يواجه أغنى رجل في الصين حملة انتقادات شعبية واسعة أدّت إلى تراجع أسهم شركته وقد تهدد مبيعاتها مستقبلاً.. والسبب أن منتقديه يرون أنه ليس وطنياً بشكلٍ كافٍ.

فبين عشية وضحاها، وجد تشونغ شانشان، الذي صُنِّف أغنى رجل في الصين عام 2022 بعد تجاوز ثروته 62 مليار دولار حينها، نفسه هدفاً لانتقادات حادة وسط اتهامات له بعدم الوطنية ونقص الولاء، لتبدأ دعوات المقاطعة لشركته نونغفو سبرينغ أكبر الشركات الصينية للمياه المعبأة.

وشانشان ليس الوحيد الذي تعرض لمثل تلك الانتقادات، بل سبقه لذلك العديد من المشاهير ورجال الأعمال الصينيين الذين واجهوا حملات مماثلة، لكن الحملة تأتي هذه المرة في وقت حرج للصين التي تسعى لدعم القطاع الخاص لمساعدة اقتصادها المتباطئ على تجنب الركود.

الشرارة الأولى لحملة المقاطعة

انطلقت حملة المقاطعة ضد شانشان الشهر الماضي عقب وفاة رجل الأعمال الصيني زونغ تشينغهو مؤسس مجموعة المشروبات الصينية العملاقة “واهاها” التي تُعد أحد أكبر منافسي شركة نونغفو سبرينغ للمشروبات، فقد كان الصينيون ينظرون إلى تشينغهو باعتباره رجل أعمال وطنياً، ما أثار مقارنة واسعة بينه وبين شانشان عقب وفاته، وكان تشينغهو قومياً مبجلاً دخل في سجال تجاري مع شركة دانون الفرنسية العملاقة للأغذية قبل 20 عاما وفاز فيه.

وخلال أيام قليلة تحولت المقارنة إلى هجوم ضد شانشان لما اعتبره المهاجمون ممارسات غير وطنية من جانبه، بدءاً من استخدام عناصر يابانية في تغليف منتجات شركته وحتى حصول ابنه زهونغ شوزي على الجنسية الأميركية، ويشغل الابن حالياً منصباً غير تنفيذي في الشركة ويُعتبر خلفاً محتملاً لوالده في إدارتها.

اتهامات لشركة «نونغفو سبرنغ»
اتهامات لشركة «نونغفو سبرنغ» باستخدام أغلفة مستوحاة من رموز يابانية (CNN)

وأشار المهاجمون أيضاً إلى عدد من صناديق الاستثمار الأميركية التي تمتلك حصصاً كبيرة من أسهم نونغفو سبرينغ ومن بينها فانغارد وبلاك روك.

وفي إطار الحملة الشرسة ضد شانشان على مواقع التواصل الاجتماعي، كتب أحد المستخدمين على موقع ويبو الصيني للتواصل الاجتماعي يقول «زهونغ شوزي سيرث ثروة والده الضخمة، وسيصبح أغنى رجل في الصين في المستقبل، لكنه أميركي الجنسية، هذا أمر لا يُصدق».

وفي مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل، ظهر أحد المتاجر الصغيرة وهو يستبدل جميع زجاجات المياه التي تحمل علامة نونغفو بأخرى من شركة واهاها، وظهر متجر آخر وهو يعيد سيارة محملة بزجاجات نونغفو إلى الشركة، وانتشر المقطع كثيراً على منصة دويين وجذب أكثر من 300 ألف إعجاب.

وتسببت الحملة في خسارة كبيرة لأسهم نونغفو التي تراجعت بنحو 5 في المئة في بورصة هونغ كونغ منذ نهاية فبراير شباط، لتفقد الشركة نحو 3 مليارات دولار من قيمتها السوقية.

كما تسببت في تراجع الثروة الشخصية لأغنى رجل في الصين بملياري دولار منذ الأول من مارس آذار، وفقاً لمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات، لتصل ثروته الحالية إلى 64.5 مليار دولار.

وعلى الرغم من تراجع ثروته، فإنه لا يزال أغنى رجل في البلاد.

وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، كتب شانشان على حساب شركته على مواقع التواصل في مطلع مارس آذار قائلاً إن الكثيرين استغلوا وفاة تشينغهو لشن حملة انتقادات ضده، مشيراً إلى أن تشينغهو لم يكن ليرضى عن ذلك، لكن ذلك لم يفلح في تهدئة حدة الهجوم عليه.

وفي الأسبوع نفسه ، دعت وسائل الإعلام الوطنية الصينيين إلى وقف هجومهم على شركات القطاع الخاص الملتزمة بالقانون، مشيرة إلى أن القطاع يواجه حالياً تحديات صعبة تطلب دعم المواطنين وليس هجومهم.

حملات هجوم مماثلة

وشانشان هو أحدث هدف لمثل هذه الحملات، لكن سبقه إليها عدد من المشاهير والعلامات التجارية الصينية والعالمية، ومن بينهم الأديب الصيني مو يان الحائز جائزة نوبل والذي اتُهِم بتبييض وجه الجيش الياباني والإساءة لجيش التحرير الشعبي الصيني والرموز الصينية الوطنية في رواياته.

وفي عام 2022، تعرضت شركة الملابس والمعدات الرياضية الصينية الرائدة لي نينغ ل هجوم واسع النطاق وسط مزاعم بأن تصميماتها الجديدة تشبه الأزياء التي كان يرتديها الجنود اليابانيون خلال الحرب العالمية الثانية، وأدّت دعوات المقاطعة التي تلت ذلك إلى انخفاض مبيعات وأسهم الشركة لتتراجع قيمتها السوقية بنحو ملياري دولار خلال يومين فقط.

وفي 2021، تعرضت مجموعة من العلامات الغربية الشهيرة مثل إتش آند إم ونايكي و أديداس لحملات مقاطعة واسعة لرفضها استخدام القطن القادم من إقليم شينجيانغ الصيني ، وجاء ذلك بعد حظر الولايات المتحدة واردات القطن من الإقليم وسط مخاوف من استخدام ممارسات العمل القسري هناك، وهو ما نفته بكين حينها.

عمال يجمعون المحصول بأحد حقول القطن بإقليم شينجيانغ
عمال يجمعون المحصول بأحد حقول القطن بإقليم شينجيانغ (CNN)

وفي عام 2012، انطلقت مظاهرات مناهضة لليابان في أرجاء الصين مع تنامي حدة التوتر بين طوكيو وبكين بشأن جزر سينكاكو المتنازع عليها بين الدولتين ، وأعلنت بعض شركات السيارات اليابانية مثل «تويوتا» و«هوندا» تراجع مبيعاتها الشهرية في الصين في ذلك الوقت.