على مر التاريخ، كانت السكك الحديدية رمزاً عالمياً للازدهار والابتكار في جميع أنحاء العالم، وفي العصر الحديث يبدو أن القطارات السريعة هي الخطوة المنطقية التالية لجعل السفر بالسكك الحديدية أسرع وأكثر كفاءة وأكثر مراعاة للبيئة، من الناحية النظرية، لكن تكرر تأخير أو إلغاء العديد من مشاريع القطارات السريعة حول العالم مؤخراً، فما الأسباب وراء ذلك؟
مشروع قطار يربط لندن وبرمنغهام ومانشستر
أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك تقليص أكبر مشروع للبنية التحتية في بريطانيا، متجاهلاً تحذيرات رواد الأعمال من أن قراره قد يضعف ثقة المستثمرين في البلاد.
وقال سوناك يوم الأربعاء إنه يخطط للتقليص من مشروع «إتش إس 2» للقطارات السريعة، وهو مشروع حكومي ضخم يهدف إلى تعزيز سعة السكك الحديدية وخفض أوقات الرحلات بين لندن وبرمنغهام ومانشستر، أكبر ثلاث مدن في إنجلترا.
وستلغي الحكومة ما تبقى من المشروع، وهو خط برمنغهام إلى مانشستر فائق السرعة، محطمة الآمال في اكتمال الاستثمار الذي تحتاج إليه بشدة تلك الأجزاء الأقل ثراءً.
وبدلاً من ذلك، سيتم إعادة استثمار تلك الأموال في «مئات» من مشاريع النقل الجديدة في وسط وشمالي بريطانيا، حسبما قال سوناك في مؤتمر حزب المحافظين في مانشستر.
وأضاف «هذا يعني أن استثمار 36 مليار جنيه استرليني في مشاريع من شأنها إحداث فارق حقيقي عبر البلاد، سيقودنا نحو نمو وفرص أكبر بكثير مما كان سيحقق قطار أسرع إلى لندن».
ولخص سوناك وضع المشروع الاقتصادي بأنه قيد التنفيذ لمدة 14 سنة، ويعاني من تأخيرات متعددة وتجاوزات في التكاليف، ما أسهم في «إضعاف المشروع» لا سيما بعد ركود التنقل بعد الجائحة.
تأجيل مشروع قطارات بسبب عيوب الصناعة
تأخرت خطة شركة «أمتراك» للسكك الحديدية الأميركية، والبالغة قيمتها 2.3 مليار دولار، لاستبدال عربات قطار «أسيلا» فائقة السرعة لأكثر من ثلاث سنوات عن الموعد المحدد، وتواجه زيادات محتملة في الأسعار ومزيداً من التأخير، وفقاً لوكالة «رويترز للأنباء».
شركة «أمتراك»، التي تعاقدت معها «ألستوم» الفرنسية لتطوير وتصنيع 28 مجموعة قطارات جديدة عالية السرعة، كان من المقرر في البداية أن تبدأ في خدمة الركاب في مايو أيار 2021، وقد أنفقت 1.6 مليار دولار على البرنامج.
وقال المفتش العام لشركة «أمتراك» في تقرير يوم الثلاثاء إن البرنامج يواجه مزيداً من التأخيرات لأن قطارات «أمتراك» الجديدة لم تستوف متطلبات إدارة السكك الحديدية الفيدرالية وجميع مجموعات القطارات المنتجة حتى الآن بها عيوب.
قطار «أسيلا»، الذي يعمل من بوسطن إلى الممر الشمالي الشرقي لواشنطن، هو خط الأعمال الأكثر ربحية لشركة «أمتراك».
لا يزال يتعين على «ألستوم» إنتاج نموذج كمبيوتر معتمد لمجموعة القطارات «يثبت أن التصميمات الجديدة آمنة لمواصلة الاختبارات المطلوبة» من أجل المضي قدماً في الاختبارات التشغيلية، والقدرة على تشغيل قطارات جديدة بسرعات أعلى مخطط لها تبلغ 160 ميلاً في الساعة، ما يعادل 257.5 كم في الساعة، بحسب التقرير.
السكك الحديدية الهندية الأكثر تأخيراً
لا تزال السكك الحديدية الهندية تحتل المركز الثاني بين 24 قطاعاً للبنية التحتية من حيث أكبر عدد من المشاريع المتأخرة، إذ يحتل قطاعا النقل البري والطرق السريعة صدارة القائمة.
وارتفع عدد المشاريع المتأخرة المتعلقة بتطوير البنية التحتية في السكك الحديدية من 56 في عام 2022 إلى 98 مشروعاً في عام 2023.
وتنتمي سبعة من أصل 10 مشاريع ضخمة تأخرت في البلاد إلى السكك الحديدية الهندية، بما في ذلك خط السكك الحديدية أدامبور- سريناغار- بارامولا، الذي تأخر عن موعد انتهائه الأصلي بأكثر من 21 عاماً.
وشملت الأسباب البارزة للتأخير في المشاريع الهندية مشكلات تتعلق بحيازة الأراضي، والحصول على الموافقات، وأزمات المناقصة، والقضايا التعاقدية، وعدم كفاية القوى العاملة، والتأخير في الموافقات الفنية، ومشكلات القانون والنظام والتقاضي من قبل جناح المراقبة المعني للحكومة المركزية.
واعتباراً من 1 أغسطس آب 2023، تجاوزت تكلفة مشروع خط سكة حديد المتأخر رامغانج ماندي-بوبال 30.32 مليار روبية أي ما يزيد على 346 مليون دولار، بعد أن اعتمد في عام 2002 بتكلفة تقديرية تبلغ 4.25 مليار روبية، ما يعادل أكثر من 51 مليون دولار.
ورغم التأخيرات التي لا تنتهي لا تزال الحكومة الهندية متفائلة بإمكانية المضي قدماً في خططها لإنشاء قطار سريع بين مومباي وأحمد آباد، وكان هذا المشروع قد حصل على تمويل بأكثر من 13 مليار دولار من مجموعة من المستثمرين اليابانيين الذين لديهم مصالح تجارية في المنطقة.