استغل وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند، الرد الشهير للرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك، على مراسلة اشتكت أن والدتها لم تستطع مشاهدة مقاطع فيديو أرسلتها إلى هاتف والدتها الأندرويد لأنها كانت مشوشة وبطيئة، عندما قال لها بسخرية «اشتري لأمك جهاز آيفون»، موجهاً انتقاده الشديد للشركة التي تواجه اتهامات بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي يوم الخميس بخصوص دعوى وزارة العدل التاريخية لمكافحة الاحتكار ضد شركة أبل، والتي تزعم فيها إدارة بايدن و16 ولاية أن أبل تسيء استخدام قوة احتكار آيفون بشكل غير قانوني في سوق الهواتف الذكية.

ورفعت وزارة العدل و15 ولاية أميركية يوم الخميس دعوى قضائية ضد شركة أبل تتهمها باحتكار أسواق الهواتف الذكية، بزعم أنها استخدمت الطلب القوي على هاتف آيفون ومنتجات أخرى لرفع أسعار خدماتها والإضرار بالمنافسين الأصغر، لتنضم أبل بذلك إلى قائمة شركات تكنولوجيا أخرى تقاضيها جهات تنظيمية أميركية خلال حكم إدارتي الرئيس السابق دونالد ترامب والرئيس الحالي جو بايدن مثل شركة غوغل المملوكة لألفابت، وميتا بلاتفورمز، وأمازون دوت كوم.

وقال وزير العدل في بيان «ينبغي للمستهلكين ألا يدفعوا أثماناً أعلى بسبب انتهاك الشركات قوانين مكافحة الاحتكار». وأضاف «إذا تُركت بلا حساب، فستواصل أبل تعزيز احتكارها الهواتف الذكية».

وتزعم الدعوى القضائية الضخمة ضد واحدة من أكبر الشركات في العالم أن شركة أبل تنتهك القانون من خلال تنظيم متجر التطبيقات وتجربة العملاء بعناية، حيث تم تصميمه لجذب العملاء وإبقائهم يشترون منتجات وخدمات أبل باستثناء المنافسين.

وقالت شركة أبل في بيان إنها لا توافق على الدعوى وستحاربها بقوة، وأضافت «هذه الدعوى تهدد من نحن والمبادئ التي تميز منتجات أبل في أسواق شديدة المنافسة».

إذا نجحت الدعوى، فقد تجبر شركة أبل على تخفيف بعض القيود التي فرضتها على نهج «الحديقة المسورة» للأجهزة والبرامج؛ حيث يمكن أن تجبر أبل على فتح متجرها الخاص للتطبيقات البديلة من المتاجر الأخرى وتقنياتها مثل «آي ميسيج» في هواتف أندرويد.

أسباب دعوى وزارة العدل ضد أبل

سلطت وزارة العدل الأميركية، في شكواها، الضوء على خمس طرق تقول إن شركة أبل تسيء من خلالها استخدام مركزها المهيمن على حساب المواطنين الأميركيين.

الفقاعات الخضراء

باستخدام «آي ميسيج»، أنشأت أبل خدمة رسائل نصية محسّنة تسمح للأشخاص بالتواصل بسلاسة مع بعضهم البعض، وإرسال نص منسق وفيديو وصوت عالي الجودة يتم تحميله على الفور تقريباً، طالما يتم إرساله إلى عميل آيفون آخر، عندما يتم إرسال هذه الرسائل إلى الأشخاص الذين لديهم هواتف أندرويد، فإنها تبدو مشوشة، ويمكن أن تكون بطيئة التحميل، ويمكن أن تفوت الميزات الرئيسية مثل استجابات الرموز التعبيرية، ووظائف التحرير والتشفير من طرف إلى طرف، وتزعم وزارة العدل أن «الفقاعات الخضراء» المخيفة التي تميز مستخدمي أندرويد داخل «آي ميسيج» وخاصة الأداء منخفض الجودة، غير قانونية.

قال غارلاند يوم الخميس «كما يمكن لأي مستخدم آيفون شاهد رسالة نصية خضراء، أو تلقى مقطع فيديو صغيراً ومشوشاً، يتضمن سلوك أبل المانع للمنافسة، فإنه أيضاً يجعل من الصعب على مستخدمي آيفون الاتصال بمستخدمي المنتجات غير التابعة لشركة أبل»، «نتيجة لذلك، يرى مستخدمو آيفون أن الهواتف الذكية المنافسة أقل جودة لأن تجربة مراسلة الأصدقاء والعائلة الذين لا يمتلكون أجهزة آيفون تكون سيئة، على الرغم من أن أبل هي المسؤولة عن كسر الرسائل عبر الأنظمة الأساسية، وهي تفعل ذلك عن قصد».

وقالت شركة أبل العام الماضي إنها ستتبنى معياراً جديداً للتكنولوجيا للتواصل مع هواتف أندرويد من شأنه أن يفتح بعض هذه الميزات، ولكن ليس كلها، وستبقى الفقاعات الخضراء.

