فرضت الحكومة الأميركية ضوابط تصدير جديدة على بيع شرائح الذاكرة عالية التقنية المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى الصين، وتنطبق هذه القواعد على تكنولوجيا الذاكرة عالية النطاق الترددي (إتش. بي. إم.) المُصنعة في الولايات المتحدة وكذلك تلك المنتجة في الخارج.
والذاكرة عالية النطاق الترددي (إتش. بي. إم.) هي في الأساس مجموعة من شرائح الذاكرة، وهي مكونات صغيرة تخزن البيانات يمكنها تخزين الكثير من المعلومات ونقل البيانات بشكل أسرع من التكنولوجيا القديمة التي تسمى ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية (دي. أر. إيه. إم.).
وتُستخدم شرائح الذاكرة عالية النطاق الترددي بشكل شائع في كروت الشاشة وأنظمة الحوسبة عالية الأداء ومراكز البيانات والسيارات ذاتية القيادة، وهي لا غنى عنها لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يعمل بمعالجات الذكاء الاصطناعي التي تنتجها شركتا (إيه. إم. دي.) وإنفيديا.
قال نائب رئيس تك إنسايت، وهي منظمة بحثية متخصصة في الرقائق، جي دان هاتشيسون، لشبكة CNN «المعالج والذاكرة مكوِّنان أساسيان للذكاء الاصطناعي، ودون الذاكرة يكون الأمر أشبه بامتلاك دماغ به منطق ولكن دون أي ذاكرة».
كيف ستؤثر القيود على الصين؟
تأتي أحدث مجموعة من قيود التصدير، التي أعلنت عنها إدارة الرئيس بايدن في 2 ديسمبر، في أعقاب جولتين سابقتين من القيود على بيع الرقائق المتقدمة إلى الصين على مدار ثلاث سنوات، بهدف منع وصول ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى التكنولوجيا الحيوية التي يمكن أن تمنحها ميزة عسكرية.
رداً على ذلك أقرت بكين قيوداً جديدة على صادرات الجرمانيوم والغاليوم وعناصر المواد الأخرى الأساسية لصنع أشباه الموصلات وغيرها من المعدات عالية التقنية.
وقال الخبراء إن القيود الأخيرة على التصدير ستؤدي إلى إبطاء تطوير الصين لرقائق الذكاء الاصطناعي.
وتحاول الصين حالياً تطوير قدراتها الخاصة في هذا المجال إلا أنها تتخلف كثيراً عن موردي الذاكرة الأهم عالمياً، إس. كيه. هاينكس (تسيطر على 50 في المئة من السوق العالمي) وسامسونغ (40 في المئة) في كوريا الجنوبية، وميكرون الأميركية (10 في المئة).
وقال جيفري تشيو، الرئيس التنفيذي لشركة أنسفورس، وهي شركة استشارية متخصصة في التقنية، لشبكة CNN «ما ستفعله قيود التصدير الأميركية هو منع وصول الصين إلى الذاكرة عالية النطاق الترددي في الأمد القريب، لكن على المدى الطويل ستكون الصين قادرة على إنتاجها بشكل مستقل، وإن كان ذلك باستخدام تقنيات أقل تقدماً».
وتمتلك الصين بالفعل عدداً من الشركات الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، والتي تحاول تعظيم القدرة على إنشاء خطوط إنتاج الذاكرة عالية النطاق الترددي لتحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في الاكتفاء الذاتي تكنولوجياً.
الفروق الرهيبة
ما يجعل شرائح الذاكرة عالية النطاق الترددي مهمة جداً هو مساحة تخزينها الأكبر وسرعتها الأعلى في نقل البيانات، مقارنةً بشرائح الذاكرة التقليدية، ونظراً لأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتطلب الكثير من الحوسبة المعقدة، فإن مثل هذه السمات تضمن تشغيل هذه التطبيقات بسلاسة، دون تأخير أو خلل.
الأمر يشبه طريقاً سريعاً، وكلما زاد عدد الممرات زاد عدد السيارات التي يمكنه استيعابها، وفق هاتشيسون «إنه مثل الفرق بين طريق مكون من حارتين وطريق مكون من مئة حارة، الطريق الثاني لن يشهد اختناقات مرورية».
لماذا التصنيع صعب؟
تخيل تكديس شرائح ذاكرة قياسية متعددة في طبقات مثل الهامبرغر، هذا هو هيكل الذاكرة عالية النطاق الترددي في الأساس، وهذا ليس بالأمر السهل، لدرجة أنه ينعكس على السعر، فسعر بيع وحدة الذاكرة عالية النطاق الترددي أعلى بعدة مرات من سعر شريحة الذاكرة التقليدية.
يبلغ ارتفاع الذاكرة عالية النطاق الترددي تقريباً ست خصلات من الشعر، ما يعني أن كل طبقة من شرائح الذاكرة القياسية المكدسة معاً يجب أن تكون رقيقة للغاية، وهو إنجاز يتطلب تقنية تصنيع تُعرف باسم (التغليف المتقدم).
قال جيفري تشيو «يجب ضغط كل شريحة ذاكرة إلى سُمك نصف خصلة من الشعر قبل تكديسها معاً، وهو أمر صعب للغاية»، بالإضافة إلى ذلك حفْر ثقوب في شرائح الذاكرة هذه قبل تثبيتها فوق بعضها بعضاً لمرور الأسلاك الكهربائية، ويجب أن يكون موضع وحجم هذه الثقوب دقيقين للغاية.
قال هاتشيسون «ستفشل كثيراً عندما تحاول صنع هذه الذاكرة، الأمر أشبه ببناء بيت من الورق».