يقود الجشع الأسهم الأميركية، بحسب مؤشر الخوف والجشع الذي تصدره شبكة CNN والذي بدوره يقيس معنويات المستثمرين والسوق وسط توقعات بالأسواق لحالة صعودية، مع دخول المؤشر مرحلة الجشع.
ومؤشر الخوف والجشع الذي يقيس سبعة مقاييس لمعنويات السوق، بما في ذلك مؤشر VIX، وهو المقياس الأكثر شهرة في وول ستريت لتقلبات الأسهم المتوقعة، يقع في منطقة «الجشع».
ووصل مؤشر الخوف والجشع في آخر تحديث له يوم الجمعة 15 مارس آذار 2024، إلى 70، ضمن المرحلة التي تمثل سيطرة الجشع على السوق الأميركية، من أصل 100 مقابل 72 نقطة لآخر إغلاق لها.
ويستخدم مؤشر الخوف والجشع لقياس مزاجية ومعنويات السوق؛ إذ إن العديد من المستثمرين عاطفيون ورجعيون، ويمكن لمؤشرات مشاعر الخوف والجشع أن تنبه المستثمرين إلى عواطفهم وتحيزاتهم التي بإمكانها التأثير على قراراتهم.
وتُقاس نسبة الخوف والجشع على مقياس من صفر (حالة الخوف الشديد) إلى 100 (الجشع الشديد) بدعم من سبعة مؤشرات رئيسية، وهي زخم السوق وقوة سعر السهم واتساع سعر السهم، إضافةً إلى خيارات البيع والشراء وتقلبات السوق والطلب على الملاذ الآمن والطلب على السندات غير المرغوب فيها.
صعود قياسي لستاندارد آند بورز 500
كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 وصل إلى أعلى مستوى قياسي له في عام 2024 يوم الثلاثاء الماضي، على الرغم من أنه تراجع قليلاً منذ ذلك الحين عن هذا الإنجاز بسبب مخاوف التضخم المتجددة، كما سجل مؤشر داو جونز الصناعي ارتفاعات قياسية متكررة هذا العام، وأغلق مؤشر ناسداك المركب في فبراير شباط عند مستوى قياسي مرتفع لأول مرة منذ عام 2021، كما ارتفع الذهب والبيتكوين إلى أعلى مستوياتهما على الإطلاق.
وكشف استطلاع رأي المستثمرين من الرابطة الأميركية للمستثمرين الأفراد (AAII) التي تستطلع آراء الأفراد أسبوعياً حول الاتجاه الذي يرون أن سوق الأسهم تتجه إليه خلال الأشهر الستة المقبلة، أن ما يقرب من 46 في المئة من المستثمرين يعتقدون أن السوق سوف يتجه في اتجاه «صاعد» خلال ذلك الوقت.
فيما أفاد استطلاع رأي تشارلز شواب –وهو استطلاع رأي ربع سنوي يكشف التوقعات وأنماط التداول ووجهات نظر المتداولين النشطين في تشارلز شواب وتي دي أميرتريد– بأن نحو 53 في المئة من المشاركين في الاستطلاع الأخير كشفوا توقعات صعودية للأسهم الأميركية، وهي قفزة من 32 في المئة خلال الربع الرابع من عام 2023، وهذا هو أعلى مستوى من الاتجاه الصعودي منذ إطلاق الاستطلاع في عام 2021.
التفاؤل قد يكون مؤشراً عكسياً
لكن مؤشرات التفاؤل هذه في السوق قد تشير إلى مشكلات في المستقبل، غالبا ما يُنظر إلى معنويات السوق على أنها مؤشر مناقض، وهذا يعني أنه عندما يكون «القطيع» متفائلاً، فإن مديري الأموال يعتبرون ذلك علامة على انخفاض الأسهم، والعكس صحيح.
يرجع جزء من هذا المنطق إلى أن المستثمرين، وبالتالي معنويات السوق، ليسوا دائماً عقلانيين؛ فالخوف من تفويت الفرصة أو التعرض لخسائر كبيرة يمكن أن يدفع قراراتهم، ما يعني أنهم يمكن أن يميلوا إلى الشراء عند أعلى مستويات السوق والبيع عند أدنى مستوياته، ونتيجة لذلك، فإن التشجيع في وول ستريت لا يعني دائماً أن هناك دعماً فعلياً لاستمرار الارتفاع.
تعد نسبة الدببة (المتداولون الذين يثقون في أن سعر الورقة المالية سينخفض وأن السوق ستنهار لذا يبيعون الأصول) لذكاء المستثمرين مؤشراً آخر يقيس مستوى المستشارين المتفائلين مقابل المتشائمين، وتشير أبحاث يارديني إلى أن النسبة انخفضت إلى أدنى مستوى دوري عند 0.57 خلال أسبوع 11 أكتوبر 2022، وهي أدنى قراءة منذ الأزمة المالية، ووصلت السوق الهابطة السابقة إلى قاعها في اليوم التالي.
وكتب الباحثون في مذكرة، يوم الأربعاء، «لقد تحولنا إلى الاتجاه الصعودي في أوائل نوفمبر تشرين الثاني (2022)، واعتقدنا أن المعنويات كانت هبوطية للغاية، وأن الركود المتوقع على نطاق واسع في جميع الأوقات سيستمر في عدم الظهور».
وسريعاً للأمام، ارتفعت نسبة الدببة في الأسبوع الماضي إلى 4.20، وهي أعلى قراءة منذ ديسمبر 2017، وفقاً لأبحاث يارديني، ومع ذلك فقد اكتسبت الأسهم أكثر من مجرد مشاعر جيدة هذا العام.
