يوصي صندوق النقد الدولي بإزالة القيود المفروضة على صرف العملات الأجنبية لتعزيز اقتصادات أكثر قوة وعدالة، مشيراً إلى أن هذه القيود تستنزف الطاقة من الاقتصاد وتعطي ميزة غير عادلة لأولئك الذين يستطيعون الوصول إلى سعر الصرف الرسمي الأرخص.

.

وقال نائب مدير إدارة الاتصالات بالصندوق كريستوف روزنبرغ «تحرير العملة الأجنبية يعني جعل النقد الأجنبي متاحاً للجميع بسعر الصرف نفسه، وفي معظم البلدان لا يمثل هذا مشكلة»، موضحاً «إذا رغبت في السفر إلى ألمانيا هنا في الولايات المتحدة فكل ما عليَّ فعله هو الذهاب إلى أحد البنوك وشراء اليورو دون طرح أي أسئلة، وسعر الصرف هو نفسه أينما ذهبت».

القيود على الوصول للعملات الأجنبية

وأضاف المسؤول بصندوق النقد «لكن في بعض البلدان يقيدون الوصول إلى العملات الأجنبية، ويمكن لأشخاص محددين شراء الدولار الأميركي أو اليورو وبحد أقصى معين وفي نوعيات محددة من المعاملات».

وتساءل روزنبرغ «ما نتيجة هذه السياسات؟ تظهر سوق سوداء موازية عبر أولئك الذين يحالفهم الحظ بالحصول على عملات أجنبية مثل المصدّرين أو العاملين بالسياحة أو الأشخاص الذين يتلقون التحويلات المالية، فيبيعونها بسعر أعلى للأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى السوق الرسمية».

وأشار المسؤول في صندوق النقد الدولي إلى أن «سعر السوق الموازية قد يصل إلى ضعف سعر الصرف الرسمي»، معقباً «هذا نظام رهيب لأنه يعطي ميزة غير عادلة للأشخاص الذين لديهم إمكانية الوصول إلى سعر الصرف الرسمي الأرخص».

تداعيات وجود سعرين للصرف

روزنبرغ ضرب مثالاً قائلاً «إذا كان بإمكاني شراء كيلو من الأرز بسعر 50 دولاراً، بينما على الجميع دفع 100 دولار للكيلو نفسه، فيمكنني احتكار السوق»، موضحاً «بشكل عام هذا الوضع يستنزف الطاقة من الاقتصاد، ويصبح لدى الجميع شيء واحد في أذهانهم، وهو كيف يمكنني شراء العملات الأجنبية بسعر رخيص وبيعها بسعر أعلى؟».

وأضاف المسؤول في صندوق النقد الدولي أن في وضع كهذا «لا يوجد حافز كبير للاستثمار، ناهيك عن الأنشطة المولدة للتصدير التي يتعين عليها تسليم عملتها الأجنبية بسعر الصرف الرسمي».

للتدليل على فشل هذه السياسات قال روزنبرغ «بعض الدول كان لديها مثل هذه الأنظمة كالاتحاد السوفيتي أو في بعض البلدان في إفريقيا، لكن في نهاية المطاف تخلت عن هذه القيود».

وأكد روزنبرغ «لهذا السبب يوصي صندوق النقد الدولي بإلغاء هذه القيود، ففي نهاية المطاف تتلخص مهمتنا في تعزيز النمو المستدام والرخاء».

أعضاء صندوق النقد الدولي تعهدوا جميعاً بعدم فرض قيود على شراء العملات الأجنبية فيما يسمى بالمعاملات الجارية التي تعني السلع والخدمات المستوردة، لذا فلا عجب أن يعارضها صندوق النقد الدولي.

كيف تتحرك السوق الموازية؟

قال روزنبرغ إنه «على النقيض من سعر الصرف الرسمي، فإن سعر الصرف الموازي تحركه قوّى السوق، وكلما ندرت العملة الأجنبية وزادت القيود شدة، زاد الفرق عن السعر الرسمي»، مضيفاً «فإذا قرر البنك المركزي طبع المزيد من العملة المحلية، يرتفع الطلب في السوق الموازية ويضعف سعر الصرف الرسمي».

لكن المسؤول بصندوق النقد استدرك «إذا كان هناك تدفق مفاجئ للعملة الأجنبية، فإن سعر السوق الموازية يتراجع، وفي بعض الأحيان يكون مجرد خبر عن بعض التدفقات المحتملة كافياً لتضييق الفجوة مع سعر الصرف الرسمي».

تحرير العملة والتضخم

روزنبرغ أشار إلى تداعيات تحرير العملة الأجنبية قائلاً «ليس بالضروري أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم»، معقباً «في الأنظمة شديدة التقييد تحسب جميع الواردات الاستهلاكية تقريباً بسعر الصرف الأكثر تكلفة في السوق الموازية، لذا فإن أسعار السلع المستوردة قد لا تتغير كثيراً بمجرد رفع القيود».

وأوضح روزنبرغ «في الواقع بمجرد توحيد سعر الصرف فقد ترتفع قيمة العملة المحلية، لماذا؟ لأن الاستثمارات في الصادرات سوف ترتفع وسيزداد المعروض من الدولار واليورو، سيؤدي هذا في النهاية إلى انخفاض أسعار الواردات، وسيدفع الاقتصاد إلى التحرك مرة أخرى».

تابع المسؤول بصندوق النقد الدولي «بطبيعة الحال يعتمد وضع حد للتضخم على السياسات الداعمة، ولمكافحة التضخم يجب على البنك المركزي إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة والامتناع عن تمويل عجز الموازنة بشكل مباشر، كما ينبغي على الحكومة إبقاء الإنفاق منخفضاً».

واختتم روزنبرغ حدثيه «خلاصة القول هي، إن إزالة القيود المفروضة على العملات الأجنبية أمر بالغ الأهمية لاقتصاد أكثر صحة وعدالة».