شهد لبنان يوم الثلاثاء سلسلة من الانفجارات المدمرة التي أسفرت عن إصابة مئات من عناصر حزب الله، ما أثار مخاوف كبيرة بشأن خرق أمني خطير، الانفجارات التي وقعت بشكل متزامن في مناطق مختلفة من البلاد تم ربطها بأجهزة اتصالات (بيجر)، وهي أجهزة راديو كانت جزءاً من صفقة اتصالات مثيرة للجدل مع حزب الله.

ما هي أجهزة اتصالات بيجر؟

أجهزة بيجر هي أنظمة اتصال لاسلكية تُستخدم في التنسيق بين الوحدات والأفراد في المناطق الميدانية، وتُعرف هذه الأجهزة بقدرتها على تأمين اتصالات مشفرة.

ومع ذلك، هناك تساؤلات حول جودة هذه الأجهزة ومدى قدرتها على تحمل محاولات التخريب أو الاختراق، وقد تم توزيع هذه الأجهزة على عناصر حزب الله لضمان تواصل آمن وسريع، إلا أن الانفجارات كشفت عن خلل كبير أو احتمال تدخل خارجي.

الحوادث التاريخية المشابهة

هناك العديد من الحوادث التاريخية المشابهة التي ارتبطت بأجهزة اتصالات أو تفجيرات عن بُعد عبر أجهزة الراديو، ويوجد العديد من الأمثلة على انفجارات سابقة مرتبطة باستخدام التكنولوجيا والاتصالات عن بُعد في التفجيرات، وأبرزها ما يلي:

تفجيرات الهواتف المحمولة في العراق وأفغانستان

خلال الحربين في العراق وأفغانستان، استخدمت جماعات مسلحة أجهزة الهواتف المحمولة بشكل متكرر لتفجير عبوات ناسفة عن بُعد، هذه التفجيرات تمت عن طريق إرسال إشارات عبر الهواتف المحمولة إلى العبوات المتفجرة، ما أدى إلى تفجيرات مدمرة، كانت هذه التقنية فعالة في تعطيل القوافل العسكرية والهجمات المستهدفة، وفقاً لواشنطن بوست.

تفجير الموساد الإسرائيلي عناصرَ حزب الله

في الثمانينيات، اشتهر جهاز الموساد باستخدام تقنيات متقدمة لتفجير أجهزة اتصالات كانت قد زُرعت داخلها متفجرات لاستهداف قادة وعناصر من حزب الله.

كانت هذه الأجهزة تستخدم للتجسس، وتم تفعيلها عن بُعد بواسطة المخابرات الإسرائيلية.

محاولة اغتيال رفيق الحريري عام 2005

تفجير موكب رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، الذي قُتل فيه مع 21 شخصاً آخرين، تم باستخدام سيارة مفخخة مزودة بمتفجرات تم تفجيرها عن بُعد باستخدام جهاز إلكتروني متصل بالهاتف المحمول.

والتحقيقات في الحادث، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة الخاص بالتحقيق في اغتيال رفيق الحريري، أشارت إلى أن المجموعة المنفذة استخدمت تقنيات حديثة لتنسيق التفجير عن بُعد.

تفجيرات حرب البلقان

خلال الحرب في البلقان في تسعينيات القرن الماضي، تم استخدام الأجهزة اللاسلكية بشكل واسع من قبل الميليشيات لتنسيق التفجيرات، وفقاً لـ«هيومن رايتس ووتش».

أجهزة الراديو غير المحمية كانت هدفاً للتلاعب، وتم استخدامها أحياناً في تفجير عبوات ناسفة عن بُعد.

تفجيرات القوات المسلحة الروسية في الشيشان

في حرب الشيشان، استخدمت القوات الروسية والشبكات المسلحة المتعددة تقنيات الاتصالات اللاسلكية في عمليات التفجير عن بُعد. كانت هناك عدة حوادث حيث تم التلاعب بأجهزة الاتصال لتفجير العبوات الناسفة ضد القوات الروسية.

هذه الحوادث التاريخية تشير إلى أن استخدام أجهزة الاتصالات اللاسلكية في التفجيرات عن بُعد ليس بالأمر الجديد، بل هو تقنية قديمة تم تطويرها وتحسينها عبر السنوات، ما يجعلها أداة فعالة إذا تم التلاعب بها بشكل صحيح.

استخدام أجهزة الاتصال في التفجيرات عن بعد

وقعت التفجيرات في معاقل حزب الله واستهدفت عناصر الحزب الذين كانوا يحملون أجهزة راديو بيجر، ويُشتبه في أن الأجهزة تعرضت لخلل فني أو تم التلاعب بها عن بُعد، ما تسبب في هذه الانفجارات.

وانفجرت الأجهزة في وقت متزامن، ما يشير إلى وجود تنسيق داخلي أو أن هذه الأجهزة كانت مُجهزة بتقنية للتحكم عن بُعد.

ويعتقد خبراء الأمن أن أجهزة الاتصال اللاسلكية يمكن أن تُستخدم في التفجيرات عن بعد إذا تم التلاعب بها أو تعديلها.

وفي حديثه إلى وسائل الإعلام المحلية، أشار خبير الأمن الإلكتروني اللبناني علي حمادة، إلى أن «أجهزة الراديو مثل بيجر قد تكون عرضة للاختراق إذا لم تكن محمية بشكل جيد، ومن الممكن استغلالها لتنفيذ هجمات عن بعد عبر إشارات مشفرة».

وأضاف حمادة «الطريقة التي انفجرت بها هذه الأجهزة في التوقيت نفسه تشير إلى احتمال كبير لاستخدام تقنية تفجير عن بُعد».

صفقة هواتف حزب الله تحت المجهر

أثارت صفقة هواتف حزب الله تساؤلات جديدة بعد هذه الحادثة، حيث تشير التقارير إلى أن أجهزة راديو بيجر كانت جزءاً من صفقة تم الاتفاق عليها لتأمين اتصالات داخلية للحزب.

ومع ذلك، الانفجارات التي حدثت كشفت عن خلل خطير في هذه الأجهزة، ما يثير الشكوك حول مصدر هذه الأجهزة وجاهزيتها للاستخدام الميداني.

وأدى الحادث إلى إصابة مئات من عناصر حزب الله بجروح بالغة، فيما باشرت القوات الأمنية اللبنانية تحقيقاً موسعاً في الحادث، وأدت التفجيرات إلى شل شبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله، ما أدى إلى مخاوف بشأن أمنه الداخلي، وتعمل السلطات اللبنانية بالتعاون مع قيادة حزب الله على الكشف عن مصدر الخلل أو التخريب في أجهزة بيجر.