استطاعت إنفيديا وبقية أسهم العظماء السبع الوصول إلى مستويات قياسية جديدة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024، رغم تأخر الاحتياطي الفيدرالي في خطوة خفض أسعار الفائدة، فما أسباب هذا الصعود وهل يستمر خلال بقية العام؟
وقالت رئيسة قسم الأصول العالمية لدى شركة كاندريام، ناديج دوفوس «في نهاية عام 2023 الماضي، توقعت الأسواق سبعة تخفيضات في أسعار الفائدة الأميركية، والآن تتوقع خفضاً واحداً أو اثنين فقط».
ومع ذلك أضافت الشركات السبع الكبرى إجمالي 4.27 تريليون دولار أخرى إلى قيمتها السوقية منذ الثاني من يناير كانون الثاني حتى إغلاق الأول من يوليو تموز 2024، وفقاً لحسابات «CNN الاقتصادية» التي اعتمدت على بيانات ريفينتيف.
«العظماء السبع» هو مصطلح يُطلق على أكبر سبع شركات قيمة سوقية في قطاع التكنولوجيا بالولايات المتحدة، وهي: إنفيديا ومايكروسوفت وأبل وأمازون وألفابت وميتا وتسلا.
طفرة الذكاء الاصطناعي
كانت الطفرة التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي السبب الرئيسي وراء مكاسب شركة إنفيديا التي سجلت ارتفاعاً بنحو 154.4 في المئة منذ بداية العام حتى إغلاق 5 يوليو تموز 2024، مستفيدة من مبيعات وحدات معالجة الرسوم المخصصة لبرامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لمراكز البيانات ومطوري التطبيقات.
وتستخدم كبرى الشركات الرقائق المتطورة ووحدات معالجة الرسوم الخاصة بإنفيديا لبناء مراكز البيانات الخاصة بهم، وعلى رأسها مايكروسوفت داعمة شركة أوبن إيه آي، بجانب كل من أمازون وألفابت.
وبفضل ذلك، فاقت إيرادات إنفيديا في الربع الأول من السنة المالية 2025، والذي انتهى في 30 أبريل نيسان 2024، توقعات الأسواق، والتي بلغت 26 مليار دولار، بزيادة بنحو 262 في المئة، مدفوعة بارتفاع قدره 427 في المئة في إيرادات مركز البيانات.
كما أعلنت عملاقة التكنولوجيا التي تتجاوز قيمتها السوقية ثلاثة تريليونات دولار عن خطط لبيع رقائق الذكاء الاصطناعي بقيمة 12 مليار دولار في الصين هذا العام، متحدية القيود الأميركية على صادرات الرقائق المتقدمة لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ولم تكن إنفيديا الوحيدة التي استفادت من تطور الذكاء الاصطناعي، إذ قفزت أسهم ميتا بلاتفورمز، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام وثريدز، بنحو 52.5 في المئة في الفترة ذاتها، وجاءت ألفابت مالكة غوغل، وأمازون في المركزين الثالث والرابع مع تحقيق صعود بنحو 36.2 في المئة و31.6 في المئة على الترتيب.
كما زادت أسهم مايكروسوفت وأبل بنسبة 24.3 في المئة و17.6 في المئة بنهاية 5 يوليو تموز، بينما جاءت تسلا في المرتبة الأخيرة مسجلة زيادة بنحو 1.2 في المئة في محاولة للتعافي من خسائرها المشهودة في الربع الأول من 2024.
وخارج هذه القائمة برزت بعض شركات التكنولوجيا الأخرى محققة مكاسب قوية، ومن بينها برودكوم ونتفليكس اللتان حققتا مكاسب بنحو 52.5 في المئة و41.9 في المئة على التوالي، تليها أوراكل وإيه إم دي مع زيادة بنسبة 37.4 في المئة و16.6 في المئة على الترتيب.
