تترقب الأسواق العالمية تداعيات القرار الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السيارات المستوردة التي لم تُصنع داخل الولايات المتحدة. جاء هذا الإعلان، الذي سيدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، بعد أسابيع من التهديدات، ليشكّل نقطة تحول في سوق السيارات العالمي، ومن ثَمَّ في سوق الأسهم العالمية أيضاً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ويتوقع المحللون وخبراء الأسواق العالمية أن تؤثّر هذه التعريفات بشكلٍ مباشر في كبرى الشركات المصنّعة والدول المصدرة للسيارات إلى الولايات المتحدة، ما يُثير مخاوف حول ارتفاع الأسعار واضطراب سلاسل التوريد، وسط ردود فعل قوية من مختلف الأطراف المعنية، فمن سيكون الرابح والخاسر في نهاية المطاف؟
الشركات الأكثر تأثراً
تعتمد العديد من العلامات التجارية الرائدة في سوق السيارات الأميركي على الاستيراد، ما يجعلها عرضة للتأثر الكبير بهذه التعريفات الجديدة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وتُظهر بيانات الصناعة الصادرة عن شركة الأبحاث غلوبال داتا، أن ما يقرب من نصف السيارات المبيعة في الولايات المتحدة العام الماضي كانت مستوردة، ومن بين العلامات الأكثر تضرراً تأتي جاغوار لاند روفر التابعة لشركة تاتا الهندية، إذ تعتمد بالكامل على السيارات المستوردة، كما ستواجه فولفو (جيلي) تأثيراً كبيراً نظراً لأن 90 في المئة من سياراتها تأتي من خارج الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، ستتأثر مازدا وفولكس فاغن بشدة، إذ تصل نسبة السيارات المستوردة لديهما إلى 81 في المئة و80 في المئة على التوالي، كما ستعاني هيونداي وكيا بدرجة كبيرة، نظراً لأن 65 في المئة من سياراتهما مستوردة.
أمّا الشركات الفاخرة مثل مرسيدس- بنز وبي إم دبليو، فتواجه خطراً حقيقياً مع نسب استيراد تصل إلى 63 في المئة و52 في المئة، حتى تويوتا، التي تملك مصانع كبيرة في الولايات المتحدة، ستتأثر بنحو 51 في المئة من سياراتها مستوردة.
الدول الأكثر تضرراً من التعريفات
تشير الإحصائيات الصادرة عن إس آند بي غلوبال موبيلتي، إلى أن الولايات المتحدة استوردت ما قيمته 474 مليار دولار من المنتجات المتعلقة بصناعة السيارات في عام 2024، بما في ذلك سيارات ركاب بقيمة 220 مليار دولار.
وتأتي المكسيك واليابان وكوريا الجنوبية وكندا وألمانيا على رأس قائمة الدول الأكثر تضرراً من هذه التعريفات، نظراً لاعتمادها الكبير على السوق الأميركي.
وخلال العام الماضي، صدّرت المكسيك وحدها 2.5 مليون سيارة إلى الولايات المتحدة، بينما جاءت كوريا الجنوبية واليابان في المرتبتين الثانية والثالثة بصادرات بلغت 1.4 مليون و1.3 مليون سيارة على التوالي.
كما شحنت كندا 1.1 مليون سيارة، بينما كانت حصة ألمانيا 430 ألف سيارة، والمملكة المتحدة نحو 90 ألف سيارة، ما يعكس مدى اعتماد هذه الدول على السوق الأميركي ويجعل قرار التعريفات بمثابة ضربة قوية لصناعاتها.
تأثير القرار في أسواق الأسهم
لم يقتصر التأثير في قطاع
السيارات فقط، بل امتد إلى الأسواق المالية العالمية، إذ شهدت أسهم شركات السيارات الأوروبية تراجعاً حاداً فور إعلان القرار.
وفي بورصة فرانكفورت، انخفضت أسهم بورش ومرسيدس وبي إم دبليو بأكثر من أربعة في المئة، بينما تراجع سهم ستيلانتيس في باريس، الشركة المالكة لعلامات جيب وبيجو وفيات، بنسبة ستة في المئة.
أمّا شركات تصنيع قطع الغيار فلم تكن في مأمن من التراجع، إذ هبطت أسهم كونتيننتال بنسبة 2.7 في المئة، بينما فقدت أسهم كل من فاليو وفوريا أكثر من خمسة في المئة، وهو انخفاض يُسلّط الضوء على المخاوف من ارتفاع تكاليف الإنتاج وتباطؤ الطلب على السيارات بسبب ارتفاع أسعارها بعد فرض التعريفات.
ردود الفعل العالمية والمحلية
أثار قرار ترامب موجة من ردود الفعل القوية على المستويين الدولي والمحلي بحسب ما كشفه تقرير لوكالة رويترز، فقد انتقد رئيس وزراء اليابان شينزو إشيبا القرار، مشيراً إلى أن اليابان تستثمر بكثافة في الاقتصاد الأميركي، ومن غير المنطقي فرض تعريفات موحدة على جميع الدول دون تمييز.
أما وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، فقد شدد على ضرورة أن «ترد أوروبا بحزم» على هذه الخطوة التي وصفها بأنها «أخبار سيئة للاقتصاد الألماني والأوروبي ككل».
وفي الجانب الأميركي، عبّرت بعض الأطراف عن تأييدها للقرار، مثل نقابة عمال السيارات المتحدة التي رحبت بالتعريفات باعتبارها خطوة إيجابية لحماية الوظائف الأمريكية.
وعلى النقيض، حذّر خبراء في الصناعة مثل سام فيوراني، محلل أوتوفوركاست سوليوشنز، من أن هذا القرار سيؤدي إلى خسائر ضخمة للشركات التي استثمرت مليارات الدولارات في مصانع خارج الولايات المتحدة.
كما أعربت شركات السيارات عن قلقها، إذ قال
إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إن التعريفات ستؤثّر حتى في تسلا من خلال زيادة تكلفة استيراد بعض القطع، ما قد يرفع أسعار سياراتها.
ومن جهة أخرى، أكد مايك هاوز، الرئيس التنفيذي لجمعية مصنّعي وتجار السيارات في المملكة المتحدة، أن هذا القرار «محبط لكنه غير مفاجئ».
التداعيات المحتملة على المستهلكين والصناعة
تُثير التعريفات هذه الخطوة قلقاً من ارتفاع أسعار السيارات في الولايات المتحدة، ما سيشكّل عبئاً إضافياً على المستهلكين الذين يعتمدون على السيارات المستوردة.
كما يواجه المصنّعون تحديات كبيرة في إعادة تقييم استراتيجياتهم الإنتاجية والتسويقية، خاصة وأن زيادة تكاليف استيراد قطع الغيار ستنعكس على أسعار الصيانة والإصلاح، ما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف التأمين على السيارات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الشركات التي تعتمد على سلاسل توريد دولية متكاملة قد تواجه صعوبات في الإنتاج، إذ قد تضطر إلى إعادة هيكلة عملياتها أو البحث عن موردين محليين، ما قد يستغرق وقتاً طويلاً ويؤثّر في مستويات الإنتاج.
وبينما تتراجع أسهم الشركات الأوروبية وتتوالى ردود الفعل الدولية، يبقى مستقبل سوق السيارات الأميركي مرهوناً بالتطورات القادمة ومدى استجابة الدول والشركات لهذه التعريفات الجديدة.