخميس، تعديلات واسعة على التشريعات المنظّمة للمنتجات التكنولوجية الأكثر استخداماً في العالم، بما في ذلك متجر أبل، ومنصة غوغل للبحث، وتطبيق واتساب التابع لشركة ميتا.

ويمثل القانون الجديد نقطة تحول في الجهود العالمية للسيطرة على نفوذ أباطرة التكنولوجيا عقب سنوات من الاتهامات الموجهة إليهم باحتكار المنافسة والتأثير على المستهلكين.

وبادرت كبرى شركات التكنولوجيا بالإعلان عن امتثالها للقانون الأوروبي الجديد، ومن بينها شركة أبل التي كشفت عن خطط للسماح للمستخدمين الأوروبيين بتنزيل تطبيقات آيفون عبر متاجر تطبيقات تابعة لجهات خارجية؛ ما يخفف من إحكام قبضتها على نظام التشغيل (آي أو إس) لأول مرة منذ ظهور متجر التطبيقات قبل 15 عاماً.

كيف استقبلت شركات التكنولوجيا قانون الأسواق الرقمية الجديد؟

من جهتها، قالت غوغل إنها ستغير آلية نتائج البحث لجذب المزيد من الزيارات إلى مواقع التسوق المستقلة أو مواقع حجز السفر، بدلاً من توجيه المستخدمين نحو غوغل فليتس أو الأدوات الأخرى التي تمتلكها، على أن تسمح لمستخدمي أندرويد باختيار محرك البحث والمتصفح المفضل من قائمة الخيارات عند إعداد أجهزتهم لأول مرة، بدلاً من توجيههم تلقائياً إلى متصفح غوغل كروم، ما يتيح الفرصة لظهور المتصفحات المنافسة الأخرى مثل أوبرا وبينغ، وغيرها.

في الوقت نفسه، قد يتمكن مستخدمو تطبيقات المراسلة -مثل سيغنال وفايبر- قريباً من إرسال رسائل الدردشة مباشرة إلى مستخدمي الواتساب وماسنجر، بموجب متطلبات الانفتاح الجديدة المفروضة على عملاق الوسائط الاجتماعية (ميتا).

ومن المحتمل أن تقوم منصات خدمات البث المباشر -مثل سبوتيفاي ونتفليكس- بالسماح بالترويج لعروض الخصومات داخل تطبيقاتها لمن يشترون الاشتراكات عبر مواقع الخدمات الإلكترونية الأخرى، بدلاً من الاقتصار على أنظمة الدفع المدمجة التي كانت تفرضها متاجر التطبيقات في السابق.

على جانب آخر، أبدت بعض شركات التكنولوجيا قلقها من قانون الأسواق الرقمية الجديد، محذرة من أنه قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة.

على سبيل المثال، قالت غوغل هذا الأسبوع إن التغييرات التي أدخلتها على نتائج البحث استجابة للقانون، من شأنها توجيه عمليات البحث إلى مجموعات قوائم السفر أو المطاعم بدلاً من الفنادق الفردية وشركات الطيران والمطاعم وتجار التجزئة.

وأوضحت أبل أن متطلبات دعم متاجر تطبيقات الطرف الثالث قد تعرض مستخدمي (آي أو إس) لكميات أكبر من البرامج غير المرغوب فيها أو البرامج الضارة، وذلك بسبب ضعف سيطرة أبل على مطوري التطبيقات الآخرين.

اتهامات بالاحتكار

وتأتي التشريعات الجديدة استجابة للاتهامات المتزايدة لأباطرة التكنولوجيا باحتكار الأسواق وانتهاك قوانين المنافسة.

على سبيل المثال، نشرت (إبيك غيمز) يوم الأربعاء رسائل بريد إلكتروني تظهر أن شركة أبل منعت طلبها هذا الشهر لإطلاق متجر تطبيقات تابع لجهة خارجية على نظام (آي أو إس) في أوروبا.

وفي شكوى مقدمة إلى مسؤولي الاتحاد الأوروبي، قالت (إبيك) إن شركة أبل بررت القرار بانتهاك الأولى المتعمد السابق لشروط متجر تطبيقات أبل.

وقال تيم سويني، الرئيس التنفيذي لشركة أبيك غيمز، إنه إذا سُمح لقرار شركة أبل بالاستمرار، فهذا يعني أن عمالقة التكنولوجيا يمكنهم إحباط المنافسة وتقويض القانون.

أما شركة أبل، فقالت في بيان إن أحكام القضاء الأميركي السابقة أيدت حقها في قطع العلاقات مع (إبيك غيمز) لأي سبب.

الموعد النهائي للامتثال للقانون

ويعتبر يوم الخميس الفرصة الأخيرة للشركات لتقديم خطط مفصلة إلى المفوضية الأوروبية توضح كيفية امتثالها للقانون.

وبعد مراجعة الخطط -التي قد تستغرق أسابيع أو شهوراً- يمكن للجنة بدء التحقيق مع الشركات المشتبه في عدم امتثالها، لكن تلك التحقيقات قد تستمر لمدة تصل إلى عام.

وحتى بعد مراجعة الخطط، يظل بإمكان اللجنة إجراء تحقيقات الامتثال في أي وقت، خاصة إذا تلقت شكاوى من المستخدمين.

وفي حديث لشبكة CNN، قالت رابطة صناعة الكمبيوتر والاتصالات -وهي مجموعة تجارية تمثل أربعاً من الشركات الست المعروفة باسم (حراس البوابة الإلكترونية)- إن المنظمين يحتاجون للإسراع بوتيرة المراجعة قدر الإمكان، والشركات الأربع هي أمازون وأبل وغوغل وميتا.

وحذَّرت الرابطة من أن يؤدي قانون الأسواق الرقمية إلى إحباط المستخدمين من خلال إجبارهم على إجراء تحديثات لا يرغبون بها أو تغييرات لا يفضلونها.

قانون الأسواق الرقمية

ويصنف قانون الأسواق الرقمية الشركات التي يتجاوز عدد مستخدميها 45 مليون مستخدم شهرياً، وتبلغ قيمتها السوقية 75 مليار يورو (81 مليار دولار) باعتبارهم (حراس بوابة)، وهو مصطلح يشير إلى المنصات الكبرى التي تسيطر على خدمات البحث عبر الإنترنت أمام المستخدمين.

وبموجب القانون، فإنه بدءاً من 7 مارس آذار سيُطلب من هذه الشركات السماح للتطبيقات الخاصة بها بالتفاعل مع المنافسين، مع السماح للمستخدمين بتحديد التطبيقات التي سيتم تثبيتها مسبقاً على أجهزتهم.

وكانت المفوضية الأوروبية قد حذَّرت من أن النفوذ الاقتصادي الهائل للشركات الكبرى -أمثال ألفابت و أبل وميتا ومايكروسوفت- يمكنها من التأثير في الاقتصاد الرقمي، داعية لضرورة وضع قواعد صارمة لكبح هذا النفوذ مع ضمان حماية حرية الاختيار للمستخدمين.

(براين فانغ – CNN)