تلوح سحابة من الغيوم في الأفق فوق صناعة الشوكولاتة التي طالما أبهجت الأذواق حول العالم قروناً بسبب الارتفاع غير مسبوق في تكاليف الإنتاج، وهو ما سيضطر المستهلكون إلى دفع ثمنه قريباً.

ووفقاً للمنظمة العالمية للكاكاو، ترجع أزمة الكاكاو، وهو مصطلح يتردد صداه الآن في أروقة شركات الشوكولاتة العالمية، إلى شبكة معقدة من العوامل التي تتراوح بين تغيّر المناخ وتزايد الطلب العالمي.

ولعبت أمراض المحاصيل مثل فيروس تورم الكاكاو، الذي يؤدي إلى استئصال الأشجار المصابة وزراعة أخرى جديدة قد تستغرق سنوات لبلوغ ذروة الإنتاج، دوراً كبيراً في تقليل الإنتاج، لا سيما في دول مثل ساحل العاج، أكبر مورد للكاكاو في العالم، هذا إلى جانب تأثير الأمطار الغزيرة والرطوبة التي تفاقم تأثير أمراض المحاصيل في الحصاد​​.

وقالت المنظمة إن الطلب على الكاكاو زاد بواقع المثلين في العقدين الماضيين، مدفوعاً بالأسواق الناشئة مثل الصين والهند حيث يتزايد استهلاك الشوكولاتة، ما يخلق عجزاً هائلاً، وتتوقع المنظمة أن يفوق الطلب العرض بأكثر من 370 ألف طن هذا العام.

وتقع سويسرا، المشهورة بصناعة الشوكولاتة عالية الجودة، في قلب هذه الأزمة، إذ يجد مصنعو الشوكولاتة في البلاد أنفسهم أمام واقع قاسٍ متمثل في أن العنصر الرئيسي في منتجاتهم الشهية أصبح نادراً ومكلفاً جداً.

وأعلنت شركة الشوكولاتة السويسرية العملاقة «ليندت وسبرونغلي» مؤخراً أنها تتوقع ارتفاع تكلفة الكاكاو بنسبة تتراوح بين 8 و10 في المئة سنوياً، ما يفرض ضغوطاً كبيرة على هوامش الربح.

وارتفعت أسعار حبوب الكاكاو إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، مع تضاعف أسعار عقود الكاكاو الآجلة في نيويورك مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وتم تداول العقود الآجلة للكاكاو في الولايات المتحدة عند مستوى قياسي بلغ 6671.50 دولاراً للطن، وفي اليوم نفسه من العام الماضي تم تداولها بسعر 2705 دولارات.

دور تغيّر المناخ

على الرغم من أن ارتفاع الأسعار مدفوع في جانب منه بضغوط العرض، فإن سوء الأحوال الجوية في ساحل العاج وغانا، أثّرت في غلات المحاصيل.

وتزيد ظاهرة النينيو، التي تُعد من العوامل المناخية التي تؤثّر سلباً في إنتاج الكاكاو، من تعقيد الوضع بسبب الطقس السيئ الذي يضر بالإنتاج في مناطق مثل ساحل العاج، التي تشكّل مع غانا والكاميرون ونيجيريا مجتمعة ربع الإنتاج العالمي تقريباً​​.

ونتيجة لذلك انخفض المحصول العالمي 11 في المئة مقارنة بموسم العام الماضي، وفقاً لبيانات نشرتها المنظمة الدولية للكاكاو.

ويحذّر المحللون من أن صانعي الشوكولاتة والعلامات التجارية سوف يمررون التكاليف الأعلى للمستهلكين.

كما يتوقع البعض أنهم سوف يحدون من الخسائر عن طريق تقليص أحجام قطعة شوكولاتة أو استبدال ألواح الشوكولاتة العادية بألواح الفاكهة والمكسرات أو غيرها من البدائل الأقل كثافة بالشوكولاتة.

المصادر المستدامة

في محاولة لتأمين سلاسل التوريد الخاصة بهم، يتجه مصنعو الشوكولاتة بشكلٍ متزايد إلى ممارسات التوريد المستدامة.

وتهدف مبادرات مثل شهادة التجارة العادلة وتحالف الغابات المطيرة إلى ضمان حصول مزارعي الكاكاو على أجور عادلة والعمل بطرق مستدامة.

ومع ذلك، فإن تنفيذ مثل هذه التدابير يأتي مصحوباً بمجموعة من التكاليف الخاصة به، والتي ستُمرر حتماً إلى المستهلكين.

ولا تقتصر تداعيات أزمة الكاكاو على سويسرا أو صناعة الشوكولاتة وحدها.

ويحذر خبراء من أن ارتفاع أسعار الشوكولاتة يمكن أن تكون له آثار مضاعفة في الأسواق العالمية، ما يؤثّر في معدلات التضخم وعادات الإنفاق الاستهلاكي.

وبالنسبة لمحبي الشوكولاتة في أنحاء العالم كافة، فإن احتمال ارتفاع الأسعار الذي يلوح في الأفق قد يترجم قريباً إلى خيارات صعبة في متجر البقالة.