تسبب انبهار العالم بمأساة سفينة تيتانيك الغارقة في قاع المحيط منذ أكثر من مئة عام في حدوث مأساة جديدة الأسبوع الماضي، عندما انفجرت الغواصة السياحية تايتان أثناء توجهها لاستكشاف حطام «تيتانيك» ليلقى ركابها الخمسة حتفهم على الفور.

والغريب أن كارثة «تيتانيك» لا تفقد سحرها مع الزمن رغم أنها ليست السفينة الوحيدة التي تعرضت للغرق، فهناك العديد من السفن الأخرى التي يرقد حطامها في أعماق الأطلسي، ووراء كل منها قصة مؤثرة ربما تكون أكثر مأساوية من قصة «تيتانيك» التي اصطدمت بجبل الجليد عام 1912، ما أدى لغرقها وهلاك 1517 شخصاً كانوا على متنها.

على الرغم من ذلك فإن «تيتانيك» ما زالت تحظى بالاهتمام الأكبر على مستوى العالم، حيث ألهمت قصتها العديد من المبدعين ليتم تحويلها إلى روايات وفيلم سينمائي وسياحة رائجة يُقدر روادها بمئات الآلاف سنوياً ما بين متاحف ومعارض.

هذا بالإضافة لرحلات الاستكشاف السياحية التي تتيح للمغامرين -الذين يمكنهم تحمل تكلفة الرحلة الباهظة- الذهاب إلى موقع السفينة الغارقة وقضاء بضع دقائق في مشاهدة حطامها المتهالك، فهذه الدقائق -بالنسبة لهم- تستحق المخاطرة والتكلفة التي تُنفق في سبيلها.

سياحة رائجة وجاذبية لا تنطفئ

ويرى الخبراء أن السر وراء هذه الجاذبية التي لا تنطفئ لسفينة «تيتانيك» يكمن في السحر والفخامة التي ارتبطت بقصة السفينة، فعلى الرغم من الدعاية الشائعة في ذلك الوقت من أنها «سفينة غير قابلة للغرق»، تعرضت السفينة لمأساة حقيقية أودت بحياة الكثيرين، من بينهم العديد من المشاهير ونجوم المجتمع.

وأصبحت «سياحة تيتانيك» أحد القطاعات الرائجة للغاية في مجال «السياحة المظلمة»، وهو مصطلح يُطلق على زيارة الأماكن المرتبطة بالموت والكوارث والمعاناة.

وهناك العديد من الخيارات المتاحة للمهتمين بتاريخ «تيتانيك»، ومن بينها الخيارات التقليدية مثل متاحف تيتانيك المنتشرة في العديد من المدن، منها مدينة بلفاست (التي شهدت تصنيع السفينة الأصلية)، وليفربول (التي تم تسجيل السفينة بها)، وساوثهامبتون (حيث بدأ الركاب رحلتهم)، وكوف (آخر محطة للسفينة في أوروبا).

وهناك أيضاً مكان دفن ضحايا السفينة في مدينة هاليفاكس في مقاطعة نوفا سكوتيا الكندية، والذي يُعد أحد المعالم السياحية الشهيرة التي تجذب عشاق «تيتانيك»، هذا بالإضافة للمشروع الطموح «تيتانيك 2» الذي أعلن عنه رجل الأعمال الأسترالي كليف بالمر لبناء نسخة طبق الأصل من السفينة الأصلية، والذي طال انتظاره طويلاً.

أما عشاق المغامرة، فيمكنهم الانطلاق في رحلة داخل إحدى الغواصات الاستكشافية لمشاهدة حطام السفينة ذاتها في قاع المحيط مقابل 250 ألف دولار للفرد.

لكن جميع الخبراء اتفقوا على أن حادث الغواصة الأخير سيغير قواعد اللعبة بشكل كبير، فمن جهة سيساعد عشاق المغامرة على اتخاذ قرارات أفضل للحفاظ على سلامتهم وأمنهم، ومن جهة أخرى سيحث الجهات المعنية على تنظيم الضوابط ومواصفات الأمان المطلوبة في هذا النوع من الرحلات.

وكانت الغواصة تايتان قد تعرضت لانفجار داخلي أثناء اتجاهها إلى موقع سفينة «تيتانيك» ما أودى بحياة ركابها الخمسة، ومن بينهم الرئيس التنفيذي لشركة «OceanGate» صاحبة الغواصة المنكوبة، وما تزال التحقيقات مستمرة حول سبب انفجار الغواصة وسط اتهامات بوجود عيوب فنية في تصنيع غواصات الاستكشاف التي تملكها الشركة.

(مورين أوهير – CNN)