تريليون دولار هي القيمة المتوقعة لسوق أجهزة وبرمجيات الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث المقبلة بحسب تقرير التكنولوجيا العالمية السنوي الخامس الذي نشرته شركة باين آند كومباني يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024.

وتشير تقديرات التقرير إلى أن هذه السوق ستنمو سنوياً بنسبة 40 إلى 50 في المئة لتتراوح قيمتها بين 780 مليار دولار و990 مليار دولار بحلول عام 2027.

وقال رئيس ممارسة التكنولوجيا العالمية في شركة باين آند كومباني، ديفيد كروفورد «يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي المحرك الرئيسي لموجة التغيير الحالية، ولكنه معقد بسبب تحولات ما بعد العولمة والحاجة إلى تكييف العمليات التجارية لتحقيق القيمة».

وأضاف كروفورد «تعدت الشركات مرحلة التجريب إذ بدأت في توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي التوليدي عبر المؤسسة، وبينما يفعلون ذلك، سيحتاج مديرو تكنولوجيا المعلومات إلى الحفاظ على حلول الذكاء الاصطناعي على مستوى الإنتاج والتي ستمكن الشركات من التكيف مع المشهد الذي يتغير بسرعة».

الذكاء الاصطناعي والاستدامة

ومما لا شك فيه أن التطور اللافت للذكاء الاصطناعي فسح المجال أمام بناء نماذج لغات كبيرة ومراكز بيانات عملاقة مرشحة لتوسيع نطاقها خلال العشر سنوات المقبلة.

ووفقاً للتقرير فإن استخدام الذكاء الاصطناعي سيرفع من قوة الحوسبة ويؤدي إلى استهلاك أكبر للطاقة لدى مراكز البيانات التي ستزيد حاجتها من الطاقة من 50 و200 ميغاوات إلى واحد غيغاواط.

وهذا يعني أنه إذا كانت تكلفة مراكز البيانات الكبيرة تتراوح اليوم بين مليار دولار و4 مليارات دولار، فإنها قد تكلف ما بين 10 مليارات و25 مليار دولار بعد خمس سنوات.

ويتوقع التقرير أن يكون لهذه التغييرات آثار هائلة على النظم البيئية التي تدعم مراكز البيانات بما في ذلك هندسة البنية التحتية، وإنتاج الطاقة، والتبريد، بالإضافة إلى إجهاد سلاسل التوريد.

كما سيرفع الذكاء الاصطناعي الطلب على وحدات معالجة الرسومات (GPUs) بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2026، وحذرت باين من «أن هذه الاتجاهات، عندما تقترن بالتوترات الجيوسياسية، يمكن أن تؤدي إلى النقص في أشباه الموصلات».

وتابعت باين «إذا تضاعف الطلب على مراكز البيانات على وحدات معالجة الرسومات من الجيل الحالي بحلول عام 2026، فلن يحتاج موردو المكونات الرئيسية إلى زيادة إنتاجهم فحسب، بل سيحتاج صانعو مكونات تعبئة الرقائق إلى مضاعفة طاقتهم الإنتاجية ثلاث مرات تقريباً لمواكبة الطلب».

ولفت التقرير إلى أن النفقات الرأسمالية لمراكز البيانات تتراوح بين 2 و2.5 مليار دولار لمراكز 100 ميغاواط بينما تصل إلى ما بين 20 و25 مليار دولار لمراكز 1 غيغاواط.

الذكاء السيادي

واستناداً للتقرير فإن موجة تبني الذكاء الاصطناعي السيادي ستزيد المخاوف الحالية المتعلقة بالبيانات والأمن والخصوصية. ولتأمين هذه الحماية ستضطر الدول إلى زيادة عدد الطبقات الحمائية في برمجيات الذكاء الاصطناعي وتحديد المستوى المناسب من مجموعة الذكاء الاصطناعي للتعامل معها.

وقال شريك رئيسي وقائد خدمات التصنيع المتقدمة وممارسات التكنولوجيا في شركة باين الشرق الأوسط، حسام جميلي «إن طبقات الذكاء الاصطناعي تعطيه قيمة أعلى ولكنها تأتي مع متطلبات أكثر تعقيداً وقدرة».