وتظهر قائمة من البيانات الصادرة في الأشهر الأخيرة أن الاقتصاد الأميركي لا يزال مرناً، على الرغم من بقاء أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 23 عاماً منذ يوليو تموز الماضي، فقد أضاف الاقتصاد 275 ألف وظيفة قوية في فبراير شباط، وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل، وفي يناير كانون الثاني، تباطأ مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى أبطأ وتيرة له في أكثر من عامين.
متى يتم تخفيض أسعار الفائدة؟
وأبقت هذه البيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي على المسار الصحيح لتخفيف أسعار الفائدة هذا العام، حيث تتوقع الأسواق على نطاق واسع أن يتم التخفيض الأول في يونيو حزيران أو يوليو تموز، وفقاً لأداة فيدووتش.
كما أظهر موسم الأرباح الأخير قوة الاقتصاد، تسير أرباح الربع الرابع لشركات S&P 500 على الطريق الصحيح للنمو بنسبة 4.1 في المئة عن العام السابق، وفقاً لبيانات «فاكتست».
وجاء مقياس التضخم الآخر ساخناً لشهر فبراير شباط، فقد ساعد ارتفاع أسعار الطاقة في تغذية قراءة ساخنة أخرى للتضخم لشهر فبراير، وارتفع مقياس التضخم بالجملة في الولايات المتحدة، والذي يتم مراقبته عن كثب بأسرع وتيرة له منذ أشهر، وفقاً لبيانات جديدة صدرت يوم الخميس، وفي حين أن الارتفاع الموسمي في أسعار الطاقة هو السبب الجذري لهذه المكاسب، وتظهر الفئات الأقل تقلباً علامات على استمرار التباطؤ، فإن أحدث مؤشر لأسعار المنتجين يعد بمثابة تذكير آخر بالعملية الشاقة لكبح جماح التضخم.
ارتفع مؤشر أسعار المنتجين الذي يقيس متوسط التغير في الأسعار التي يدفعها المنتجون والمصنعون للموردين، بنسبة 1.6 في المئة خلال الـ12 شهراً المنتهية في فبراير شباط، قفزاً من زيادة بنسبة 1 في المئة في يناير كانون الثاني، وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل، وكان الاقتصاديون يتوقعون زيادة سنوية بنسبة 1.1 في المئة لشهر فبراير شباط.
وعلى أساس شهري، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 0.6 في المئة، وهذا ضعف توقعات الاقتصاديين بارتفاع الأسعار بنسبة 0.3 في المئة خلال الشهر، وارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 4.4 في المئة مقارنة بشهر يناير كانون الثاني، وسجلت أعلى زيادة شهرية منذ أغسطس آب 2023.
يلتقط مؤشر أسعار المنتجين متوسط تغيرات الأسعار قبل أن تصل إلى المستهلكين، ويعمل كإشارة محتملة للأسعار التي يدفعها المستهلكون في نهاية المطاف.
وكتب جوس فوشر، كبير الاقتصاديين في شركة PNC للخدمات المالية، في مذكرة صدرت يوم الخميس «كان تقرير مؤشر أسعار المنتجين لشهر فبراير عبارة عن حقيبة مختلطة»، «لا تزال الضغوط التضخمية في طور التنفيذ، ولكن مع استمرار العرض والطلب في العودة إلى طبيعتها بعد الوباء، يستمر التضخم في التباطؤ تدريجياً».
انتعاش مبيعات التجزئة في فبراير
انتعش الإنفاق في تجار التجزئة في الولايات المتحدة في الشهر الماضي، حيث أنفق الأميركيون المزيد من المال لشراء البنزين، وأفادت وزارة التجارة يوم الخميس أن مبيعات التجزئة في المتاجر وعبر الإنترنت والمطاعم ارتفعت بنسبة 0.6% في فبراير شباط، مقارنة بالانخفاض المنقح بنسبة 1.1 في المئة في يناير كانون الثاني، وكان ذلك أقل بقليل من توقعات الاقتصاديين، وتم تعديل الأرقام لتتناسب مع التقلبات الموسمية ولكن ليس التضخم.
ويُعزى الانخفاض الحاد في شهر يناير في الغالب إلى الطقس البارد الذي جعل المستهلكين يلتزمون منازلهم، ويظل الاقتصاد الأميركي الأوسع يقف على أساس قوي، مع استمرار أصحاب العمل في توظيفهم، وما زال الأميركيون يحققون مكاسب قوية في الأجور، وزاد الإنفاق على التجزئة في سبعة من الأشهر العشرة الماضية حتى فبراير.
ارتفعت المبيعات في معظم الفئات الشهر الماضي، وكان الارتفاع الأكبر في متاجر تحسين المنازل بنسبة قوية بلغت 2.2 في المئة، وفي فبراير، ارتفعت مبيعات السيارات بنسبة 1.8في المئة، وزادت مشتريات الإلكترونيات والأجهزة بنسبة 1.5 في المئة، وارتفعت المبيعات في المطاعم بنسبة 0.4 في المئة.
ارتفعت مبيعات محطات الوقود بنسبة 0.9 في المئة في فبراير مقارنة بشهر يناير، وفي الوقت نفسه، انخفضت مبيعات الأثاث الشهر الماضي، حيث انخفضت بنسبة 1.1 في المئة مقارنة بشهر يناير، كما انخفضت المبيعات في متاجر البقالة وتجار الملابس بالتجزئة وعبر الإنترنت في فبراير شباط.