أبل باي حصرية

ساعدت أبل في إحداث ثورة في الطريقة التي ندفع بها أثمان الأشياء، وربط بطاقات ائتمان العملاء بالتكنولوجيا داخل أجهزة آيفون لجعل المدفوعات أكثر أماناً وسلاسة، وتأخذ أبل مقابلاً صغيراً لكل معاملة.

لكن أبل باي هي الطريقة الوحيدة التي يمكن لمالكي آيفون من خلالها الدفع مقابل الأشياء باستخدام هذه التكنولوجيا على آيفون، ولا تسمح أبل -مستشهدة بأسباب أمنية- لتطبيقات الجهات الخارجية بالوصول إلى الشريحة التي تسمح لأجهزة آيفون بإجراء مدفوعات عبر الهاتف المحمول، وتزعم الدعوى -أيضاً- أن ذلك يمكن أن يغري بعض العملاء بالالتزام بأجهزة آيفون عندما يتحولون إلى منافس.

وقالت وزارة العدل في شكواها «تحرم شركة أبل المستخدمين أيضاً من الفوائد والابتكارات التي ستوفرها محافظ الطرف الثالث»، «ستوفر المحافظ الرقمية عبر الأنظمة الأساسية طريقة أسهل وأكثر سلاسة وربما أكثر أماناً للمستخدمين للتبديل من آيفون إلى هاتف ذكي آخر».

أبل ووتش تجعل المنافسين أقل فائدة

تزعم وزارة العدل أن أبل ووتش، أحد أكثر منتجات أبل نجاحاً، لا يتوافق مع هواتف أندرويد عن قصد، وعلى الرغم من أن بعض الساعات الذكية تعمل بسلاسة مع أي نوع من الهواتف الذكية، فإن ساعات أبل -الشركة الرائدة في السوق- تتطلب تشغيل أجهزة آيفون، وهذا يحبس العملاء في نظام أبل للأجهزة والبرامج، ما يجبر عملاء أبل ووتش على شراء أجهزة آيفون.

وقالت وزارة العدل في شكواها «تستخدم شركة أبل الساعات الذكية، وهي ملحق مكلف، لمنع عملاء آيفون من اختيار هواتف أخرى»، «بعد نسخ فكرة الساعة الذكية من مطوري الطرف الثالث تمنع أبل الآن هؤلاء المطورين من الابتكار وتقصر أبل ووتش على آيفون لمنع التأثير السلبي على مبيعات آيفون».

حظر متاجر التطبيقات التابعة لجهات خارجية

الطريقة الوحيدة للحصول على تطبيقات على آيفون هي من خلال متجر تطبيقات أبل الخاص، ولطالما ادعت أبل أن نهجها في الحفاظ على التطبيقات التي يمكن ولا يمكن استخدامها على آيفون يساعد العملاء، فتقول إن ذلك يمنع الرسائل غير المرغوب فيها والتطبيقات الضارة.

وتجادل وزارة العدل بأن التطبيقات تفرض قيوداً مرهقة على شركة أبل وعمولات باهظة الثمن بنسبة 30 في المئة، وهذا يحد من المنافسة، وعلى سبيل المثال تستشهد وزارة العدل بمتاجر تطبيقات الألعاب القائمة على السحابة كخدمة تمنعها أبل بشكل غير قانوني من الظهور على آيفون، حيث يتعين على الشركات التي ترغب في بث الألعاب للعملاء تحميل كل لعبة فردية إلى متجر التطبيقات، ما يمنع الشركات من تسويق وبيع التكنولوجيا التنافسية القوية والشائعة للعملاء.

تقييد التطبيقات الفائقة

تجبر شركة أبل مطوري التطبيقات على كتابة رمز مخصوص لنظام التشغيل الخاص بها، ما يمنع المطورين من الترميز باستخدام لغات عالمية يمكن أن توفر تجربة تطبيق واحدة عبر أي جهاز، فيمنع ذلك التطبيقات من أن تصبح «تطبيقات فائقة»، وهي التطبيقات التي تعمل بشكل متطابق على نظام تشغيل آيفون «آي أو إس» من أبل و«أو إس» من أندرويد وتقيد أبل أيضاً «البرامج الصغيرة»، وكذلك التطبيقات التي تعمل بشكل فعال على الويب، وتقول وزارة العدل إن هذا المطلب من أبل يجعل نظامها مغلقاً أمام المطورين.

وأوضحت وزارة العدل في شكواها أنه «منذ عام 2017 على الأقل، فرضت شركة أبل بشكل تعسفي متطلبات إقصائية تقيد البرامج الصغيرة والتطبيقات الفائقة بشكل غير ضروري وغير مبرر»، و«مارست أبل سيطرتها على توزيع التطبيقات لخنق ابتكار الآخرين».