تزداد مشكلات احتكار شركات التكنولوجيا الكبرى لوسائل التواصل الاجتماعي، فهناك شركة ميتا التي تبلغ قيمتها نحو تريليون دولار، تسيطر على فيسبوك، وإنستغرام، وواتساب، وثريدز، ما يمكن أن يؤدي إلى إحداث ضرر في العالم الحقيقي، كما يتضح من نزاع الرقابة الأخير مع الشركة.

وفي الأسبوع الماضي، اعتذرت ميتا بعد حجب روابط لصحيفة غير ربحية وصحفي مستقل نشر تقريراً انتقد فيسبوك، واتهمه بقمع المنشورات المتعلقة بتغير المناخ.

لكن ميتا نفت أنها كانت تفرض رقابة على المحتوى وألقت باللوم على مشكلة أمنية غير محددة.

اختفت كل الروابط التي تصل إلى 6 آلاف قصة، نشرتها كنساس ريفليكتور على فيسبوك، ولمدة سبع ساعات كان أي شخص يحاول نشر رابط من الصحيفة يُقابل بتحذير من أن الموقع يشكل خطراً أمنياً.

طوال هذه الساعات، لم يعلم موظفو الصحيفة أي معلومات حول الأسباب التي جعلت ميتا تمحو سنوات من العمل الجاد للصحيفة.

وبحلول نهاية اليوم، عادت جميع الروابط تقريباً إلى الإنترنت، باستثناء رابط واحد، وهو مقال رأي ينتقد سياسات فيسبوك بشأن العروض الترويجية المدفوعة.

لم تستجب ميتا لطلب CNN للحصول على مزيد من المعلومات حول المشكلة الأمنية.

وكتب شيرمان سميث، رئيس تحرير مجلة كانساس ريفليكتور، يوم الجمعة، أن المتحدث باسم فيسبوك آندي ستون لم يوضح كيفية حدوث الخطأ وقال إنه لن يكون هناك أي تفسير آخر.

تسلط هذه الواقعة الضوء على قضية تركيز السلطة في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن مفارقات الوضع أن أول بيان علني من ميتا جاء مساء الخميس على موقع إكس.

كتب كلاي وايرستون، محرر الرأي في ذا ريفليكتور، أن “محادثتنا المدنية تقع في أيدي شركة واحدة تهدف إلى الربح؛ ما يولد مخاطر عميقة على المجتمع”.

الاتهام موجه إلى ميتا

بطبيعة الحال، اتجهت أصابع الاتهام إلى ميتا بإمكانية فرضها رقابة على المحتوى من قبل أشخاص من مختلف الأطياف السياسية، لكن الشركة في هذه الحالة اعترفت بأنها ارتكبت شيئاً خاطئاً وأصلحته في النهاية، وإن كان ذلك بطريقة مبهمة محبطة تركت منشئي المحتوى مع الكثير من التساؤلات.

مع ما يقرب من 4 مليارات مستخدم نشط شهرياً على منصاتها -فيسبوك وحده يمثل 3 مليارات- ليس من الصعب معرفة سبب رغبة بعض الأشخاص في تفكيك ميتا، أو على الأقل إنشاء لوائح أقوى لمنعها من السيطرة على السوق، لكن تبقى المخاوف من إمكانية إزاحة ميتا عن عرشها واستبدالها بشركة تكنولوجية أخرى لا تخضع لقواعد حقوق المستخدمين في نشر المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكانت ميتا واجهت انتقادات بسبب حجب المحتوى أثناء الحرب في غزة، إذ حذفت منصتا فيسبوك وإنستغرام أكثر من 795 ألف منشور باللغتين العربية والعبرية باعتبارها تنتهك سياسات منصات التواصل الاجتماعي، كما حدت من ظهور آلاف المنشورات، وهذا خلال ثلاثة أيام فقط منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول، بحسب بيان الشركة.

يمثل هذا الرقم نحو سبعة أضعاف عناصر المحتوى الذي تزيله ميتا يومياً في الأوقات العادية، مقارنة بالشهرين اللذين سبقا أكتوبر تشرين الأول.

كما كشف تقرير جديد لوكالة الأنباء الفرنسية، عن تزايد حجم المعلومات المضللة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعية منذ هجوم حركة حماس على المستوطنات الإسرائيلية في السابع من أكتوبر تشرين الأول، ما أثار انتقاد مؤيدي الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء.

أداة البحث والمراقبة

كانت شركة ميتا أعلنت أنها ستوقف العمل بأداة كراود تانغل المتخصصة في البحث ومراقبة المعلومات العامة قبيل الانتخابات الأميركية، وهي خطوة يخشى الباحثون أن تؤدي إلى تعطيل الجهود المبذولة لاكتشاف المعلومات المضللة.

وغيّرت أداة كراود تانغل قواعد اللعبة لسنوات، إذ قدمت للباحثين والصحفيين وسيلة مهمة لدعم الشفافية في مواجهة انتشار نظريات المؤامرة وخطاب الكراهية على المنصات المؤثرة المملوكة لشركة ميتا، بما في ذلك فيسبوك وإنستغرام.

وقالت شركة التكنولوجيا العملاقة إن أداة كراود تانغل لن تكون متاحة بعد الرابع عشر من أغسطس آب، أي قبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وتخطط ميتا لاستبدالها بميزة مكتبة المحتوى التي يقول الباحثون إنها لا تزال قيد التطوير.

ويرى الخبراء أن هذه الخطوة تتماشى مع اتجاه شركات التكنولوجيا المتمثل في التراجع عن إجراءات الشفافية والأمن، ما يمثل ضربة كبيرة للصناعة في فترة تنتشر فيها المعلومات المضللة بسبب الانتخابات المرتقبة في عشرات الدول حول العالم.

وفي الماضي، استخدم الصحفيون كراود تانغل للتحقيق في أزمات الصحة العامة وكذلك انتهاكات حقوق الإنسان والكوارث الطبيعية، ولكن القرار الجديد يحرم الصحفيين من هذه الميزة، إذ أعلنت ميتا أن ميزة مكتبة المحتوى لن تكون في متناول وسائل الإعلام الربحية.

(أليسون مورو- CNN)