«من سيقود سباق الذكاء الاصطناعي سيقود المستقبل»، بهذه الكلمات أكد عمر العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد في الإمارات، في عام 2019 أهمية الذكاء الاصطناعي.

واليوم، بعد مرور أكثر من أربع سنوات، تعمل الإمارات على عدة مبادرات لتطوير هذا المجال، كان أحدثها إعلان تأسيس شركة استثمارية تكنولوجية تحمل اسم «إم جي إكس»، والتي تستهدف الاستثمار في مجالي الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، والتي يمكن أن تتجاوز قيمة الأصول تحت إدارتها 100 مليار دولار في غضون سنوات قليلة، وفقاً لمصادر بلومبيرغ.

هذه الخطوة تمثل جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً، أطلقتها الإمارات في عام 2017 تحت مسمى استراتيجية الذكاء الاصطناعي 2031، ضمن رؤية مئوية الإمارات 2071، لتسريع التحول نحو مستقبل يعتمد على التكنولوجيا الذكية في كل المجالات، وتهدف هذه الاستراتيجية لتحقيق نقلة نوعية في قطاعات النقل، الصحة، الفضاء، الطاقة المتجددة، المياه، التكنولوجيا، التعليم والبيئة، ليس فقط لمواكبة التقدم التكنولوجي وثورة الذكاء الاصطناعي، ولكن أيضاً لدعم الاقتصاد.

فوفقاً لتقرير من شركة بي دبليو سي، يُتوقع أن يُسهم الذكاء الاصطناعي بـ320 مليار دولار في اقتصادات الشرق الأوسط بحلول 2030، مع أكبر تأثير في الإمارات بمساهمة تُقدر بـ14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي أي 97 مليار دولار، كما من المتوقع أن تجني الإمارات فوائد تجارية تصل إلى 5.3 مليار دولار من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي التوليدي بحلول عام 2030، ما يعكس عائداً استثمارياً ضخماً يقارب 990 في المئة على كل دولار مُستثمر.

وفي غمار تسارع وتيرة التقدم التكنولوجي وتصدر الذكاء الاصطناعي مشهد الابتكارات الحديثة، تواصل الإمارات تعزيز دورها كمركز رئيس في هذا المجال، وذلك من خلال مجموعة من المبادرات والاستثمارات الطموحة التي تؤكد ريادتها في قطاع التكنولوجيا عالمياً.

الإمارات والذكاء الاصطناعي

صندوق استثمار G42

في أغسطس آب 2022، أعلنت شركة «جي 42»، الرائدة في مجال الذكاء الصناعي والحوسبة السحابية بأبوظبي والمدعومة من «مبادلة للاستثمار» و«سيلفر ليك»، عن إنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات دولار يركز على الاستثمارات التكنولوجية في الأسواق الناشئة، ويركز الصندوق الاستثماري على تسريع وتيرة الابتكار العالمي من خلال الاستثمار في مجموعة من الشركات في مراحلها المتقدمة، والتي تتميز بتقنيات مبتكرة.

نموذج «جيس» للغة العربية

في أغسطس آب 2023، أعلن مركز الذكاء الاصطناعي «إنسبشن» التابع لمجموعة «جي 42»، إطلاق الإصدار مفتوح المصدر من نموذج «جيس»، النموذج اللغوي الكبير للدردشة باللغة العربية القائم على الذكاء الاصطناعي، وعندها قال الرئيس التنفيذي لمركز «إنسبشن»، أندرو جاكسون، إن إطلاق «جيس» يعد محطة بالغة الأهمية في مضمار الذكاء الاصطناعي في العالم العربي، لا سيما أن هذا النموذج الذي تم تطويره في أبوظبي يتيح لأكثر من 400 مليون متحدث باللغة العربية فرصة مهمة لاستكشاف القدرات الكامنة للذكاء الاصطناعي التوليدي.

مؤسسة فالكون للذكاء الاصطناعي التوليدي

وفي فبراير شباط 2024، أطلق معهد الابتكار التكنولوجي، أحد أركان الأبحاث التطبيقية لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة بأبوظبي، «مؤسسة فالكون» غير الربحية، هذه المؤسسة مكرسة لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مفتوحة المصدر وبناء منظومة مستدامة تسرع من وتيرة التطور التكنولوجي عالمياً، مع تخصيص تمويل يصل إلى 300 مليون دولار لهذا الغرض.

دور الإمارات في تنظيم الذكاء الاصطناعي

إلى جانب هذه المبادرات، تسعى الإمارات لتعزيز دورها في مجال تنظيم واختبار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، متماشية مع تصريحات سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ«OpenAI»، الذي أشاد بقدرة الإمارات على أن تصبح مركزاً للتنظيم العملي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وكان وزير دولة للذكاء الاصطناعي في الإمارات عمر العلماء قد قال في مقابلة مع بلومبيرغ خلال القمة العالمية للحكومات التي عُقدت في دبي، إن اعتقاد ألتمان بأن الإمارات يمكن أن تصبح مركزاً للتنظيم العملي يُظهر أن الدولة لاعب رئيس في مجال الذكاء الاصطناعـي.

كما قد أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن ألتمان يجري محادثات مع مستثمرين بما في ذلك حكومة الإمارات لجمع تمويل لمبادرة تقنية طموحة بشكل استثنائي، تهدف إلى تعزيز قدرة العالم على تصنيع الرقائق الإلكترونية، وتوسيع إمكانيات تشغيل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بين أمور أخرى، وقد تصل تكلفتها إلى عدة تريليونات من الدولارات.

أبوظبي تطلق إم جي إكس

وأعلن مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة الإماراتي، الذي أطلقهُ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في 22 يناير كانون الثاني 2024، يوم الاثنين عن تأسيس شركة «إم جي إكس»؛ وهي شركة استثمار تكنولوجي، تهدف لتمكين وتطوير وتوظيف التكنولوجيا الرائدة، بهدف تحسين حياة الأجيال الحالية والمستقبلية، وستكون مبادلة للاستثمار و«جي 42» شريكين مؤسسين في الشركة الجديدة، وسوف تستثمر الشركة بهدف تسريع تطوير واعتماد الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، من خلال الدخول في شراكات في دولة الإمارات والعالم، وبحسب مصادر بلومبيرغ، يمكن أن تتجاوز قيمة الأصول تحت إدارتها 100 مليار دولار في غضون سنوات قليلة.