قالت السلطات الصينية إن مطوري العقارات المتعثرين في الصين لن يستفيدوا من خطة إنقاذ كبيرة، وحذرت من أن المطورين الذين «يضرون بمصلحة المجتمع» أي الذين يتخلفوا عن تسليم الوحدات السكنية أو التجارية لعملائهم أو يضرون بسمعة السوق سوف يعاقبون.

قال ني هونغ، وزير الإسكان الصيني في مؤتمر صحفي عُقِد بالتزامن مع الاجتماعات البرلمانية السنوية في الصين «الشركات العقارية التي فقدت القدرة على استكمال أعمالها يجب أن تعلن إفلاسها، أو يتم إعادة هيكلتها، وفقًا للقانون ومبادئ السوق».

وأضاف «أولئك الذين يرتكبون أفعالًا تضر بمصلحة المجتمع سيتم التحقيق معهم بحزم ومعاقبتهم وفقًا للقانون».

تأتي تعليقات ني في الوقت الذي تخلف فيه كبار مطوري العقارات، مثل إفيرغراند وكانتري جاردن، عن سداد ديونهم، الأمر الذي أدى إلى فقدان الثقة من سوق العقارات الصينية وتقلص مبيعات العقارات، خاصة في المباني الجديدة.

مطوري  العقارات المتعثرين في الصين

في عام 2020، اتخذت بكين إجراءات صارمة ضد اعتماد المطورين المفرط على الديون لتحقيق النمو في محاولة من السلطات للحد من المضاربات في سوق العقارات.

ولكن بعد العمل بهذا القرار، بدأت تنفذ أموال المطورين، الأمر الذي عرقل أعمالهم التطورية نظراً لأن مصدر دخلهم الوحيد بات دفعات عملائهم الأولية. وفي الوقت نفسه، امتنع المشترون عن سداد رهونهم العقارية في إطار توقف أعمال التطوير.

ومنذ ذلك الحين، أعلنت السلطات الصينية عن إجراءات لتزويد بعض المطورين بمبالغ مالية. لكن الموقف الوطني بشأن تقليص دور العقارات في الاقتصاد لم يتغير منذ ذلك الحين. فكانت العقارات ذات يوم تمثل نحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الصين، أما في أواخر العام الماضي، فقدر محللو بنك يو بي إس أن العقارات تمثل الآن حوالي 22 في المئة من الاقتصاد.

هل توجه الصين في سوق العقارات سليم؟

يقول فريدريك نيومان، كبير الاقتصاديين الآسيويين في بنك إتش إس بي سي في تقرير «على النقيض من الاقتصادات الأخرى التي مرت بإعادة هيكلة استثماراتها في سوق الإسكان لديها، فإن معدل الاستثمار في الصين لا يشهد انخفاضاً. بل يتحول الإنفاق الرأسمالي نحو البنية التحتية، والأهم من ذلك، الصناعة».

مطوري  العقارات المتعثرين في الصين

وأشار إلى أن هذا التحول «يخفف من تأثير انكماش سوق العقارات على النمو»، ولكنه يحمل أيضا نفس المخاطر التي ينطوي عليها الإفراط في الاستثمار في العقارات.

وقال نيومان إنه إذا لم يواكب الطلب الاستثمار بشكل مستدام، فستشهد الصين إعادة هيكلة استثماراتها في قطاع العقارات في نهاية المطاف.

وعلى الرغم من أن هناك اهتماماً واسع النطاق من العملاء المحتملين بشأن ما إذا كانت بكين ستنقذ قطاع العقارات، فلم يرد ذكر العقارات في خطط إنفاق الوزارة المالية، وكان الاهتمام محدوداً في مؤتمر صحفي على مستوى الوزارة، حيث اكتفى الوزير بالإعلان أن السلطات ستدعم تطوير وبيع المساكن ذات الأسعار المعقولة.

