تعيش الشركات الموجودة في الولايات المتحدة عصرها الذهبي في الوقت الحالي، إذ تسجل عائدات وأرباحاً غير مسبوقة، لكن هذه الأموال الطائلة تذهب إلى جيوب المساهمين مباشرة، ما يؤدي لاتساع الفجوة الاجتماعية في أكبر اقتصادات العالم.
ويظهر أثر ذلك بشكل واضح في البورصة الأميركية، إذ تجاوزت مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منذ بداية العام الجاري نسبة الـ10 في المئة، والسبب الرئيسي هو ترقب المستثمرين توزيعات الأرباح (الأرباح التي توزعها الشركة على مساهميها) والتي سجلت مستوى غير مسبوق في عام 2023، بينما يُتوقع استمرار ارتفاعها في 2024.
أرباح قياسية
أظهر تقرير حديث صادر عن منظمة أوكسفام الدولية المعنية بمكافحة الفقر أن أكبر 200 شركة في الولايات المتحدة حققت أرباحاً إجمالية بقيمة 1.25 تريليون دولار في عام 2022، ما يمثل ارتفاعاً بـ63 في المئة مقارنة بعام 2018، وذهب 1.1 تريليون دولار من هذا المبلغ إلى جيوب المساهمين في صورة توزيعات أرباح وعمليات إعادة شراء الأسهم.
ومن بين الـ200 شركة، أعلنت 10 شركات فقط عزمها رفع الأجور، في المقابل ارتفعت رواتب الرؤساء التنفيذيين -التي عادة ما ترتبط بأداء أسهم الشركة- بنحو الثلث منذ عام 2018، وتصل النسبة بين متوسط أجور الرؤساء التنفيذيين والعاملين في بعض هذه الشركات إلى 1500:1، بحسب أوكسفام.
ويرى بعض الخبراء أن عمليات إعادة شراء الأسهم تسمح للمديرين الأثرياء بالسيطرة على الأسواق وإعادة توجيه الأرباح إلى جيوبهم، لافتين إلى أن إلغاء أو تقييد هذا النوع من العمليات سيوفر المزيد من السيولة النقدية التي يمكن استغلالها لتعزيز نمو الشركة وزيادة الأجور.
على الجانب الآخر، تدافع الشركات عن عمليات إعادة شراء الأسهم بأنها أداة تساعدها على توزيع فائض الأرباح بشكل فعال، محذرين من أن إلغاءها أو تقييدها سيقلل حجم السيولة في الأسواق ما يزيد الطلب على الأسهم ويرفع عائداتها.
العالم يستعد لأول تريليونير
أظهر تقرير أوكسفام أن ثروة أغنى 8 مليارديرات في العالم توازي إجمالي ثروات نصف سكان الأرض، وتوقعت المنظمة أن يشهد العالم ظهور أول تريليونير خلال العقد القادم.
وكشف التقرير أن كبرى الشركات الأميركية ساعدت في تفاقم عدم العدالة الاجتماعية ليس بين الأغنياء والفقراء فقط، بل وبين الجنسين والأقليات الاجتماعية أيضاً، وتظهر تلك الفجوة بشكل أكبر في قطاع التجزئة.
على سبيل المثال، فإن نحو نصف العاملين بقطاع التجزئة ينتمون لأصول عرقية ملونة، بينما تشكل النساء 60 في المئة من إجمالي القوة العاملة بالقطاع، في المقابل فإن 70 في المئة من الرؤساء التنفيذيين هم من ذوي البشرة البيضاء و78% منهم من الذكور.
ووجدت الدراسة أن شركات التجزئة والمشروبات دفعت أقل معدل للأجور في عام 2022 مقارنة بأي قطاع آخر، إذ لم يتجاوز المعدل 20000 دولار سنوياً.
بايدن يحاول كسب المواطن العادي
في محاولة لكسب المواطن العادي في صفه، كشف الرئيس الأميركي جو بايدن في مقترح الموازنة لعام 2025 عن تخطيط إدارته لفرض ضريبة بـ25 في المئة على أغنى الأثرياء الذين تتجاوز ثرواتهم 100 مليون دولار.
وقال بايدن خلال خطاب الاتحاد الذي ألقاه في السابع من مارس آذار الجاري «لا يجوز لأي ملياردير أن يدفع ضرائب أقل من المعلم أو عامل النظافة أو الممرض».
وعلى الرغم من أن معدل الضريبة على الشركات بالولايات المتحدة يبلغ 21 في المئة، فإن العديد من الشركات الكبرى تستخدم طرقاً قانونية عدة للتحايل على هذا المعدل ودفع ضرائب أقل.
على سبيل المثال، وجد تقرير أوكسفام أن شركات الصناعات الدوائية سددت ضرائب بنسبة 11.6 في المئة فقط في 2022 و11.8 في المئة في عام 2021.