أعلنت شركة تسلا المملوكة للملياردير إيلون ماسك، أول تراجع في مبيعاتها منذ الجائحة خلال الربع الماضي، وهو انخفاض أسوأ بكثير مما كان متوقعاً، وألقت الشركة باللوم على ضعف الاقتصاد الصيني وإحراق مصنعها في ألمانيا وقيود على الإمداد بسبب التوتر المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط.

وقد تكون هذه العوامل معاكسة بالفعل لكن لا يمكن للعوامل الخارجية تحمل المسؤولية الكاملة عن متاعب تسلا، وبعض هذه المشكلات حتمية في ضوء دخول منافسين جدد للسوق وسعيهم لجذب زبائن تسلا.

وهذا هو ما يحدث بالفعل.

سقطت تسلا في هذه الشباك بسهولة لأنها لم تقدّم أي منتجات جديدة بالسرعة الكافية للحفاظ على شغف العملاء بمنتجاتها، كما أن ماسك أصبح شخصية لا يود الكثيرون أن يرتبط اسمهم بها حتى وإن كان ذلك مقابل الحصول على سيارة رائعة.

واستقرت مبيعات السيارات الكهربائية ككل في الولايات المتحدة خلال الأشهر القليلة الماضية، ويتباطأ نمو مبيعات السيارات الكهربائية منذ فترة لكن المبيعات خلال الربعين الماضيين لم ترتفع كثيراً على الإطلاق وفقاً لتقديرات كوكس أوتوموتويف.

والعزوف واسع النطاق عن السيارات الكهربائية قد ينعكس بدوره على العزوف عن تسلا.

لكن بعض صُناع السيارات مثل أودي وبي.إم.دبليو و مرسيدس يعلنون نمواً في مبيعات السيارات الكهربائية بأكثر من 50 بالمئة خلال العام المنصرم حسب ما قالت ستيفاني فالديز ستريتي من كوكس أوتوموتيف.

وأعلنت فورد ارتفاع مبيعاتها من السيارات الكهربائية بنسبة 86 بالمئة.

وقالت فالديز ستريتي «بالنظر إلى البيانات يتضح أن تباطؤ السيارات الكهربائية هو في الواقع تباطؤ لتسلا».

وانخفض سعر سهم تسلا بقرابة الثُلث في 2024 في ضوء المبيعات والأرقام المخيبة للآمال والشركة من أسوأ الشركات من حيث الأداء على مؤشر إس آند بي 500 منذ بداية العام.

وارتفعت مبيعات تسلا العام الماضي بنسبة 38 بالمئة مقارنة بعام 2022 لكن المستثمرين توقعوا المزيد، ونوهت تسلا في يناير كانون الثاني بأن نمو المبيعات هذا العام سيكون أقل.

وما حدث هو أن المبيعات لم تزد على الإطلاق في 2024 وهوت مبيعات تسلا العالمية خلال الربع الأول من العام بأكثر من 20 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي مما يمثل أول تراجع في مبيعاتها الفصلية منذ جائحة كوفيد-19.

1644535

ولم تكن تسلا مجرد ضحية لتباطؤ عام في سوق السيارات الكهربائية، ففي الولايات المتحدة ما زالت الشركة تمثل نحو 56 بالمئة من مبيعات السيارات الكهربائية ككل في 2023، وعلى الرغم من أن هذه النسبة أقل بكثير من حصة 80 بالمئة التي كانت تستأثر بها تسلا في الولايات المتحدة عام 2019 فإنها لا تزال تمثل أغلبية، فعندما يفقد الأميركيون الشغف بسيارات تسلا فإن ذلك يمكن أن يعني فقدانهم الشغف بالسيارات الكهربائية في المجمل.

وفيما بين الربع الأول من 2023 والربع الأول من 2024 نمت مبيعات السيارات الكهربائية الأميركية بما يُقدّر بنحو 15 بالمئة بموجب تقرير حديث صادر عن كوكس أوتوموتيف، ولكن وباستثناء تسلا تكون مبيعات السيارات الكهربائية الأخرى كلها قد نمت بنسبة 33 بالمئة.

