أصبحت هيمنة الدولار الأميركي موضع شك في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية المتصاعدة منذ الحرب الروسية الأوكرانية، خاصةً بعد التوسع الأخير لتحالف البريكس الذي وجّه الدعوة لضم كلٍّ من السعودية والإمارات ومصر والأرجنتين إيران وإثيوبيا، إلى جانب الأعضاء الخمسة الأصليين: الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا.

وتعليقاً على هذه الشكوك، قال ألكسندر وايز، المسؤول عن الأبحاث الاستراتيجية لدى «جيه بي مورغان»، «خطر تراجع هيمنة الدولار هو موضوع متكرر، وعاد إلى الظهور مجدداً بسبب التحولات الجيوسياسية والجيواستراتيجية الأخيرة»، في إشارة إلى عملة البريكس المقترحة.

وتحاول الصين زيادة حصة عملتها المحلية اليوان في التجارة العالمية، لكن بصمة اليوان لا تزال محدودة نسبياً رغم ارتفاعها كل عام، وقد يحتاج ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى فترة طويلة قبل تحقيق هذا الهدف.

على سبيل المثال، يشكّل اليوان 2.3 في المئة فقط من معاملات نظام «سويفت» للمدفوعات الدولية بين البنوك، مقابل حصة قدرها 43 في المئة للدولار الأميركي و32 في المئة لليورو.

وزاد الحديث بشكلٍ أكبر عن هيمنة الورقة الخضراء بعد فرض العقوبات الأمريكية على روسيا، التي جعلت بعض الدول تشعر بالقلق إزاء الاعتماد المفرط على العملة الأميركية.

في الوقت نفسه، تتسبب قوة الدولار في زيادة الضغوط المالية على الاقتصادات الناشئة من خلال رفع فاتورة الصادرات وتكلفة خدمة الديون، ما دفع العديد من الدول لإجراء معاملاتها المالية بعملات أخرى غير الدولار.

وفي يوليو تموز 2023، أصبحت بوليفيا أحدث دولة في أميركا الجنوبية، بعد البرازيل والأرجنتين، تستخدم العملة الصينية بدلاً من الأميركية في صفقات الواردات والصادرات.

هل تذبذبت مكانة الدولار؟

يرى تقرير « جيه بي مورغان» سيناريوهين رئيسيين يمكن أن يتسببا في تذبذب مكانة الدولار؛ الأول عندما يصبح الوضع المالي العالمي أسوأ، ما يفقد الدولار استقراره في الأسواق.

أما السيناريو الثاني، فقد يكون ناجماً عن عوامل خارجة عن سيطرة الولايات المتحدة، مثل زيادة اعتماد الدول الأخرى على عملاتها المحلية كعملات بديلة لتسوية المعاملات النقدية.

وظل الدولار الأميركي محتفظاً بهيمنته على سوق العملات العالمية، على الرغم من ظهور بعض العلامات على تراجعه في الفترة الأخيرة، وبقي العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، والأكثر استخداماً في التجارة والمعاملات الدولية الأخرى.

وبلغت حصة الدولار 88 في المئة من إجمالي حجم تداولات العملات الأجنبية، مسجلة أعلى مستوياتها على الإطلاق، بحسب مذكرة بنك «جيه بي مورغان»، كما ظلت حصة الدولار من إصدار الديون بالعملة الأجنبية ثابتة على مدى العقدين الماضيين.

ولاقت تلك التوقعات دعماً من استطلاع منفصل أجرته وكالة رويترز في الفترة من الأول إلى السادس من سبتمبر أيلول، إذ توقع 81 في المئة من المحللين المشاركين في الاستطلاع انتعاش الدولار الأميركي خلال الفترة المتبقية من العام، قبل أن يتراجع في عام 2024، ما يضع وجهة النظر السائدة بشأن ضعف الدولار على المدى القصير ​​قيد المراجعة.