وأضاف «ينمو الطلب الإقليمي بنسبة 30 في المئة سنوياً، ليقترب من واحد غيغاواط وكان جذب أحجام السحابة العالمية أمراً صعباً بسبب المشكلات التنظيمية والسيادية وزمن الوصول».

وتابع جميلي «مع ذلك، يعمل الذكاء الاصطناعي التوليدي على تغيير هذا، حيث يتجاوز تدريب الذكاء الاصطناعي زمن الاستجابة ونتوقع أن يصل الطلب إلى 4-6 غيغاواط بحلول عام 2027، ما قد يخلق فجوة في العرض تتراوح بين 3 و5 غيغاواط».

وأوضح جميلي «في الوقت الحالي، يجري بناء أو التخطيط لإنتاج 1.5 غيغاواط من الطاقة، مع الإعلان عن المزيد من الاستثمارات فإن نافذة الفرص ستغلق وبسرعة».

ولفت جميلي إلى أن أربعة عوامل رئيسية يجب أخذها بعين الاعتبار وهي الوصول إلى طاقة نظيفة وبسعر مقبول، دعم تمويل قوي لبناء مراكز البيانات والمعدات وأسعار تنافسية في العرض واستقطاب إقليمي للمواهب مدعوماً بتنظيمات مرنة للذكاء الاصطناعي.

وتطرق جميلي إلى تنافسية دول الخليج في هذا المجال بسبب معدلات النمو لديها والبيئة التنظيمية الحاضنة والتكلفة التنافسية للطاقة النظيفة.

الذكاء التوليدي

تأتي هذه الضغوط في الوقت الذي تشهد فيه شركات البرمجيات تباطؤاً في نمو الإيرادات، وأظهر التقرير أن متوسط نمو الإيرادات السنوية لمجموعة مكونة من نحو 90 شركة برمجيات كخدمة (SaaS) متداولة علناً انخفض بنسبة 16 نقطة مئوية في العامين الماضيين.

ومع تباطؤ النمو، خفضت شركات البرمجيات بشكل كبير الإنفاق على المبيعات والتسويق، في حين أثبت الإنفاق على البحث والتطوير أنه أكثر قوة.

وتقلصت ميزانيات المبيعات والتسويق لشركات البرمجيات من 41 في المئة من الإيرادات في عام 2022 إلى 33 في المئة من الإيرادات في عام 2024، في حين تقلص الإنفاق على البحث والتطوير بمقدار 3 نقاط مئوية فقط، وانخفض من 21 في المئة إلى 18في المئة من الإيرادات خلال الفترة نفسها.

ولفت التقرير إلى أن شركات البرمجيات ستحتاج إلى التأكد من أنها تنتج ما يحتاجه العملاء، وتحقيق أقصى استفادة من إنفاقها على البحث والتطوير، وكبح جماح تضخيم نفقات التشغيل، ومن ناحية أخرى، يجب على بائعي البرمجيات أن يكونوا أكثر انضباطاً في تحديد ما يجب بنائه وبيعه، وأن يكونوا أكثر وضوحاً بشأن استراتيجية منتجاتهم.

صفقات النطاق

ولفت التقرير إلى أن العقبات التنظيمية المستمرة دفعت شركات التكنولوجيا إلى تحويل نشاط الاندماج والاستحواذ الخاص بها بعيداً عن الصفقات التي تهدف إلى الحصول على الحجم ونحو الصفقات التي تهدف إلى الوصول إلى قدرات أو منتجات أو أسواق جديدة، تعرف بـ«صفقات النطاق».

ومن عام 2015 إلى عام 2018، زادت النسبة المئوية لصفقات النطاق صناعة التكنولوجيا من 50 في المئة إلى 80 في المئة، وظلت ثابتة منذ ذلك الحين.

على مدى السنوات الست الماضية شكلت صفقات النطاق ما يقرب من 80 في المئة من جميع عمليات الاندماج والاستحواذ في صناعة التكنولوجيا وهي حصة أكبر من معظم الصناعات الأخرى كما أفاد التقرير.

وختم التقرير أن التكنولوجيا لا تزال تخضع لتدقيق شديد وليس هناك ما يشير إلى أن شعبية صفقات نطاق التكنولوجيا ستفسح المجال للعودة إلى الصفقات واسعة النطاق في أي وقت قريب. ويخلص التقرير إلى أن عمليات الاندماج والاستحواذ في الصناعة أصبحت غير قابلة للتنبؤ بها.