ويبلغ عمر طرازي موديل 3 وموديل واي لتسلا، وهما أحدث الأنواع التي تنتجها الشركة، سبع سنوات وخمس سنوات على الترتيب، ويقدّم منافسو تسلا مثل فورد وأودي و هيونداي للسوق أنواعاً أحدث بكثير.

وقالت فالديز سترتي لشبكة CNN «طرازا تسلا سيارتان ممتازتان لكن صناعة السيارات تدور حول فكرة الطرز الجديدة والبدائل الحديثة التي يقدّمها المنافسون تؤدي إلى تباطؤ الطلب على تسلا».

وسيارة تسلا سايبرتراك حديثة وتلفت الانتباه لكن كُشف عنها النقاب للتو ولا تُنتج ولا تُباع حتى الآن إلّا بأعداد قليلة، وستطرح تسلا طرازاً محدّثاً من موديل 3 لكنها تبقى بالأساس هي السيارة نفسها.

ويمثّل صُناع السيارات الصينيون مثل بي.واي.دي خطراً كبيراً على تسلا على مستوى العالم وإن لم يدخلوا بعد للسوق الأميركية، ووصفهم ماسك نفسه بأنهم «أكثر شركات السيارات تنافسية في العالم».

إيلون ماسك

وقد يكون ماسك ذاته يتسبب في مشكلات لعلامة تسلا التجارية بتصريحاته المثيرة للجدل على نحو متزايد.

وناصر ماسك في السنوات القليلة الماضية خطابات وُصِفت بالعنصرية واتفق مع تصريحات معادية للسامية، وأزالت تسلا أيضاً دعمها للتنوع والشمول من تقاريرها المالية، فيما أعادت منصة إكس التي كانت تُعرف باسم تويتر قبل شراء ماسك لها حسابات شخصيات توصم بالعنصرية.

وتشير بيانات كاليبر، وهي شركة لإدارة السمعة في الدنمارك، إلى أن سمعة تسلا ووضع العملاء سياراتها في عين الاعتبار عن الشراء يشهدان تراجعاً بشكلٍ حاد بدءاً من بداية عام 2022 وهو العام الذي تولى فيه ماسك إكس وأنهما يواصلان التراجع منذ ذلك الحين.

وعلى الرغم من أن بيانات كاليبر لا تشير بدقة شديدة إلى أسباب محددة، فإن البحث الذي أجرته كشف أيضاً عن آراء سلبية مرتبطة بماسك نفسه.

وقال سورين هولم، رئيس خدمات العملاء في كاليبر إن ماسك وتسلا اسمان مرتبطان ارتباطاً وثيقاً ببعضهما بعضاً في التصور العام مقارنة بمعظم الرؤساء التنفيذيين والشركات التي يديرونها.

وأضاف «أنه رجل العام وأغنى شخص على قيد الحياة.. وبعد ذلك يستخدم كل هذا الزخم الإيجابي لخلق بعض الاهتمام السلبي حول نفسه».

وتراجعت الآراء بخصوص تسلا بشدة بدءاً من عام 2022 عندما انتقد ماسك قيود الجائحة لكن التراجع استمر منذ ذلك الحين مع إدلاء ماسك أو دعمه لتصريحات عامة وصفت بأنها عنصرية أو معادية للسامية.

وقال هولم إنه في ظل ظهور نماذج منافسة في السوق وتشبه في السعر والجودة والأداء عروض تسلا فإن الصورة العامة التي يضفيها ماسك على العلامة التجارية يمكن أن تبعد الزبائن.

وقال: «إنه وضع يكون فيه لتأثير سمعة الرئيس التنفيذي على العلامة التجارية وزن كبير».

(CNN – بيتر فالديز-دابينا)