يهدد ارتفاع أسعار الكاكاو الشركات المصنّعة للشوكولاتة مثل شركة هيرشي وموندليز، خاصة مع اقتراب الأعياد الموسمية مثل عيد الفصح، في وقت يرفض فيه المتسوقون ارتفاع الأسعار.
ولامست العقود الآجلة للكاكاو الأميركي مستوى 10 آلاف دولار للطن للمرة الأولى على الإطلاق
وتمثّل المناسبات الخاصة مثل الأعياد الموسمية أهمية متزايدة لمبيعات الشوكولاتة حيث تشهد تلك الفترات «شراء اندفاعي» لمتسوقي الشوكولاتة والحلوى في المتاجر، ونرى طوابير طويلة من أجل الحصول عليها، وهو ما يعكس أهمية تلك المناسبات بالنسبة للشركات المصنعة للشوكولاتة.
لكن أسعار الكاكاو تظل معضلة إذ تضاعفت ثلاث مرات خلال الأشهر الـ12 الماضية بسبب مرض الفول في غرب إفريقيا، والمستمر في التفاقم، ما يعني أنه من غير المتوقع أن تحصل شركات الشوكولاتة على إغاثة في وقت قريب، إذ إن الأمر لم يتوقف عند حد الكاكاو فقط ولكن ارتفعت أسعار السكر بنحو 7 في المئة.
رفع أسعار الشوكولاتة
وضع صانعو الشوكولاتة خططهم لعيد الفصح العام الماضي، وقالوا إنهم سيرفعون الأسعار مرة أخرى لتغطية أزمة الكاكاو.
وجراء هذا تواجه الشركات ضغوطاً إضافية على هوامش أرباحها، خاصة بعد انتهاء تحوطاتها التي تضعها من أجل مواجهة مثل تلك الظروف في وقت لاحق من هذا العام أو العام المقبل.
لكن ارتفاع الأسعار يأتي في وقت حساس حيث بدأ المستهلكون يسأمون من ارتفاع الأسعار ويتراجعون عن الشراء.
وفي ظل تلك الصعوبات تمثل المبيعات الموسمية رهاناً أساسياً لتلك الشركات، إذ إنه من المتوقع أن تصل مبيعات حلوى عيد الفصح في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للشوكولاتة في العالم، إلى إجمالي العام الماضي البالغ نحو 5.4 مليار دولار على الأقل، رغم أن هذا سيكون مدفوعاً في الغالب بزيادات الأسعار وليس الكميات المباعة، وفقاً للجمعية الوطنية لمصنعي الحلويات.
ويعد عيد الفصح ثالث أكبر مناسبة في الولايات المتحدة لشراء الشوكولاتة والحلويات، حيث يحتل عيد الهالوين المركز الأول، تليها عطلة الشتاء، وفقاً لجمعية مصنّعي الحلويات.
وقال ديفيد برانش، مدير قطاع في معهد ويلز فارجو للأغذية الزراعية، «سيشتري الناس خلال العطلات، لكنهم سيتوقفون عن الشراء المندفع» خلال العام.
تظهر بيانات من الرابطة الوطنية لمصنّعي الحلوى أن حجم الشوكولاتة والحلوى المباعة للمناسبات اليومية انخفض في العام الماضي بنسبة 3.6 في المائة مقارنة بعام 2022.
حلويات خالية من الكاكاو
وكمحاولة لمواجهة هذا الأمر، تقوم شركة هيرشي بشحن المزيد من الحلويات الخالية من الكاكاو إلى تجار التجزئة في عيد الفصح، هذا بالإضافة إلى أرانب وبيض شوكولاتة ريس الشهيرة.
وقام تجار التجزئة في الولايات المتحدة بزيادة الخصومات على شركات كادبوري وريسيز وهيرشيز وإم آند إمز وليندت خلال عيد الفصح هذا العام مقارنة بالفترة الماضية، في محاولة لجذب المستهلكين وفقًا لشركة تحليلات لشركة الأبحاث داتاويف.
وقال جون أمينت، المستشار المستقل ونائب الرئيس العالمي السابق للكاكاو في شركة مارس، إن صانعي الشوكولاتة قاموا بالفعل بزيادة الأسعار، «وبالتالي فإن عيد الفصح هذا سيكون أكثر تكلفة من العام الماضي، وستكون هناك شهية أقل للمستهلكين للإنفاق».
وأضاف أن عطلة هذا العام ستكون أصعب من عطلة 2023 بسبب الارتفاعات.
وتميل شركات الشوكولاتة إلى التحوط في مشترياتها من المواد الخام لمدة تصل إلى 12 شهراً مقدماً.
تغيير الوزن بدلاً من رفع السعر
ومع ذلك، فقد أصبح من الصعب المضي قدماً في رفع الأسعار، وتظهر بيانات من شركة نيلسن أن سعر وحدة الشوكولاتة في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 10.4 في المئة في العام حتى أوائل مارس، مقابل زيادة بنسبة 14.3 في المئة في الفترة نفسها من العام السابق.
وقال متحدث باسم موندليز لرويترز إنه مع ارتفاع تكاليف المدخلات هذا العام، فإن الشركة لن تفكر في رفع الأسعار فحسب، بل في «تغيير أوزان الوحدة» من الشوكولاتة، وهي تقنية تُعرف باسم «التضخم الانكماشي».
وقال جون كوكس المحلل في شركة كيبلر تشيفرو «لقد مررنا منذ عامين بزيادات قوية في أسعار الشوكولاتة، ونميل إلى أن السنة الأولى كانت على ما يرام، وفي السنة الثانية ازداد الأمر سوءاً، والآن نحن في سنة ثالثة، سيكون الأمر مروعاً».
تقرير ساكسو بنك
وذكر تقرير لساكسو بنك إن سعر الكاكاو شهد ارتفاعاً كبيراً ومستمراً حيث وصل إلى 9250 دولاراً للطن.
يذكر أن سعر الكاكاو تجاوز الآن سعر النحاس الذي يبلغ سعره حالياً نحو 8850 دولاراً للطن في بورصة لندن.
على صعيد الأداء، شهدت أسعار العقود الآجلة في بورصة نيويورك ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 215 في المئة خلال العام الماضي و118 في المئة حتى الآن لهذا العام.
وتعكس هذه الزيادة المتواصلة حالة من الاضطراب الشديد في سوق الكاكاو، حيث يسعى المنتجون جاهدين لتأمين الإمدادات من مصادر خارج غرب إفريقيا، التي شهدت انخفاضاً كبيراً في الواردات إلى الموانئ بنسبة تقارب 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي.
ومن المتوقع أن يستمر ارتفاع الأسعار حتى يتمكن المنتجون من تأمين الكاكاو الذي يحتاجون إليه، أو حتى تصل الأسعار إلى مستويات تؤدي إلى تباطؤ كبير في الطلب.