أثار الحكم الذي أصدره قاضٍ فيدرالي أميركي، ضد شركة غوغل بأنها شركة احتكارية قلق شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى خاصة أبل وأمازون من مواجهة أحكام مشابهة.

وفي الحكم المؤلف من 300 صفحة تقريباً، قال قاضي المحكمة الجزئية الأميركية أميت ميهتا، إن صفقات الشركة الأم ألفابت لجعل غوغل محرك البحث الافتراضي على منصات أخرى تنتهك قوانين المنافسة للشركات، بينما تحقق إيرادات بمليارات الدولارات.

وأضاف ميهتا «غوغل شركة احتكارية، وقد تصرفت كواحدة من الشركات للحفاظ على احتكارها»، وتدرس وزارة العدل الآن ما إذا كانت ستسعى إلى تفكيك محتمل للشركة.

وذكرت غوغل سابقاً أنها تخطط لاستئناف حكم القاضي، وأن القرار يعترف بأن غوغل تقدم أفضل محرك بحث، لكنه يخلص إلى أنه لا ينبغي السماح لنا بإتاحته بسهولة.

قلق بين شركات التكنولوجيا

إن اتهام غوغل بالاحتكار أدى إلى حالة من القلق بين شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى، في أن توجه إليها هي الأخرى اتهامات بالاحتكار أيضاً.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تخسر فيها شركات التكنولوجيا الكبرى دعوى مكافحة الاحتكار وتواجه انقساماً محتملاً، إذ واجهت مايكروسوفت اتهامات بالاحتكار في التسعينيات، وبينما كان العلاج الأولي هو تفكيك الشركة، انتهى الأمر بعملاق التكنولوجيا إلى التسوية.

لكن الحكم على غوغل هو أكبر حكم لمكافحة الاحتكار من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى منذ ذلك الحين، وقال المحلل لدى ويدبوش للأوراق المالية، دان آيفز في مذكرة تحليلية له، إن القرار يأتي بعد أن أصبحت الصناعة أقوى في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أن خسارة غوغل تمنح وزارة العدل زخماً في معركتها ضد شركات التكنولوجيا الكبرى.

وقال إيفز في تصريحات لموقع بيزنس إنسايدر: «ستستمر اتهامات الاحتكار تطارد شركات التكنولوجيا الكبرى، بينما خسرت معركة كبرى في الحكم على غوغل».

وفي ظل إدارة الرئيس جو بايدن -وعلى وجه الخصوص مع تعيين مفوضة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان- اتخذت حكومة الولايات المتحدة نهجاً عدوانياً لمكافحة الاحتكار تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى.

بالإضافة إلى القضية المرفوعة ضد شركة ألفابت الشركة الأم لغوغل، والتي ترأسها القاضي الفيدرالي ميهتا، رفعت وزارة العدل ومجموعة من الولايات دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار ضد شركة أبل بسبب كيفية تعاملها مع المنافسين لتطبيقات آيفون الداخلية الخاصة بها، وضد أمازون لاستخدام هيمنتها في مجال البيع بالتجزئة للضغط على الطرف الثالث -البائعين على منصتها- وأيضاً ضد ميتا وسط محاولاتها للسيطرة على سوق وسائل التواصل الاجتماعي من خلال عمليات الاستحواذ مثل إنستغرام وواتساب.

وقال رئيس لجنة التجارة الفيدرالية السابق ويليام كوفاسيتش «كل هذه القضايا تجعل شركات التكنولوجيا الكبرى أمام عقبة كبرى أن تواجه مصير شركة غوغل نفسه، خاصة أن الحكم ضد الأخيرة سيُعطي الوكالات الفيدرالية دفعة من الثقة في أن المخاطرة تستحق العناء».

وأضاف كوفاسيتش، وهو الآن أستاذ في كلية الحقوق بجامعة جورج واشنطن، أنها ضربة قوية وفي حالة فازت وزارة العدل الأميركية بالدعوى بشكل نهائي ضد غوغل، فإنه إشارة إلى الهيئات التنظيمية أن الجهد في هذه الدعاوى يستحق العناء، وبالتالي سوف تستكمل الهيئات الدعاوى ضد شركات التكنولوجيا الكبرى.

قضايا سابقة ضد شركات التكنولوجيا

وسبق أن رفع قاضٍ فيدرالي دعوى قضائية ضد شركة ميتا بشأن هذه الأمور الغامضة، وحكم بأن المنظمين لم يحددوا بشكل كافٍ سوق وسائل التواصل الاجتماعي التي زعمت لجنة التجارة الفيدرالية أن شركة ميتا احتكرتها قبل أن تعيد الهيئة التنظيمية رفع قضيتها.

وقال لبيل باير، أحد كبار المحامين السابقين لمكافحة الاحتكار في وزارة العدل، إن الحكم الذي أصدره القاضي ميهتا على غوغل، يظهر للقضاة كيفية التعامل مع لغز تعريف السوق.

واستخدم القاضي ميهتا قراراً تاريخياً أصدرته محكمة الاستئناف الأميركية في عام 2001 ضد شركة مايكروسوفت، وأظهر كيف يمكن ربط النتائج التي توصل إليها بسلوك شركة ألفابت للسيطرة على سوق البحث لشركة غوغل.

وقال باير، إن الاستراتيجية نفسها يمكن أن يستخدمها قضاة آخرون يشرفون على القضايا المرفوعة ضد أمازون أو أبل أو ميتا أو شركات التكنولوجيا الأخرى.

وأضافت، أن القاضي ميهتا اتخذ معياراً أكثر توافقاً فبدلاً من النماذج الرياضية المعقدة، نظر ميهتا إلى المستندات الداخلية، وسلوك الشركات نفسها، وشهادات الشركات المنافسة لتحديد سوق البحث الذي تحتكره غوغل.