يخطط الرئيس التنفيذي لشركة بوينغ ديف كالهون للاعتذار عن إخفاقات الشركة الأخيرة في مجال السلامة في شهادته أمام مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء والاعتراف بالمشكلات المتعلقة بثقافة السلامة الخاصة بها، لكنه سيتراجع عن مزاعم بعض المبلغين عن المخالفات بأن الشركة انتقمت من أولئك الذين سلّطوا الضوء على قضايا السلامة.

بحسب تصريحات مُعِدة أصدرتها شركة «بوينغ» بعد ظهر يوم الاثنين، فمن المقرر أن يقول كالهون، «لقد قيل الكثير عن ثقافة بوينغ.. لقد سمعنا هذه المخاوف بصوت عالٍ وواضح». وسيضيف، «ثقافتنا بعيدة كل البُعد عن الكمال، لكننا نتخذ الإجراءات ونحرز تقدماً.. نحن ندرك خطورة الأمر، ونحن ملتزمون بالمضي قدماً».

«بعيدة عن الكمال» ربما تصريح يقلل مما تقتضيه الحقيقة، إذ خضعت «بوينغ» لتدقيق مكثّف من خلال العديد من التحقيقات الفيدرالية وجلسات الاستماع في الكونغرس منذ أن انفجر قابس باب رحلة طيران ألاسكا من طراز (737 Max) في 5 يناير كانون الثاني، ما ترك فجوة كبيرة في كل من الطائرة وسمعة «بوينغ».

وكانت إدارة الطيران الفيدرالية أمرت شركة «بوينغ» بتحسين مشكلات السلامة قبل أن تتمكن من استئناف الإنتاج الطبيعي لطائراتها، ما تسبب في مشكلات لشركات الطيران التي لم تتمكن من الحصول على الطائرات التي طلبتها. وهذا بدوره أدّى إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للركاب الذين اهتزت ثقتهم بطائرات الشركة بشدة.

وكانت «بوينغ» أعلنت في أبريل نيسان الماضي، تراجع إيراداتها في الربع الأول من عام 2024 لتبلغ 16.57 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضاً بأكثر من 7 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.

كما أبلغت الشركة في بيان رسمي عن خسارة أساسية للسهم في الربع الأول قدرها 1.13 دولار، أي أقل من 1.72 دولار المتوقعة، بالإضافة إلى صافي خسائر بقيمة 343 مليون دولار عن الفترة ذاتها.

جلسة الاستماع التي ستعقدها اللجنة الفرعية الدائمة المعنية بالتحقيقات بمجلس الشيوخ يوم الثلاثاء هي أحدث جلسة استماع للكونغرس هذا العام حول قضايا السلامة في شركة «بوينغ»، ولكنها المرة الأولى التي يدلي فيها كالهون بشهادته خلال أكثر من أربع سنوات من إدارته للشركة المتعثرة. وسينضم إليه هوارد ماكنزي، كبير مهندسي «بوينغ».

وفي جلسة استماع عُقدت في 17 أبريل نيسان الماضي، شهد مهندس «بوينغ»، سام صالح بور، أن «بوينغ» تقوم بإخراج طائرات معيبة لأنه وآخرون ممن اشتكوا واجهوا ضغوطاً لعدم القيام بذلك.

وقال صالح بور في كلمته الافتتاحية «لدي مخاوف جدية بشأن سلامة الطائرتين 787 و777، وأنا على استعداد لتحمل المخاطر المهنية للحديث عنهما»، وقال إنه عندما أثار مخاوفه «لقد تم تجاهلي.. وقيل لي ألّا أتسبب في أي تأخير.. لقد قيل لي بصراحة أن أصمت».

وينفي كالهون أن هذا هو الحال حالياً في شركة «بوينغ» في تصريحاته المعدة.

«نحن ملتزمون بالتأكد من أن كل موظف يشعر بالقدرة على التحدث إذا كانت هناك مشكلة»، سيقول، وفقاً للملاحظات المعدة. «لدينا أيضاً سياسات صارمة لمنع الانتقام من الموظفين الذين يتقدمون بشهادتهم.. إن مهمتنا هي الاستماع، بغض النظر عن كيفية حصولنا على ردود الفعل، والتعامل معها بالجدية التي تستحقها».

هل ستكون هناك تغييرات؟

قال ريتشارد أبو العافية، المدير الإداري في شركة الاستشارات الديناميكية «إيرودايناميكس أدفايسري» الأميركية، إنه على الرغم من الاهتمام الذي من المتوقع أن تحظى به جلسة الاستماع، فمن غير المرجح أن تؤدي إلى تغيير كبير في الشركة.

وقال أبو العافية «لم يحدث أي تغيير (في بوينغ) سوى إحباط مجموعة من عملاء شركات الطيران.. لست متأكداً مما سيتغير نتيجة لذلك.؟ هو (كالهون) بحاجة إلى الذهاب.. لقد أظهر رغبة قوية في مضاعفة ما هو سيئ».

وتوصل تحقيق أولي في حادثة طيران ألاسكا إلى أن الطائرة غادرت مصنع «بوينغ» قبل شهرين من الحادث دون المسامير الأربعة اللازمة لتثبيت قابس الباب في مكانه.

ولم تقم «بوينغ» بعد بإصدار الأوراق اللازمة لتحديد المسؤول في المصنع عن تركيب قابس الباب بدون المسامير، وقد تعرضت لانتقادات شديدة من قِبل أعضاء الكونغرس ومنظمي السلامة ومن المرجح أن تواجه المزيد من الانتقادات يوم الثلاثاء.

وقد التقى كالهون بالفعل أعضاء الكونغرس منذ حادثة طيران ألاسكا، وإن كان ذلك خلف أبواب مغلقة.. وقد أدلى كذلك بالعديد من التصريحات العامة لموظفي «بوينغ» والمستثمرين منذ الحادث.

وقال للمستثمرين في يناير كانون الثاني خلال مكالمة هاتفية بعد الإبلاغ عن خسارته السنوية الخامسة على التوالي «لقد تسببنا في المشكلة، ونحن نتفهم ذلك»، ومهما كانت النتائج (من التحقيقات) التي يتم التوصل إليها بعد، فإن بوينغ مسؤولة عما حدث.. ومهما كان السبب المحدد للحادث، فإن حدثاً كهذا يجب ألّا يحدث على متن طائرة تغادر أحد مصانعنا.. نحن ببساطة يجب أن نكون أفضل.

(كريس إيزيدور وغريغوري والاس – CNN)