على الرغم من التحديات والتغيرات التي تواجه عالمنا، عبّر الرؤساء التنفيذيون في الشرق الأوسط عن مستوى متزايد من الثقة في آفاق نمو المنطقة، إذ أظهرت نتائج الاستطلاع السابع والعشرين لانطباعات الرؤساء التنفيذيين شعوراً بالقدرة على الصمود في صفوف قادة الأعمال مع رغبة قوية بإعادة الابتكار والتجديد.
وفي هذا الصدد، يعبّر 73% من المشاركين في الاستطلاع عن تفاؤلهم حيال النمو الاقتصادي في المنطقة خلال عام 2024، وهو معدّل أعلى بكثير من شعور 44% من الرؤساء التنفيذيين العالميين حيال مناطقهم، أمّا في دول مجلس التعاون الخليجي، فيشهد مستوى الثقة ارتفاعاً كبيراً حيث يرى 81% من القادة تحسناً في معدلات نمو دولهم هذا العام، كما يتوقّع 65% من الرؤساء التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط ارتفاعاً في عدد الموظفين لديهم خلال عام 2024.
ولكن على الرغم من هذا التفاؤل، تواجه منطقة الشرق الأوسط تحديات كبيرة بسبب عوامل عدة، وتتصدّر النزاعات الجيوسياسية التي تؤثر بشكل كبير على معدلات التضخّم بالإضافة إلى المخاطر المتزايدة في مجال الأمن السيبراني، وهي مبعث القلق الرئيسي.
ويشير ما يقارب نصف الرؤساء التنفيذيين إلى عدم اعتقادهم بأن شركاتهم ستكون مجدية اقتصادياً بعد عقد من الزمن إذا لم يطوروا أساليب العمل ويعيدوا ابتكارها، مقارنة بـ35% العام الماضي، إذ تمر منطقتنا بتغيرات جذرية ومتسارعة، في ظل سعيها نحو تحقيق تطلعات متعلقة بالتحول الرقمي، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز التوطين، والتخصيص، والتحديث، وفي ضوء هذه التحولات، أصبح الرؤساء التنفيذيون يولون اهتماماً كبيراً للابتكار والتجديد، معتبرين إياهما من أهم أولوياتهم.
وبحسب نتائج استطلاعنا، يبرز التحول التكنولوجي كأولوية قصوى في أجندات الشركات بالمنطقة، حيث يؤكد (61%) من الرؤساء التنفيذيين أنهم يرونه عاملاً محورياً لتحديث وإعادة ابتكار أساليب العمل لديهم، مقابل 46% على الصعيد العالمي.
سيواصل التطور التكنولوجي لعب دور حيوي في استحداث القيمة وتقديمها والمحافظة عليها خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، كما يعتبره 69% من القادة في المنطقة مجال أولوية، مقارنةً بـ56% عالمياً، كما يعمل أكثر من نصف الرؤساء التنفيذيين في المنطقة على تنويع منتجاتهم وخدماتهم.
ويتوقع نحو ثلاثة أرباع الرؤساء التنفيذيين بالمنطقة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يفتح الباب لعصر جديد، سيؤثر بشكل ملموس على نماذج أعمالهم ويعيد تشكيل إجراءات العمل خلال السنوات الثلاث القادمة، ومع إطلاق النماذج اللغوية الكبيرة مثل «فالكون» و«جيس» في دولة الإمارات، تصبح منطقة الشرق الأوسط في طليعة تطوير واستغلال الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يدل على التزام بتبني هذه التقنيات التحويلية، وفي هذا الإطار، بدأ الرؤساء التنفيذيون النظر في إمكانية الاعتماد المبكر للذكاء الاصطناعي التوليدي، كما يتخذون إجراءات استباقية للتقدم وفقاً للتغيرات في ظروف السوق خلال الأعوام الثلاثة القادمة.
ويعتبر 66% من الرؤساء التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط (بالمقارنة مع 58% حول العالم) أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قادر على تعزيز جودة منتجات شركاتهم وخدماتها، فيما يعتقد ثلثا الرؤساء التنفيذيين أن تبني تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يمنح مؤسساتهم ميزة تنافسية كبيرة، يتوافق مسار التقدّم هذا مع رؤية المنطقة التي تقضي بتمكين القوى العاملة، ودفع عجلة التحوّل، وقد أفاد نحو نصف الرؤساء التنفيذيين في المنطقة أنهم غيّروا استراتيجية التقنية الخاصة بأعمالهم السنة الماضية نتيجة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ختاماً وفي ظل التوجّه العالمي نحو اتخاذ خطوات جدية وفعالة خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين المنعقد مؤخراً، تجدر الإشارة إلى أن نسبة أعلى من قادة الأعمال في المنطقة -على الرغم من أن هذه النسبة لا تزال دون المستوى المطلوب- باتوا يدركون ويقرّون أن التغيّر المناخي يشكّل مصدراً كبيراً للقلق، وهذه النسبة تتخطى المتوسط العالمي (15% مقابل 12%)، كما أن 36% من الرؤساء التنفيذيين في المنطقة يرون التغير المناخي عاملاً رئيسياً للتحول في المؤسسات خلال الأعوام الثلاثة القادمة، متجاوزين المتوسط العالمي البالغ (30%)، بدأ الرؤساء التنفيذيون في المنطقة (66%) بإطلاق برامج لترشيد الطاقة، وقام نصفهم بتعديل منتجاتهم وخدماتهم لتصبح أكثر استدامة وجاذبية للمستهلكين المهتمين بالمناخ.
بشكل عام، يُظهر الرؤساء التنفيذيون في المنطقة تفاؤلاً حيال المستقبل، ويعملون على تعزيز قدراتهم على مواجهة التحديات الخارجية، كما باتوا أكثر وعياً بضرورة تحديث وإعادة ابتكار طرق عملهم للتكيف مع التطورات المستمرة في مجالات التكنولوجيا والمناخ، ويشكل ذلك جدول أعمال شاملاً ومتكاملاً.
* هاني أشقر هو الشريك الرئيسي في بي دبليو سي أند كوبرز التي التحق بها في عام 1994 وأصبح شريكاً فيها في عام 2004، وقبل ذلك، كان هاني مسؤول عمليات الصفقات لمنطقة الشرق الأوسط والتي شملت الخدمات التجارية (العناية والتقييم) وتمويل الشركات واستراتيجية الصفقات والمشاريع الرأسمالية ومشاريع البنية التحتية وخدمات استعادة نشاط الأعمال وخدمات التقصي.
** الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر «CNN الاقتصادية».