تنفق الشركات في صناعة الطيران مليارات الدولارات كل عام على صيانة الطائرات، سعياً لتحقيق هدف رئيسي وهو تجنب الحوادث والأعطال الفنية أثناء الرحلات الجوية، ومع ذلك لا يزال العالم يشهد حوادث متكررة للطائرات وخاصة تلك التي يقترن اسمها بشركة بوينغ.

ويقول الكابتن ليث الرشيد، خبير الطيران، «هناك نوعان من الصيانة التي تجريها الشركات على أسطول الطائرات التجارية؛ الأولى Proactive أو (مسبقة)، وتكون دورية لتجنب حدوث أعطال، أما الثانية فتكون صيانة بعد حدوث عطل أو حادثة ما».

ويشرح الرشيد في تصريحاته لـ«CNN الاقتصادية» أن الصيانة الدورية أو المسبقة تُحسب عادة لفترات محددة، سواء على أساس يومي أو أسبوعي أو شهري أو سنوي، مثلاً كل عام، أو 5 أعوام، أو 10 أعوام، أو بعد قطع الطائرة عدد ساعات معينة، 100 ساعة، أو 1000 ساعة، أو 5000 ساعة، وكلما زادت المدة كانت الصيانة التي تجريها الشركات أكبر.

على سبيل المثال، أحياناً عندما تكون الصيانة كبيرة تحتاج الشركة لإدخال الطائرة إلى “الهنغر” لتتفكك بالكامل، ثم تُعيد تركيبها، بهدف التأكد من سلامة كل شيء حتى الأسلاك المخفية بالداخل، ولم تتأثر بعوامل الزمن، بحسب الرشيد.

صناعة الطيران بحلول 2043.. طائرات جديدة بـ3.3 تريليون دولار

تكاليف صيانة الطائرات

ترتبط قيمة سوق الـ MRO«Maintenance and Repair Organizations» (الصيانة والإصلاح والتجديد) للطائرات بتكاليف الخدمات التي تشمل فحص الطائرات وإعادة بنائها وتعديلها، فضلاً عن توريد قطع الغيار والملحقات والمواد الخام والمواد الاستهلاكية الأخرى لتصنيع الطائرات.

وتشمل بعض الشركات الكبرى المصنعة لمحركات الطائرات التجارية في العالم: جنرال إلكتريك للطيران، وسي إف إم إنترناشيونال، ورولز رويس، بالإضافة إلى لوفتهانزا تكنيك.

وفي عام 2023، حققت جنرال إلكتريك إيرادات بلغت نحو 31.8 مليار دولار أميركي من قطاع الطيران وحده، وهو ما يمثل 47 في المئة من إجمالي إيرادات الشركة.

في هذه الأثناء، حققت شركة لوفتهانزا تكنيك نحو 6.8 مليار دولار إيرادات من تقديم خدمات الصيانة والإصلاح والإصلاح للطائرات المدنية، بما في ذلك الطائرات التجارية لكبار الشخصيات، وطائرات المهام الخاصة.

وفي مجال الطيران، عادةً ما تتضمن الصيانة عمليات فحص وتفتيش روتينية لتلبية متطلبات صلاحية الطيران، وتقدر شركة «ذا بيزنس ريسيرش» قيمة هذه الصيانة الدورية على مستوى العالم بنحو 47.12 مليار دولار في عام 2024.

مليارات الدولارات.. تكاليف صيانة الطائرات لتجنب الحوادث

وعن الطائرات من طراز بوينغ 737، قدّر ليث الرشيد أن متوسط تكاليف الصيانة العادية للطائرة يتراوح بين مليون ومليوني دولار سنوياً، في حين تقدر تكاليف صيانة المحرك بنحو 5 ملايين دولار كل خمسة أعوام، أي ما يعادل مليون دولار سنوياً أيضاً.

وأضاف الرشيد «هذه الصيانة الدورية، أما الحوادث المفاجئة التي تحدث بما في ذلك اصطدام أسراب الطيور بالطائرات فتقدر تكلفة الصيانة فيها تبعاً لحجم الضرر الواقع، وتأثيره على أجزاء الطائرة، وعليه، أحياناً تكون التكلفة مبلغاً بسيطاً، وأوقات قد تؤدي الصيانة لتغيير المحرك بالكامل، كما حدث وقت حادثة (هادسن) الشهيرة التي أُنتجت قصتها في فيلم سالي».

ولفت الرشيد إلى وجود تكاليف إضافية غير مباشرة تؤثر على إيرادات شركات الطيران في حالة حدوث أعطال مثل تعويض المسافرين عند توقف أو تعطل الطائرات، فضلاً عن الأضرار التي تلحق بسمعة الشركات بسبب الحوادث المرتبطة بالصيانة، وبالتالي يضر بمصالحها وعقودها مع الشركات الأخرى.

وتبرز أميركا الشمالية باعتبارها السوق المهيمنة لصيانة الطائرات وإصلاحها وتجديدها، بقيمة تقدر بنحو 24.1 مليار دولار في 2024، بحسب تحليل «ستاتيستا»، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى العدد الكبير من أساطيل الطائرات التجارية والعسكرية والعدد الكبير من مقدمي خدمات الصيانة والإصلاح والعمرة.

وفي عام 2024، من المتوقع أن تصبح الطائرات ذات الجسم الضيق هي النوع الرائد لأسطول الطائرات التجارية العالمي، بحصة تبلغ نحو 61 في المئة، فيما يتوقع التحليل أن تمثل الطائرات ذات الجسم العريض والإقليمية والطائرات ذات المحرك التوربيني نسبة 39 في المئة الأخرى من أسطول الطائرات التجارية في جميع أنحاء العالم.

توقعات سوق صيانة الطائرات

توقعت شركة «ذا بيزنس ريسيرش» أن يشهد حجم سوق صيانة الطائرات نمواً قوياً في السنوات القليلة المقبلة، من 47.12 مليار دولار المتوقعة لعام 2024، ليصل إلى 58.03 مليار دولار في عام 2028 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.3 في المئة.

ويمكن أن يُعزى النمو في الفترة التاريخية إلى تمديد دورة حياة الطائرات، وتوسيع الأسطول، والتركيز على السلامة، والاستعانة بمصادر خارجية لخدمات الصيانة، وقفزة الطيران التجاري.

ومن المتوقع أن يصل أسطول الطائرات العالمي إلى أكثر من 340 ألف طائرة بحلول عام 2034، ومن المقدر أن تصل قيمة حجم السوق الموحدة للطائرات العالمية على مدى 10 سنوات إلى نحو 124.1 مليار دولار.

وتشير التقديرات إلى أن أميركا الشمالية تتصدر المناطق الأكثر إنفاقاً على صيانة الطائرات بنحو 30 مليار دولار بحلول عام 2034، تليها أوروبا الغربية بقيمة 21.1 مليار دولار.

وأوضح الرشيد أن التوقعات إيجابية لأرباح شركات صيانة الطائرات، ويرجع ذلك إلى الطلب المتزايد على الطيران بشكل عام، وزيادة الطلب على السفر خصوصاً بعد جائحة كورونا، مقدراً نمواً بواقع 1.4 في المئة سنوياً حتى عام 2031.

السفر الجوي وشركات الطيران في 2025.. أرقام قياسية وتوقعات إيجابية