شراكة أبل ومايكروسوفت وميتا
أعلنت أبل في يونيو حزيران الماضي عقد شراكة مع شركة أوبن إيه آي المدعومة من مايكروسوفت لدمج برنامج «تشات جي بي تي» في أجهزة آيفون المستقبلية، وعلى خلفية هذه الأنباء، قفزت قيمة الشركة لفترة وجيزة لتتخطى إنفيديا ومايكروسوفت، قبل أن تعود مايكروسوفت للصدراة مرة أخرى.
كما تبحث شركة أبل مع نظيرتها ميتا خطط دمج نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي للأخيرة ضمن ميزات أبل إنتليجنس، بحسب ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأحد.
تسلا تتعافى من جديد
استطاعت أسهم تسلا الانتعاش بعدما وصلت إلى أدنى مستوى لها خلال 52 أسبوعاً في أبريل نيسان، بضغط من انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية في الربع الأول واتجاه الشركة إلى تقليص حجمها من عمليات تسريح واسعة النطاق للعمال.
لكن صعد السهم من جديد بنحو 27.1 في المئة خلال الأسبوع المنتهي في 5 يوليو تموز 2024، بعد زيادة بلغت 11.12 في المئة في شهر يونيو حزيران، لذا استطاع تعويض خسائره المبكرة.
وجاء التعافي بدفعة من البيانات التي كشفت أن تسلا سلمت عدد سيارات كهربائية بأفضل من المتوقع في الربع الثاني من 2024، ورغم أن عمليات التسليم لا تزال تنخفض بنسبة 4.8 في المئة عن العام السابق، فإن الانخفاض كان أقل حدة من نظيره في الربع الأول، ما أعطى المستثمرين أسباباً للتفاؤل مع اقتراب النصف الثاني.
هذا ومن المقرر أن تعلن شركة تسلا نتائجها المالية للربع الثاني في 23 يوليو تموز الحالي.
ماذا بعد؟
كان النصف الأول من عام 2024 قوياً للغاية بالنسبة لأسواق الأسهم الأميركية، إذ أدّت المكاسب الهائلة التي حققتها أسهم عمالقة التكنولوجيا، خاصة شركة صناعة الرقائق الأميركية إنفيديا، إلى دفع المؤشرات الرئيسية الثلاثة إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وعلى مدار بقية عام 2024، توقع عاصم منصور، رئيس أبحاث السوق لدى شركة OW Market في تصريحات لـ«CNN الاقتصادية» استمرار مكاسب الأسهم الأميركية، وتتواصل في بداية عام 2025 مع بدء الاحتياطي الفيدرالي دورة التيسير النقدي وخفض الفائدة.
وتنتظر الأسواق المالية الآن أول خفض لأسعار الفائدة إما في سبتمبر أيلول أو ديسمبر كانون الأول، بدلاً من التوقعات السابقة التي أشارت إلى يونيو حزيران كأول اجتماع لخفض الفائدة، كما انخفضت توقعات السوق بشأن عدد تخفيضات الفائدة إلى خفض واحد متوقع على مدار عام 2024.
على جانب آخر، توقع تقرير كابيتال إيكونوميكس تراجع العوائد على مدار العقد المقبل بداية من عام 2026، وسط مخاوف بشأن التقييم المرتفع لأسهم بعض الشركات في ظل القلق بشأن مستويات الفائدة والتضخم.
وفي هذا الصدد، أشار عاصم منصور إلى أن تقييم أسهم الشركات وحده ليس كافياً لتوقع انهيار السوق. فعلى سبيل المثال، كانت تقييمات الأسهم أكثر ارتفاعاً مقارنة بالتقييمات الحالية وقت أزمة الدوت كوم، ومع ذلك تحقق السوق حالياً أداءً إيجابياً، وبالتالي توقعات الأرباح الإيجابية ستكون العامل الأساسي وراء ارتفاعات السوق الفترة المقبلة.