شهدت أسعار الذهب استقراراً يوم الأربعاء بسبب مجموعة من العوامل المتباينة التي حالت دون تسجيل أي تحركات واسعة للمعدن الأصفر ليتحرك داخل نطاق ضيق فقط طوال الجلسة.
فمن ناحية، قلص صعود الدولار وعائدات سندات الخزانة بريق الذهب كوعاء استثماري مربح، ومن ناحية أخرى، لقي المعدن الثمين دعماً من استمرار التوترات الجيوسياسية وغموض المشهد الاقتصادي العالمي، وهي عوامل تعزز دور الذهب كملاذ آمن في مواجهة التقلبات المحتملة.
ارتفاع الدولار وعائدات السندات
صعد مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية بـ0.13 في المئة إلى 105.55 نقطة يوم الأربعاء، أي أقل بنسبة 1 في المئة فقط من المستوى القياسي الذي سجله في أبريل نيسان الماضي عندما قفز لأعلى مستوياته في نحو ستة أشهر.
وتلقى الورقة الخضراء دعماً من استمرار ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية التي تقف عند أعلى مستوياتها منذ 23 عاماً.
وكانت الأسواق تراهن بشكل أكبر الأسبوع الماضي على أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة بدءاً من سبتمبر أيلول المقبل بعد أن جاءت بيانات الوظائف والنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة أضعف من المتوقع، الأمر الذي أثار التفاؤل بشأن تباطؤ النشاط الاقتصادي الأميركي وبالتالي تراجع الضغوط التضخمية.
لكن تصريحات العديد من مسؤولي المجلس هذا الأسبوع عادت لتشكك الأسواق حول عدد مرات خفض الفائدة هذا العام، إذا أشارت معظمها إلى أن السيطرة على التضخم تُعد أولوية قصوى وأن المجلس لن يبادر بخفض الفائدة ما لم يرَ أدلة ملموسة على اتجاه التضخم نحو المعدل المستهدف البالغ 2 في المئة على ذلك.
ومن المعروف أن صعود الدولار يحد من جاذبية الاستثمار في الذهب لحائزي العملات الأخرى نظراً لأن أسعار المعدن الأصفر مقومة بالدولار.
كما أن الفائدة المرتفعة تغري المستثمرين بالتحول إلى الأصول الأعلى عائداً مثل الدولار وسندات الخزانة، بدلاً من الأصول التي لا تدر عائداً كالمعادن النفيسة.
وقال نيل كاشكاري -عضو الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس- يوم الثلاثاء إنه لا يستبعد رفع الفائدة الأميركية مجدداً للسيطرة على التضخم، وإن ظل ذلك احتمالاً بعيداً بعض الشيء على حد وصفه.
أما سوزان كولينز -عضو الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن– فقالت يوم الأربعاء إنها لا تستغرب إلحاح الضغوط التضخمية في ظل النشاط الاقتصادي الواسع العام الماضي، مشيرة إلى أن الاقتصاد الأميركي يحتاج لإبطاء نموه خلال الأشهر المقبلة لتهدئة وتيرة ارتفاع الأسعار.
في الوقت نفسه، سجلت عوائد سندات الخزانة الأميركية ارتفاعاًيوم الأربعاء مدعومة بالمشهد الضبابي لاتجاه الفائدة الأميركية بالإضافة لمزاد ضخم بقيمة 42 مليار دولار لسندات الخزانة أجل 10 سنوات.
التوترات الجيوسياسية والتوقعات قصيرة المدى
كان يمكن لأسعار الذهب التراجع بشكل أكبر تحت ضغط صعود الدولار وعوائد السندات، لكن المعدن الأصفر ظل متماسكاً نتيجة استمرار الاضطرابات الجيوسياسية سواء على صعيد منطقة الشرق الأوسط أو الصعيد الروسي الأوكراني.
وزاد القلق في الآونة الأخيرة من احتمال تصعيد المواجهة بين روسيا وحلف الناتو والذي يزيد المشهد العالمي غموضاً ويمنح المعدن الأصفر دعماً ليحافظ على مكانته التاريخية كملاذ آمن للتحوط من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية.
ويرى الخبراء أنه من الصعب تقديم توقعات دقيقة لتحركات الذهب على المدى القصير، لأن المعدن سيظل حبيساً لعوامل متباينة تحول دون تحقيق طفرات سعرية حادة صعوداً أو هبوطاً.