عادت وكالات التصنيف الائتماني مجدداً لدائرة الجدل وسط المفاوضات الجارية بشأن سقف الديون عالية المخاطر في واشنطن.

وبسبب وصول المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين لطريق مسدود حتى الآن فيما يخص سداد الديون الأميركية، لا سيما مع اقتراب آخر موعد لحل الأزمة قبل نفاد سيولة وزارة الخزانة الأميركية، هناك خطر متزايد من خفض تصنيف ديون الولايات المتحدة.

ويتمتع ما يسمى بـ«الثلاثة الكبار» في التصنيف الائتماني، وهم «موديز»، «ستاندرد آند بورز» و«فيتش» بقدرة هائلة على تحديد الجدارة الائتمانية للشركات والحكومات وحتى دول بأكملها، وتزامناً مع الأزمة الراهنة، أشارت الوكالات الثلاث إلى احتمالية خفضها التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إذا لم يمرر المشرعون مشروع قانون لرفع سقف الدين قبل فوات الأوان.

في الواقع، أصدرت وكالة «فيتش» في وقت سابق من هذا الأسبوع تحذيراً صارماً، إذ وضعت تصنيف الولايات المتحدة تحت المراقبة السلبية لاحتمال خفضه.

يقول الخبراء إن تخفيض تصنيف الولايات المتحدة الفعلي يمكن أن يذبذب النظام المالي العالمي، ويهدد هيمنة الدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية.

ما الغرض من وكالات التصنيف الائتماني؟

ببساطة، تقدم وكالات التصنيف الائتماني آراءها وتقيم احتمالية سداد المقترض لديونه من عدمها، وبرزت وكالات التصنيف لأول مرة منذ أكثر من قرن، ولكن اليوم، تهيمن الوكالات الرئيسية الثلاث على الأسواق.

الولايات المتحدة هي واحدة من البلدان ذات الديون الأعلى تصنيفاً في العالم، وهي حاصلة على أعلى تصنيف «إيه إيه إيه» من «فيتش» و«إيه إيه إيه» من «موديز»، وصُنفت الولايات المتحدة في المرتبة «إيه إيه +» من قبل «ستاندرد آند بورز»، التي خفضت تصنيف البلاد في عام 2011 خلال معركة سابقة لسقف الديون في واشنطن.

كيف يحسب التصنيف الائتماني؟

كل وكالة لديها منهجيتها الخاصة لتحديد الجدارة المالية للشركات والبلدان، وفقاً لأستاذ الاقتصاد في كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك لورانس وايت.

وعلى الرغم من ذلك، أضاف وايت أن الوكالات تزن السجل الاقتصادي لبلد ما بشكل عام، بما في ذلك الإيرادات المتوقعة والتكاليف ومدفوعات الديون، لتحديد التصنيف.

وقال إن الدول التي «من المرجح جداً» أن تفي بالتزاماتها هي فقط من تحصل على تصنيف «إيه إيه إيه».

وعن الوكالات الثلاث الكبرى، قال وايت إن «آراءهم تؤخذ على محمل الجد من قبل الأسواق المالية»، ولذلك يجب على الكيانات ذات التصنيفات المنخفضة بشكل عام دفع معدلات فائدة أعلى عند اقتراض الأموال.

تضارب مصالح وكالات التصنيف

تفرض وكالات «موديز» و«ستاندرد آند بورز» و«فيتش» رسوماً على معظم الكيانات التي يصنفونها، باستثناء الدول ذات السيادة مثل الولايات المتحدة، وفقاً لصمويل بونسال الأستاذ في «كلية سميل للأعمال» في جامعة ولاية بنسلفانيا، ويهتم بونسال بمدى فعالية وكالات التصنيف الائتماني في ظل تضارب المصالح المحتمل.

قال بونسال «إذا أرادت شركة ما الحصول على تصنيف للديون، فيجب أن تدفع رسوماً مقابل هذا التصنيف».

وأضاف أن هذا «ممكن أن يعزز الشكوك بشأن الدفع أكثر مقابل التلاعب».

وقال بونسال إن الوكالات «أنفقت بعض أموالها مقابل السمعة الطيبة» في العقود القليلة الماضية عندما فشلت في خفض التصنيفات قبل إفلاس شركة «إنرون» للطاقة في عام 2001، والأزمة المالية العالمية لعام 2008.

وأضاف «من ناحية الفكرة، لست متأكداً إلى أي مدى يثق الناس في أن الوكالات تقوم بعمل جيد حقاً».

خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة قد يسبب ضرراً

قال بونسال إن تخفيض تصنيف الولايات المتحدة من قبل إحدى الشركات الثلاث الكبرى سيضر الأميركيين بعدة طرق، إذ توجد لخفض التصنيف عدة آثار غير مباشرة على المستهلكين والشركات، ما قد يلحق الضرر بالاقتصاد في نواحٍ مختلفة.

وأضاف «يمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث ركود في وقت أقرب مما كان سيحدث لولا ذلك».

ويقدر وايت أن تخفيض التصنيف الائتماني يمكن أن يؤدي إلى تآكل مكانة الدولار الأميركي باعتباره العملة الأكثر ثقة لمدفوعات التجارة الدولية.

ووفقاً لوايت قد يبدأ من يعتمد على الدولار الأميركي في المعاملات الدولية بالشعور بعدم الارتياح، ولا حتى لحيازة السندات الأميركية، ما يؤدي لاحتمالية قولهم «ربما ينبغي أن نبدأ في التفكير في اليورو كعملة بديلة لممارسة الأعمال التجارية».

(سامانثا ديلويا- CNN)