شهد عام 2023 الجاري تكرار حوادث تعطل الملاحة في مجرى قناة السويس، إما بسبب جنوح السفن أو حدوث أعطال معينة في محركات السفن أثناء عبورها للقناة، ويأتي شهر أغسطس آب ليشهد حادثَي اصطدام، إذ أسفر الأول في بداية الشهر الجاري، عن غرق القاطرة فهد التابعة لهيئة قناة السويس بعد اصطدامها بناقلة غاز نفطي مسال، «تشاينا ليغيند» كانت تمر في منطقة البلاح داخل الممر الملاحي، شمال محافظة الإسماعيلية، وجاء الحادث الآخر صباح الأربعاء حين وقع تصادم بين ناقلة الغاز الطبيعي المسال «بي.دبليو ليسميس» التي ترفع علم سنغافورة وناقلة المنتجات النفطية «بوري» التي ترفع علم جزر كايمان في المجرى الملاحي.
صرَّح الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، بأن قاطرات الإنقاذ البحري للهيئة نجحت في التعامل الفوري مع طوارئ الملاحة والأعطال الفنية التي تعرضت لها ناقلتان خلال عبورهما القناة ضمن قافلة الشمال في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء، وأوضح ربيع أن المعاينة المبدئية أظهرت عدم وجود تلفيات بالغة تُذكر، أو وقوع حوادث تلوث بمحيط الناقلتين، وذلك وفقاً لبيان الهيئة على صفحتها الرسمية في موقع التواصل «فيسبوك».
وأكد الفريق ربيع أن قاطرات الهيئة نجحت في التعامل مع الموقف الملاحي الطارئ بسحب الناقلة «بوري» ورباطها بالتوازي مع أعمال توصيل أسلاك أربع قاطرات أخرى بالناقلة العاطلة «بي.دبليو ليسميس» وبدء قطرها من خلال قاطرة الإنقاذ «عزت عادل» بقوة شد 160 طناً، والقاطرات «مصاحب 2» و«سويس 1» و«سويس 2»، مشيراً في هذا الصدد إلى انتهاء أعمال قطر الناقلة «بي.دبليو ليسميس» خارج المجرى الملاحي للقناة.
يبلغ طول الناقلة بي.دبليو ليسميس التي ترفع علم سنغافورة 295 متراً، وعرضها 46 متراً، وحمولتها 121 ألف طن، فيما يصل طول الناقلة «بوري» إلى نحو 250 متراً، وعرضها 44 متراً، وحمولتها 67 ألف طن.
حوادث مماثلة
ورغم عودة حركة الملاحة لطبيعتها وفقاً لبيان صادر عن الهيئة، فإن حوادث مماثلة في الآونة الأخيرة قد تكررت، خاصةً منذ بداية عام 2023، إذ تناقلت وسائل الإعلام المصرية في التاسع من يناير كانون الثاني خبر جنوح سفينة شحن تُسمى «غلوري» بقناة السويس، وأكدت بعدها هيئة القناة أنها نجحت في تعويم السفينة غلوري، وأوضحت آنذاك أن حركة الملاحة لم تتعطل كون السفينة قد جنحت في منطقة مزدوجة المسار من المجرى الملاحي.
وتلا هذه الواقعة التي حدثت في مطلع العام عدة وقائع أخرى على مدار 2023 حتى شهر أغسطس آب الجاري، فقد تعطلت سفينة أثناء مرورها بقناة السويس دون التأثير على حركة الملاحة في فبراير شباط، وكانت سفينة الغاز الطبيعي المسال «غريس إيميليا» تعرضت لعطل في دفة القيادة «التوجيه» في منطقة البحيرات في الجزء الجنوبي لقناة السويس.
وفي مارس آذار نجحت الهيئة أيضاً في تعويم سفينة «إم إس سي إسطنبول» بعدما استخدمت أربع قاطرات، في واقعة أثرت على حركة الملاحة لوقت قصير، استأنفت على إثرها السفينة رحلتها إلى البرتغال.
وفي مايو أيار تعطلت سفينة البضائع «شين هاي تونغ 23»، وذلك خلال عبورها القناة ضمن قافلة الجنوب في رحلتها قادمة من السعودية ومتجهة إلى مصر، وفي يونيو حزيران أعلن رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع عن انتظام حركة الملاحة في القناة بالاتجاهين بعد التعامل السريع مع عطل فني في ماكينات ناقلة البترول «سيفيغور».
أسباب أعطال الملاحة في قناة السويس
أوضح رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع خلال المؤتمر الصحفي العالمي لهيئة قناة السويس في يونيو حزيران أن «عمليات جنوح السفن ليس لها علاقة بمجرى قناة السويس أو العمق، لكن سببها عيوب في السفن»، وشدد ربيع خلال تصريحه على «عدم صحة الادّعاءات بتراجع معدلات الأمان الملاحي بقناة السويس»، وأشار إلى استغلال البعض وقوع الحوادث الاعتيادية في المجرى الملاحي للقناة، وقال رئيس الهيئة إن مؤشرات قناة السويس تشير إلى أن معدل وقوع الحوادث في القناة لا يتعدى نسبة 0,09 في المئة، وهى «نسبة ضئيلة جداً لا تُذكر مقارنة بمعدلات العبور السنوية بالقناة، والتي تتجاوز 25 ألف سفينة سنوياً» على حد تعبيره.
كذلك يصف الخبراء الملاحة عبر قناة السويس بالسلاسة؛ كونها تتمتع بمسار مستقيم يخلو من المنحنيات، لكن على الرغم من ذلك تقع بعض الحوادث في هذا الممر الملاحي من حين لآخر، ويرجع ذلك بحسب رأي الخبراء نتيجة الأعطال الفنية في محركات السفن، أو القاطرات، أو نتيجة الأخطاء البشرية والمناخية التي تتعلق بتوجّه السفن، فضلاً عن أحجام السفن الضخمة.
ومن العوامل المؤثرة الأخرى على حركة الملاحة في قناة السويس عدم ازدواج المجرى الملاحي بالكامل، ما يدفع نحو تعطل الملاحة إذا ما تعطلت السفن أو جنحت، إذ يبلغ طول قناة السويس نحو 193 كيلومتراً، منها 113 كيلومتراً مجرى مزدوج.
جهود التطوير والإصلاح
وتعمل هيئة قناة السويس على تطوير المنشأة ضمن استراتيجية التطوير للحكومة المصرية 2030، إذ تشمل ازدواج القناة في البحيرات المرة الصغرى والتي بلغت نسبة إنجازها 50.3 في المئة من حجم أعمال المشروع بمعدلات تكريك بلغت 32 مليون متر مكعب من الرمال المشبعة بالمياه، فيما بلغت نسبة الإنجاز بمشروع التوسعة والتعميق 92.4 في المئة من حجم أعمال مشروع توسعة وتعميق القناة بإجمالي كميات تكريك قدرها 16.6 مليون متر مكعب من الرمال المشبعة بالمياه، وذلك وفقاً للموقع الرسمي لهيئة قناة السويس المصرية.
تمثل قناة السويس أحد المصادر الرئيسية لل عملات الأجنبية في مصر، وقد بلغت قيمة إيرادات قناة السويس 50.9 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية.