تزايدت مخاوف تعثر البنوك الأميركية وعززت القلق بشأن تضرر النظام المالي بأكمله، في وقت تعاني فيه البنوك الوطنية من ضغوط سياسية وتتصاعد فيه الخسائر غير المحققة.

وسلط تقرير مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية، الصادر في يونيو حزيران، الضوء على مخاوف بشأن 63 بنكاً أميركياً يعاني من مشكلات، بعدما سجل القطاع المصرفي خسائر غير محققة بقيمة 517 مليار دولار في الربع الأول من 2024.

وفي بداية يوليو تموز الحالي، حذر رائد الأعمال الأميركي غرانت كاردون من انهيار أكثر من 300 بنك أميركي، داعياً الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن إلى سرعة التحرك وتجنب حدوث أزمة مشابهة لعام 2008.

ولفت أحمد معطي المدير التنفيذي لشركة VI Markets في مصر، في تصريحات سابقة لـ«CNN الاقتصادية» أن الخوف الأكبر هو على البنوك الإقليمية الصغرى وليست البنوك الكبيرة، نظراً لاعتماد البنوك الصغرى الأكبر على القروض العقارية وتزايد تعثر شركات العقارات التجارية ما يجعلها هي المعرّضة بشكل أكبر للأزمات المالية.

إجراءات سياسية تهدد النظام المالي

أقرت بعض الولايات وتدرس أخرى تشريعات تستهدف مراقبة البنوك الوطنية في حالة حدوث تمييز ضد صناعات معينة على أسس سياسية، على سبيل المثال، طبقت ولاية تكساس قوانين تحظر البنوك من التعامل مع الولاية إذا أثبتت التحقيقات أنها تميز ضد صناعات معينة مثل الوقود الأحفوري أو الأسلحة النارية.

ومؤخراً، أصدرت فلوريدا وتينيسي قوانين جديدة تحظر على البنوك المعتمدة على المستوى الفيدرالي حرمان أي شخص من الخدمات على أساس معتقداته السياسية أو الدينية، وتسمح للولاية بالتحقيق في أي ادعاءات تمييزية، وقد أكدت البنوك منذ فترة طويلة أنها لا تمارس التمييز ضد صناعات معينة أو معتقدات سياسية معينة.

وأعرب مكتب المراقب المالي للعملة عن مخاوفه بشأن هذه القوانين مشيراً إلى أنها تهدف إلى تنظيم أنشطة البنوك الوطنية بناءً على اعتبارات سياسية، وقد تطرّق رئيس مكتب المراقب المالي مايكل هسو، إلى هذه المسألة يوم الأربعاء، مشيراً إلى إمكانية اتخاذ المكتب لإجراءات ضد ما وصفه بأنه «اتجاه مثير للقلق».

ووفقاً لتصريحات هسو التي نقلتها وكالة رويترز، فإن قوانين الولايات هذه تسهم في مزيد من التجزئة للنظام المالي، مؤكداً الدور التاريخي للخدمات المصرفية الوطنية في توحيد نظام كان مجزأً في السابق في أواخر القرن التاسع عشر.

وأضاف هسو أن سلامة البنوك الوطنية، بما في ذلك الامتثال للقوانين واللوائح الفيدرالية، مطلقة قانوناً وغير قابلة للتفاوض، وستعمل لجنة تنسيق المعاملات المالية للدفاع عن ذلك.

البنوك الإقليمية والعقارات التجارية

ظهرت بعض المخاوف في الآونة الأخيرة بشأن احتمالية اتجاه البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة إلى أزمة جديدة في 2024 بسبب تعثر شركات العقارات التجارية.

وأعلنت مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية -المسؤولة عن تأمين أموال المودعين في المصارف الأميركية- أن سلطات ولاية بنسلفانيا قامت بإغلاق بنك ريبابليك فيرست، فيما وصفته بأول حالة تعثر لبنك أميركي هذا العام، كما تعرضت أسهم بنك نيويورك كوميونيتي لتقلبات عنيفة مؤخراً نتيجة قيام المزيد من المودعين بسحب أموالهم من البنك بعد أن أعلن عن اكتشاف نقاط ضعف جوهرية في وضعه المالي.

ومع ذلك، لا تزال المخاوف بشأن انهيار البنوك الإقليمية في الولايات المتحدة أضعف من اعتبارها أزمة مالية تهدد استقرار النظام المالي، خاصة أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ووزارة الخزانة الأميركية أكدا استعدادهما للتصدي لهذه الأزمة.

وقال الخبير الاقتصادي أحمد معطي لـ«CNN الاقتصادية» في وقت سابق: «الإدارة الأميركية كانت واضحة وقت أزمة سيليكون فالي بأنها تعلمت من أزمة 2008، واستطاعت الحفاظ وقتئذ على ودائع العملاء، وبالتالي ليس هناك خوف للدرجة، خاصة أن التعثر يرتبط ببنوك صغيرة».

وكشف اختبار الإجهاد الذي أجراه الاحتياطي الفيدرالي في يونيو حزيران أن أكبر البنوك في البلاد لا تزال في وضع جيد يسمح لها بالنجاة من الركود الحاد مع الاستمرار في إقراض الأسر والشركات، لكن خطر تكبدها خسائر كبرى أصبح أعلى مما كان عليه عام 2023 الماضي.

وأضاف معطي أن احتمالية اتجاه الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة هذا العام تحدُّ أيضاً من هذه المخاوف، نظراً لأن ارتفاع أسعار الفائدة كان أحد الأسباب التي ضغطت على القطاع العقاري التجاري ومن ثم تعرُّض البنوك الصغيرة للإفلاس في الولايات المتحدة وبقية أنحاء العالم.