رفعت الشركات الأوروبية أسعار السيارات التي تعمل بالبنزين بينما تقوم بتثبيت أو تخفيض أسعار السيارات الكهربائية في إطار استعدادها لتطبيق قواعد أكثر صرامة لخفض الانبعاثات الكربونية، ما يهدد بتقليص الأرباح في صناعة متعثرة بالفعل.
سيخفض الاتحاد الأوروبي بشكل كبير سقف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات بدءاً من 1 يناير.
للالتزام بالسقف الجديد ينبغي أن تسيطر السيارات الكهربائية على خُمس مبيعات شركات السيارات، وإلّا ستتعرض إلى غرامات باهظة.
ولكن حتى الآن بلغت حصة السيارات الكهربائية 13 في المئة من مبيعات السيارات في أوروبا، وفقاً لبيانات مجموعة الضغط التابعة لجمعية مصنعي السيارات الأوروبية (ACEA).
وتأتي القواعد الصارمة في وقت يعاني فيه القطاع من المبيعات الباهتة والمنافسة الصينية المتزايدة، ما أضر بالأرباح في الأشهر الأخيرة، حتى إن الرئيس التنفيذي لشركة ستيلانتس، كارلوس تافاريس، استقال هذا الشهر بسبب الخلاف مع مجلس الإدارة حول كيفية التعامل مع قضية الانبعاثات الكهربائية.
قرارات تنفيذية
مع بقاء أيام قليلة قبل تنفيذ القواعد الجديدة، يحث الساسة في أوروبا بروكسل على إعادة النظر في الأهداف، بينما بدأت شركات صناعة السيارات العمل على تجنب الغرامات التي قد تصل إلى 15 مليار يورو (15.76 مليار دولار)، كما قال رئيس جمعية مصنّعي السيارات الأوروبية، لوكا دي ميو.
رفعت فولكس فاغن وستيلانتس ورينو أسعار السيارات المعتمدة على محركات البنزين في الشهرين الماضيين، في محاولة للحد من الطلب على السيارات المنتجة للانبعاثات الأعلى وجعل النماذج الكهربائية أكثر جاذبية.
«بدأت شركات صناعة السيارات في اتباع استراتيجية تسعير تهدف إلى توجيه الطلب نحو المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات من أجل الوصول إلى أهداف خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتجنب الغرامات المحتملة»، وفقاً لبيتريكس كيم، من مركز أبحاث السيارات.
وفي الشهر الماضي رفعت بيجو التابعة لستيلانتس أسعار جميع طرازاتها في فرنسا باستثناء الطرازات الكهربائية بما يصل إلى 500 يورو، وزادت مجموعة رينو الأسعار على بعض الطرازات المعتمدة على البنزين، حيث أضافت 300 يورو، أو 1.6 في المئة، إلى كليو إس سي إي 65، لكنها أبقت أسعار الإصدارات الهجينة دون تغيير.
ولكن ربما تجلب هذه الاستراتيجية نتائج عكسية.
قال مصدر مقرب من شركة تصنيع سيارات أوروبية كبرى إن زيادة أسعار سيارات البنزين من شأنها أن تساعد على سد الفجوة السعرية مع المركبات الكهربائية الأكثر تكلفة، ولكن نظراً لضعف نمو السوق فقد لا تولد هذه الخطوة مبيعات كافية للسيارات الكهربائية، خاصة أن المبيعات في أوروبا أقل بنحو الخُمس عما قبل كوفيد.
وأضاف المصدر أن «زيادة سعر سيارات المحرك الحراري تعني خفض الإنتاج وستعاني سلسلة الإنتاج والموردون بالكامل من هذه الاستراتيجية».
قال دينيس شيمول، محلل السيارات في ستاندرد آند بورز العالمية، إن ارتفاع الأسعار سيساعد على تمويل الخصومات المستقبلية على أسعار السيارات الكهربائية، حيث يعمل بمثابة «إعانة غير مباشرة» لمشتري السيارات الكهربائية من قِبل مشتري السيارات المعتمدة على محركات الاحتراق، ولكن من المرجح جداً أن تضر هذه الاستراتيجية بهوامش الأرباح.
وخفّضت شركة فولكس فاغن بالفعل سعر سيارتها الكهربائية المدمجة (أي. دي. 3) في العديد من الأسواق في الأشهر الأخيرة، ما جعل سعرها يهبط دون 30 ألف يورو في ألمانيا.
ومن المتوقع أن تتضرر فولكس فاغن بشدة من تطبيق الأهداف الجديدة للاتحاد الأوروبي بسبب أحجام مبيعاتها المرتفعة.
ويتوقع أليستير بيدويل، رئيس قسم التنبؤ في غلوبال داتا، أن تقفز مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا، بما في ذلك منطقة اليورو وبريطانيا وأيسلندا وليختنشتاين والنرويج وسويسرا، بنسبة 41 في المئة عن هذا العام إلى 3.1 مليون وحدة عام 2025.
ولكن تخفيض الأسعار لدفع المبيعات له تكلفة، ففي المملكة المتحدة من المتوقع أن تتكلف شركات صناعة السيارات 6 مليارات جنيه إسترليني (7.6 مليار دولار) هذا العام من أجل زيادة مبيعات السيارات الكهربائية، بما في ذلك نحو 4 مليارات جنيه إسترليني نتيجة الخصومات وعروض البيع.
حلول أخرى
قال محللون في باركليز إن «تجميع الانبعاثات»، أو «شراء أرصدة الكربون» قد يكون أقل تكلفة.
وتسعى الشركات «مرتفعة الانبعاثات» إلى شراء أرصدة كربون من الشركات التي لديها حصة كبيرة من سوق السيارات الكهربائية، لخفض متوسطات الانبعاثات، بينما يعني تجميع الانبعاثات أن يقوم أكثر من مُصنع بالعمل بشكل مشترك لتحقيق هدف الانبعاثات الخاص بهم جميعاً.
وقالت المتحدثة باسم سوزوكي اليابانية إنها وافقت في أكتوبر على تجميع الانبعاثات مع فولفو المملوكة لشركة جيلي في عام 2025.
وقال تشارلز ليستر، مدير البيانات في شركة الاستشارات الخاصة بقطاع إنتاج البطاريات (رو موشن)، إن هذا الترتيب سيزيل تقريباً أي تهديد بفرض غرامات على سوزوكي، نظراً للعدد الكبير من السيارات الكهربائية المعروضة من فولفو.
ولكن جميع هذه الخيارات ستلتهم الأرباح الضئيلة للصناعة، ولا تزال الصناعة تأمل في أن تخفف بروكسل من الأهداف.
قال لوك شاتيل، رئيس مدير مجموعة الضغط الفرنسية التابعة لقطاع السيارات للصحفيين في أكتوبر تشرين الأول قبل معرض باريس للسيارات «لا يمكنني بيع عدد كافٍ من المركبات الكهربائية، وسأتعرض لعقوبة نتيجة مبيعاتي من سيارات المحركات الحرارية، ماذا يريدون مني أن أصنع؟ عربات تجرها الخيول؟».