يواجه اقتصاد المملكة العربية السعودية رياحاً معاكسة، بعد أن خفضت أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم الإنتاج لدعم الأسعار.
وقالت هيئة الإحصاء الرسمية في البلاد هذا الأسبوع، إن الناتج المحلي الإجمالي السعودي -وهو أوسع مقياس لاقتصادها- انكمش بنسبة 4.5 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2023؛ وهذا هو أكبر انكماش منذ جائحة (كوفيد-19) في عام 2020.
وكان من الممكن أن يكون الركود أكبر لولا نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 3.6 في المئة.
النفط السعودي
ويشهد قطاع النفط الضخم في البلاد انكماشاً منذ أشهر، لكن الاقتصاد الإجمالي لا يزال يحقق نمواً بنسبة 1.2 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني.
وانكمش قطاع النفط في المملكة بنسبة 17.3 في المئة على أساس سنوي في الربع الثالث، وهو أكبر معدل فصلي على الإطلاق منذ عام 2011 على الأقل، بسبب التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط، التي تهدف إلى دعم الأسعار العالمية.
وكانت السعودية ومنتجون آخرون في (أوبك بلس) أعلنوا في أبريل نيسان الماضي عن خفض إنتاج النفط طواعيةً بإجمالي 1.66 مليون برميل يومياً بدءاً من مايو أيار 2023 حتى نهاية العام، هذا بالإضافة إلى الخفض المتفق عليه مسبقاً بمقدار مليونَي برميل يومياً في الفترة من نوفمبر تشرين الثاني 2022 حتى نهاية العام الجاري، ليصل إجمالي الخفض المعلن إلى 3.6 مليون برميل يومياً.
ووصل إنتاج النفط السعودي إلى تسعة ملايين برميل يومياً في يوليو تموز، إذ انضمت أكبر دولة في تحالف (أوبك بلس) إلى روسيا لتقييد العرض وسط مؤشرات على ضعف الطلب بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي.
وكتب محللو أكسفورد إيكونوميكس في مذكرة نُشرت يوم الجمعة «نتوقع أن يظل إنتاج النفط السعودي منخفضاً حتى نهاية هذا العام، مع تراجع بطيء في أوائل عام 2024».
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 0.8 في المئة فقط لعام 2023 بأكمله، انخفاضاً من 8.7 في المئة العام الماضي.
خفض إنتاج النفط
كان الهدف من تخفيضات إنتاج المملكة العربية السعودية هو تحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية، وفقاً لرالف فيغيرت، مدير الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في (إس آند بي غلوبال ماركت إنتيليغنس).
وقال فيغيرت «في الربع الثاني من عام 2023، كانت مخاطر تباطؤ النمو العالمي تؤثر على أسواق النفط»، مضيفاً «قررت القيادة السعودية سحب بعض المعروض من السوق لمراعاة مخاطر الركود على الطلب على النفط».
وقال مدير الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في (إس آند بي غلوبال ماركت إنتيليغنس)، إن الإلغاء التدريجي لتخفيضات الإنتاج سيحدد إلى حد كبير قدرة الاقتصاد السعودي على التعافي، مع توقع انتهاء التخفيضات في عام 2025.
وأضاف أن النمو السعودي سيظل بطيئاً عند 1.1 في المئة في عام 2024.
الاقتصاد الإماراتي
وفي حين تعرضت دول الخليج الأخرى أيضاً لضغوط اقتصادية بسبب تخفيضات إنتاج النفط، استمر اقتصاد الإمارات العربية المتحدة في النمو.
وقال وزير الاقتصاد الإماراتي هذا الأسبوع إن الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات نما بنسبة 3.7 في المئة في النصف الأول من العام، مدعوماً بالنمو في القطاع غير النفطي.
تنمو الإيرادات غير النفطية للإمارات بأسرع معدل منذ أربع سنوات، وفقاً لأرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة الصادرة عن ستاندرد آند بورز.