في الخامس من أغسطس آب من العام الماضي، وعلى الرغم من الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن البيروقراطيين في موسكو كانوا منشغلين بتطوير قطار بوتين الشبح ومعدات الصالة الرياضية الخاصة به.
كشفت وثائق مسربة حصلت عليها «CNN»، وغيرها من المؤسسات الإعلامية، عن عربة الصحة الرياضية التي لا يستخدمها سوى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكتب أحد مسؤولي الكرملين عن تركيب معدات الصالة الرياضية.
لم توضح هذه الوثائق أسرار قطار بوتين الشبح فحسب، بل إنها كشفت عن جانب جديد للرئيس الروسي الذي لا يُعرف سوى القليل عن حياته الخاصة، كما اتضح في الأيام التي أعقبت تمرد قوات « فاغنر».
تأتي الوثائق مدعومة من مركز الملفات من ميخائيل خودوركوفسكي، وهو قطب نفط روسي سابق منفي تحول إلى منتقد للكرملين.
حقيقة أن بوتين يستخدم القطار معروفة جيداً، إذ نشر الكرملين صوراً لاجتماعات سابقة كشفت عن ذلك، لكن محتويات عربات قطار بوتين الشبح العشرين الأخرى كانت من أسرار الدولة الخاضعة لحراسة مشددة.
يقول مركز الملفات إن الوثائق المسربة جاءت من شخص مطلع في شركة «زيركون سيرفيس» الروسية المكلفة من قبل شركة السكك الحديدية الروسية بتجهيز السيارات المخصصة لمكتب الرئيس الروسي.
من بين أجزاء القطار المفصلة السيارة رقم «021-78630»، إذ يقول مركز الملفات إن الكتيب اللامع الذي أعدته شركة «زيركون» نفسها يظهر صالة رياضية فاخرة ومنتجعاً صحياً على عجلات مصمماً لبوتين.
اكتملت السيارة في عام 2018، في الوقت الذي التُقطت فيه الصور، جُهزت بأوزان ومعدات مقاومة إيطالية الصنع، لكنهم استبدلوها لاحقاً بآلات الرافعة التي صنعتها شركة مقرها الولايات المتحدة.
من خلال الباب أسفل السيارة، يوجد مركز تجميل كامل مزود بطاولة تدليك وجميع أنواع معدات التجميل المتطورة، تشير وثائق من مركز الملفات إلى أن الغرفة نفسها مجهزة للمساعدة في منع استخدام أجهزة الاستماع، كما يحتوي الحمام المبلط على حمام بخار تركي كامل ودش.
من بين الوثائق التي حصل عليها مركز الملفات رسائل تربط تجهيز عربات السكك الحديدية، بما في ذلك عربة الصالة الرياضية، مباشرة بالمسؤولين على أعلى المستويات في إدارة بوتين.
ينفي الكرملين بشكل قاطع النتائج التي توصل إليها مركز الملفات، وقال لشبكة «CNN» إن «الرئيس بوتين ليس لديه مثل هذه السيارة في استخدامه أو في ملكيته».
في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني عام 2018، عُقد اجتماع لتقييم العمل المتبقي على السيارة الرياضية رقم «78630-021»، يُظهر محضر الاجتماع، الذي حصل عليه أيضاً مركز الملفات، أن الاجتماع شهد حضور المديرين التنفيذيين لشركة «زيركون سيرفيس»، والسكك الحديدية الروسية، إلى جانب عشرة مسؤولين من جهاز الأمن الفيدرالي، وهي الجهة المكلفة بحماية الرئيس الروسي.
كما تسربت عشرات عقود الصيانة لمركز الملفات، بعضها يذكر السيارة الرياضية برقم «021-78630»، وتقول إن أي عمل في عربات القطار يجب أن يكون بالتنسيق مع جهاز الأمن الفيدرالي.
قطار بوتين الشبح
في عام 2020 كتب ديمتري بيغوف، أحد كبار المسؤولين في السكك الحديدية الروسية، إلى نائب مدير جهاز الأمن الفيدرالي أوليغ كليمنتيف، يطلب منه مراجعة المقترحات التي أرسلها لتجهيزات فخمة لعربتين للسكك الحديدية.
كتب بيغوف «حتى الآن، لم نستلم موافقة جهاز الأمن الفيدرالي على أي من الخيارات، ما لا يُسمح لنا ببدء إجراءات إبرام العقد والبدء في بناء العربات، أطلب منكم، عزيزي أوليغ أتيستوفيتش، مراجعة المفاهيم المقترحة وإبلاغنا بالقرار المتخذ».
وفقاً للمهندس والقبطان السابق في جهاز الأمن الفيدرالي غليب كاراكولوف، الذي انشق عن البلاد العام الماضي وأجرى مركز الملفات مقابلة معه بسرية شديدة، فإن بوتين بدأ يسافر بالقطار حتى يتجنب تعقبه.
وقال كاراكولوف في المقابلة التي سُجلت في ديسمبر الماضي «الطائرة بمجرد إقلاعها تظهر على الفور ضمن رادار الرحلة، بينما يُستخدم القطار لإخفاء هذه الحركات بطريقة أو بأخرى».
وأوضح أنه بدأ العمل في القطار وتركيب معدات الاتصالات لأول مرة خلال عام 2014، مضيفاً أن قطار بوتين الشبح أمضى منذ بداية الحرب وقتاً طويلاً متوقفاً بالقرب من فالداي، وهي منطقة روسية نائية بين موسكو وسانت بطرسبرغ، يحتفظ بوتين بمسكن كبير في المنطقة المعروفة ببحيراتها وغاباتها الريفية.
وقال كاراكولوف لمركز الملفات «كان موظفونا في الحجر بسبب هذا القطار الخاص، فمنذ بداية الحرب قال الرجال إنهم غادروا إلى مكان ما في اتجاه فالداي لمدة 40 أو حتى 45 يوماً».
من جهتهم، تعرّف بعض المتدربين على القطار من خلال استخدامه لقاطرتين، إضافة إلى القبة البيضاء التي قدمتها شركة «زيركون» له، وعنها يقول مركز الملفات إنها تحتوي على هوائيات اتصالات متقدمة يسهل رؤيتها على إحدى العربات.
لا تظهر القباب في القطارات الروسية العادية؛ لكنها ظهرت في مقطع فيديو رسمي نشره الكرملين في عام 2019، على عربة واحدة لقطار سكة حديد روسي مستأجر خصيصاً، بينما كان بوتين يسير على طول جسر «كيرتش» بين البر الرئيسي لروسيا وشبه جزيرة القرم.
من خلال صورة تلك القباب، نعرف أن قطار بوتين الشبح يحمل العلامات الخارجية العادية لقطار روسي رصده المتدربون الهواة بشكل متكرر على مر السنين.
(ماثيو تشانس ومايك كريفر-CNN)