بعد خمس سنوات من الحريق الذي دمر أجزاءً واسعة من كاتدرائية نوتردام في باريس، أُعيد افتتاح هذا المعلم التاريخي مساء السبت، عقب عمليات ترميم ضخمة بلغت تكلفتها نحو 700 مليون يورو، هذه الجهود التي موّلتها تبرعات عالمية غير مسبوقة.
ووسط مراسم احتفالية ضخمة تخللها حضور شخصيات دولية بارزة وأجواء مشحونة بالرمزية والتأمل، افتُتحت الكاتدرائية في تمام الساعة 19:21 بالتوقيت المحلي، عندما قام رئيس أساقفة باريس، لوران أولريك، بقرع أبوابها ثلاث مرات بعصاه الرعوية، معلناً «نوتردام، افتحي أبوابك».
حضور دولي لافت
شهدت المراسم مشاركة نحو أربعين من قادة الدول والحكومات، بمن فيهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ووريث العرش البريطاني الأمير وليام، إضافةً إلى الملياردير إيلون ماسك.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يواجه تحديات سياسية داخلية، وصف إعادة الافتتاح بأنها «مصدر فخر وطني»، مشبّهاً الحدث بالأهمية التي تمثلها دورة الألعاب الأولمبية القادمة في باريس، وفي كلمته، أكد ماكرون على الإرادة الجماعية التي جعلت من إعادة الترميم ممكنة، مضيفاً: «لقد اخترنا الإرادة والأمل.. وعظمة هذه الكاتدرائية مرتبطة بجميع من ساهموا في هذا الإنجاز».
ترميم تاريخي
أعاد الترميم بناء برج السهم الشهير الذي صممه المهندس المعماري أوجين فيوليه لودوك في القرن التاسع عشر، وفق تصميمه الأصلي، وأشاد مسؤول الورشة، فيليب جوست، بالعمل الجماعي الذي وصفه بأنه «مصدر فخر لفرنسا بأسرها»، مؤكداً أن الكاتدرائية أصبحت «أجمل من أي وقت مضى».
الأسقف لوران أولريك قال إن الكاتدرائية التي يعود تاريخها إلى أكثر من 860 عاماً، ستبهر العالم بحلتها الجديدة.
برنامج الاحتفالات
تخلل المراسم عرض فيلم يوثق مراحل الترميم، إضافةً إلى تكريم خاص لفرق الإطفاء والحرفيين الذين شاركوا في المشروع، وانتهت الفعاليات بعشاء في قصر الإليزيه بحضور القادة المشاركين.
أُقيم قداسان يوم الأحد، الأول صباحاً بحضور شخصيات بارزة ودينية لتكريس المذبح، والثاني مساءً مفتوح للجمهور، وتضمنت الاحتفالات حفلة موسيقية بقيادة المايسترو الفنزويلي غوستافو دوداميل، بمشاركة فنانين مثل فياني، غارو، وهبة طوجي.
في ظل «مستوى عالٍ جداً من التهديد الإرهابي»، جندت السلطات الفرنسية ستة آلاف عنصر أمني لتأمين الفعاليات، في مشهد يعكس الاستعدادات التي شهدتها الألعاب الأولمبية.
جهد جماعي عالمي
شارك في ترميم الكاتدرائية 250 شركة وألفا حرفي متخصص في مختلف المجالات، وبلغت تكلفة المشروع نحو 700 مليون يورو، تم تمويلها من تبرعات عالمية غير مسبوقة، ما يعكس أهمية نوتردام كرمز تاريخي وثقافي عالمي.