يواجه الاقتصاد العالمي حالة من عدم اليقين لا سيما بعد اندلاع الصراع بين إسرائيل وغزة في الشرق الأوسط، وذلك إضافة للحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، هذه الصراعات لا تهدد فقط المناطق التي تندلع فيها؛ بل تهدد بإضعاف الروابط بين أكبر الاقتصادات في العالم، وبالتالي انتهاء العولمة الاقتصادية.

أصبح الاقتصاد العالمي أكثر تكاملاً خلال القرن الماضي، إذ انتعشت سلاسل التوريد العالمية وتقدمت التكنولوجيا بشكل كبير، ما عزز التدفق الحر للتجارة ورأس المال والمعلومات على مستوى العالم.

يُعرف هذا الترابط بالعولمة، والتي تسارعت في النصف الأخير من القرن العشرين بعد إعادة توحيد ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ونمت أكثر مع تحول الصين إلى قوة تجارية عالمية.

ومع ذلك، منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008، يعتقد الكثيرون أن هذه العلاقات بدأت تتفكك، إذ شرعت العديد من الدول في وضع سياسات حمائية، سعياً منها لتحقيق الاستقرار في اقتصاداتها، وفقاً لتحليل حديث من ويلز فارغو، الحمائية هي سياسة تجارية تهدف إلى حماية الإنتاج الوطني من المنافسة الأجنبية.

انتهاء عصر العولمة

يقول بعض الاقتصاديين إن العولمة توقفت تماماً، بينما يجادل آخرون بأنها بدأت في التلاشي تدريجياً بفعل حرب الرسوم الجمركية لإدارة ترامب الأميركية مع الصين، وجائحة كورونا وغزو روسيا لأوكرانيا.

دعم الاقتصاديون في ويلز فارغو مؤخراً سيناريو أن عصر العولمة قد انتهى، وأرجعوا الأسباب الرئيسية لارتفاع القيود التجارية بين البلاد، وللانخفاض الحاد في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر حول العالم.

ويقولون إن إعلان إسرائيل الحرب ضد حماس قد يكون حافزاً آخر لانتهاء العولمة، على الرغم من أن تأثير ذلك لم يظهر في الأفق بعد.

تحدثت شبكة «CNN» مع الخبير الاقتصادي الدولي في ويلز فارغو، بريندان ماكينا، حول احتمالية أن يتسبب الصراع بين إسرائيل وغزة في تسريع القضاء على العولمة.

وقال ماكينا «كانت العلاقات الجيوسياسية قد بدأت في التحسن في الشرق الأوسط، ولكن بسبب ما يجري في إسرائيل وغزة، يبدو أن ذاك التحسن الإيجابي بدأ في التراجع»، وأضاف أن هذا التفكك الجيوسياسي سيؤدي إلى تقليل التعاون التجاري بين البلدان، وقلة مشاركة المعلومات والتكنولوجيا، وتفكك روابط السوق المالية.

أما عن مدى تأثير الصراع على العولمة، فأكد أنه حال زاد التصعيد في الشرق الأوسط، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى شرخ عميق في الشرق الأوسط، وربما يمتد بين أقوى اقتصادات العالم.

وأضاف أن «دعم الولايات المتحدة القوي لإسرائيل، قد قد يأتي مغايراً لمواقف دول أخرى مثل الصين، التي إما ستعلن عدم دعمها بشكل صريح، أو تختار الامتناع عن التصويت، ولذلك أعتقد أن هناك احتمالاً أن بعض الروابط التجارية بين الولايات المتحدة وتلك البلدان قد تتلاشى».

مدى تأثر التضخم والسياسة النقدية بانتهاء العولمة الاقتصادية

يعتقد ماكينا أنه بتراجع العولمة الاقتصادية، ستصبح البيئة الاقتصادية العالمية أقل تنافسية، ما يؤدي بطبيعة الحال لمزيد من التضخم بسبب ارتفاع الأسعار.

ولذلك، في اعتقاده، أن هذا التفكك الاقتصادي الذي يقاد بالعلاقات الجيوسياسية، سيؤدي لارتفاع الأسعار عالمياً، وليس مدفوعاً بقرارات الفيدرالي فقط، بل من البنوك المركزية الأخرى حول العالم.

كل ذلك من شأنه الحد من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما يفتح المجال لتطبيق سياسة نقدية أكثر صرامة ويزيد من كل تلك الآثار الاقتصادية.

(بريان مينا – CNN)