الصين تضع التصنيع والتكنولوجيا أولوية وتهمل العقارات

كشفت الصين هذا الأسبوع أنها تهدف إلى إنفاق أكثر من مليار دولار لتعزيز التصنيع و التكنولوجيا المحلية في محاولة للبقاء قادرة على المنافسة عالمياً. كان واضحاً أن الدعم الصناعي احتل المرتبة الأولى في قائمة أولويات بكين للعام المقبل، وفقا لثلاث خطط رئيسية صدرت من الاجتماعات البرلمانية السنوية في الصين.

ووفقاً لتقرير صدر عن وزارة المالية، فإن الحكومة المركزية ستخصص 10.4 مليار يوان (1.45 مليار دولار) «لإعادة بناء المؤسسات الصناعية وتعزيز التنمية عالية الجودة في قطاع التصنيع».

وفي إطار هذه الأولوية الثانية، قالت وزارة المالية إنها ستخصص 31.3 مليار يوان لتحسين التعليم المهني. وسط ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، وخاصة بين خريجي الجامعات، تعد شركة السيارات الكهربائية وشركة تصنيع البطاريات CATL من بين الشركات التي تعمل مع المدارس المهنية لتدريب الموظفين على قوتها العاملة المتزايدة.

وجاء دعم الاستهلاك في المرتبة الثالثة في قائمة أولويات وزارة المالية هذا العام، دون إدراج أي قيمة نقدية.

وفيما يتعلق بالعقارات، اكتفى التقرير الصادر عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح بالإشارة لخطط الحكومة لدعم احتياجات التمويل لبعض المطورين – في إطار البند الثامن في قائمة الأولويات التي تدعو إلى منع المخاطر المالية.

لماذا التركيز المحلي على التكنولوجيا والتصنيع؟

يأتي تركيز الصين على قطاعي التصنيع والتكنولوجيا في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة، التي منعت الشركات الصينية في العامين الماضيين من تصميم رقائق الذكاء الاصطناعي محلياً عن طريق حجبها برامج تصميم الرقائق الأمريكية الصنع وأشباه الموصلات المصنعة في الولايات المتحدة. وبينما تعمل الشركات الصينية جاهدة على تطوير رقائقها الإلكترونية، يتوقع المحللون بشكل عام أن الأمر سيستغرق بضع سنوات على الأقل حتى تتمكن الصين من اللحاق بالركب.

وحددت بكين هذا الأسبوع هدف النمو الوطني بنحو 5% للعام المقبل، وهو هدف وصفه العديد من المحللين بأنه «طموح» بالنسبة لمستوى التحفيز الحكومي المعلن. كما أن عدد كبار المسؤولين الصينيين الذين يأتون من خلفية هندسية يتزايد ويوجد توجه سائد بشأن تطبيق خبراتهم في سياسة مناطقهم.

أحد هؤلاء القادة هو يوان جياجون، الذي انضم في أكتوبر تشرين الأول 2022 إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، وهو ثاني أعلى مستوى في السلطة. وأشرف يوان على البعثات الفضائية الصينية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك أول مهمة فضائية مأهولة صينية تسمى شنتشو 5.

وفي أواخر العام الماضي، أصبح يوان أيضا سكرتيرا للحزب في تشونغتشينغ، وهي واحدة من أكبر المدن في الصين. وقال يوان للصحفيين يوم الثلاثاء إنه لكي تحقق تشونغتشينغ هدفها المتمثل في تعزيز النمو الاقتصادي بمقدار تريليون يوان خلال أربع سنوات، يجب على المدينة التركيز على تعزيز التصنيع، يليه الابتكار في مجالات تشمل الذكاء الاصطناعي.

بوجه عام، شهدت الصين في الآونة الأخيرة الكثير من الرياح المعاكسة، من أزمة العقارات إلى ضعف ثقة المستهلك وانهيار الأسهم. ولكن يبدو أن الصين تركز الآن على الاحتفاظ بلقب أكبر قوة تصنيعية في العالم.