ثلاث سنوات من الحرب.. اقتصادات أوكرانيا وروسيا صامدة رغم الاستنزاف

مع دخول الحرب الروسية-الأوكرانية عامها الرابع، يواصل المحللون تقييم الأوضاع الاقتصادية لكلا البلدين. (شترستوك)
حرب روسيا وأوركرانيا
مع دخول الحرب الروسية-الأوكرانية عامها الرابع، يواصل المحللون تقييم الأوضاع الاقتصادية لكلا البلدين. (شترستوك)

مع دخول الحرب الروسية-الأوكرانية عامها الرابع، يواصل المحللون تقييم الأوضاع الاقتصادية لكلا البلدين، وسط توقعات بآثار طويلة المدى على فرص الاستثمار وإعادة الإعمار.

ورغم تأثير العقوبات الغربية على موسكو، فإن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا نما بنسبة 3.6 في المئة لعامين متتاليين، بعد انخفاضه -1.3 في المئة في بداية الحرب.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وفي المقابل، شهدت أوكرانيا انكماشاً حاداً بنسبة 36 في المئة في منتصف 2022، قبل أن تُنهي العام بتراجع 28.3 في المئة، لكنها تمكنت من تسجيل نمو بنسبة 5.3 في المئة في 2023 و3 في المئة في 2024.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

الاقتصاد الروسي.. كيف تجاوزت موسكو العقوبات؟

رغم العقوبات الغربية الواسعة، نجحت روسيا في التحايل على القيود التجارية عبر بيع النفط بطرق غير رسمية، إلى جانب تصدير النيكل والبلاتين والغاز الطبيعي إلى دول مثل الصين والهند. وسمحت هذه الإيرادات بتمويل المجهود الحربي وتعزيز الإنفاق الحكومي، رغم ارتفاع التضخم إلى 9.5 في المئة وفوائد الإقراض إلى 21 في المئة لكبح التضخم.

كما استمرت المصانع الروسية في الحصول على المواد الخام والتكنولوجيا اللازمة للإنتاج العسكري، ما مكّن الدولة من مواصلة الحرب دون أزمات مالية كبيرة، بحسب صحيفة ذا غارديان البريطانية.

أوكرانيا.. اقتصاد في ظل الدمار وإمكانات واعدة

على الرغم من القصف الروسي المستمر للبنية التحتية الأوكرانية، تمكنت كييف من تحقيق انتعاش في عدة قطاعات، بما في ذلك الطاقة والزراعة والتجارة. ففي قطاع الطاقة، ارتفعت صادرات الكهرباء من 5 غيغاواط/ساعة في يناير كانون الثاني 2024 إلى 85 غيغاواط/ساعة في فبراير شباط، إذ أصبحت أوكرانيا مورداً رئيسياً للطاقة إلى مولدوفا والمجر ورومانيا.

أما قطاع الضرائب، فقد سجّلت الإيرادات الضريبية في ديسمبر كانون الأول زيادة بنسبة 50 في المئة عن العام السابق، نتيجة ارتفاع الضرائب على الشركات والدخل وزيادة الإيرادات من ضرائب الاستهلاك بنسبة 150 في المئة.

تكاليف إعادة الإعمار

تُقدّر تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا بنحو 500 مليار دولار، وفقاً لتقديرات المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار الذي سيعقد في روما هذا الصيف. ومع استمرار الحرب، ستظل هذه الأرقام قابلة للارتفاع، ما يطرح تساؤلات حول كيفية تمويل إعادة بناء البلاد.

يقول الخبراء إن احتياطات روسيا المجمدة بقيمة 300 مليار دولار في أوروبا قد تستخدم كجزء من صفقة لإنهاء العقوبات، لكن تحقيق ذلك لا يزال غير مؤكد.

التحديات السياسية وتأثيرها في الاقتصاد

مع تصاعد التوقعات حول محادثات السلام بين بوتين وترامب في السعودية، تبقى القضايا الأمنية والسياسية عائقاً رئيسياً أمام أي استثمارات مستقبلية في أوكرانيا. ويؤكد المحللون أن أي اتفاق سلام لا يوفر ضمانات أمنية كافية لأوكرانيا قد يؤدي إلى تجدد القتال، ما يجعل المستثمرين حذرين من ضخ أموالهم في عملية إعادة الإعمار.

في المقابل، يواجه الاقتصاد الروسي تحديات أخرى، إذ إن اعتماده على بيع النفط والغاز بأسعار مخفضة للصين والهند لا يحقق العائدات المطلوبة للحفاظ على الإنفاق الحكومي الحالي، كما أن أوروبا، حتى في حال التوصل لاتفاق سلام، لن تعيد فتح خطوط الغاز الروسية بسهولة، ما يضع الكرملين في موقف صعب على المدى الطويل.

مستقبل غامض لكلا الاقتصادين

رغم أن روسيا تمكنت من الحفاظ على نموها الاقتصادي في ظل العقوبات، فإن الإنفاق العسكري المكثّف قد لا يكون مستداماً، خاصة إذا فرضت قيود إضافية على صادراتها النفطية.

من ناحية أخرى، ورغم الدمار الكبير، تملك أوكرانيا احتياطات ضخمة من المعادن الثمينة تُقدّر بنحو 11 تريليون دولار، ما يجعلها وجهة استثمارية محتملة بعد الحرب. ومع دعم مالي دولي وإصلاحات اقتصادية، يمكن لكييف أن تعيد بناء نفسها مركزاً اقتصادياً في أوروبا الشرقية، خاصة إذا ضمنت حماية أمنية كافية.

في ظل عدم وضوح مسار الحرب أو شروط أي اتفاق مستقبلي، تبقى الأسواق غير مستقرة، ويظل مستقبل البلدين مرتبطاً بقرارات سياسية واقتصادية عالمية قد تغيّر مسار الصراع بأكمله.