كشفت استطلاعات الرأي الجديدة في الولايات المتحدة تراجعاً كبيراً في شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن، ما يعكس حجم الصعوبات التي يواجهها رئيس البيت الأبيض الحالي في ماراثون الانتخابات الرئاسية 2024

.

ومن المقرر أن تُعقد الانتخابات الرئاسية الأميركية الـ60، في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني 2024، ويفقد بايدن الذي سيبلغ من العمر 81 عاماً في وقت لاحق هذا الشهر، الدعم من الأقليات والناخبين الأصغر سناً.

وأظهر استطلاع الرأي الأخير الذي أجرته شبكة (CNN) للناخبين -بالتعاون مع شركة (إس إس آر إس)- ونُشرت نتائجه الثلاثاء أن الرئيس السابق دونالد ترامب يتقدم على بايدن بنسبة 49 في المئة إلى 45 في المئة، وهي أنباء غير سارة بالتأكيد للرئيس الأميركي الحالي.

ورصد الاستطلاع العديد من التحديات التي تعوق بايدن عن الفوز بفترة رئاسة ثانية وترجح كفة ترامب للعودة للبيت الأبيض، على الرغم من التخبط الذي ساد فترة ولايته الممتدة من عام 2017 حتى عام 2021.

استياء من بايدن

وأظهر الاستطلاع استياءً عميقاً بين الناخبين من أداء بايدن، مع تزايد الشعور بانفصال سياسته الاقتصادية المتفائلة عن الواقع الصعب الذي يعيشه الأميركيون، والذي يسيطر عليه ارتفاع الأسعار، فربع الأميركيين فقط يعتقدون أن الرئيس الحالي يتمتع بالقدرة والقوة اللازمتين للقيام بأعباء الرئاسة.

ويأتي استطلاع (CNN) مؤيداً لنتائج مسح مماثل أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا خلال عطلة نهاية الأسبوع، والذي أظهر تقدماً كبيراً لترامب في معظم الولايات الحاسمة التي سترجح مصير انتخابات 2024.

ورصد الاستطلاع خمسة تحديات رئيسية تهدد نجاح بايدن في سباق الرئاسة:

أولاً: العمر

عمر بايدن المتقدم يثير القلق بشأن قدرته على القيام بالمهام الرئاسية والتواصل مع الناخبين الأصغر سناً الذين يشكلون أهمية كبرى للديمقراطيين.

فخطاب بايدن الخافت لا يعطي انطباعاً بالحيوية والحماس، على عكس منافسه الجمهوري دونالد ترامب الذي لا يعكس الانطباع نفسه، على الرغم من بلوغه 77 عاماً من العمر.

ووجد استطلاع (CNN) أن 25 في المئة فقط من الناخبين يعتقدون أن بايدن يتمتع بالقدرة على العمل بشكل فعال، مقابل 53 في المئة لصالح ترامب.

وإذا كان العمر سيمثل مشكلة للناخبين، فمن المؤكد أن هذه النقطة لن تُحسم لصالح بايدن، إذ سيبلغ من العمر 82 عاماً بعد الانتخابات وسيكون عمره 86 عاماً قبل نهاية فترته الرئاسية المحتملة الثانية.

ثانياً: الوضع الاقتصادي

يهيمن الوضع الاقتصادي على اهتمامات الناخبين، الذين لا يشعرون بنتائج ملموسة لاستراتيجية بايدن الاقتصادية رغم تسليط الضوء المتكرر على البيانات القوية للوظائف والنمو الاقتصادي وحزمة البنية التحتية التاريخية التي تسوق لها إدارة بايدن تحت مظلة (اقتصاد الريادة).

وهذا الانفصال بين المؤشرات الاقتصادية القوية والواقع الفعلي الذي يعيشه الأميركيون يجعلهم أكثر حنيناً لسياسات ترامب الاقتصادية.

وأظهر استطلاع نيويورك تايمز تقدم ترامب على بايدن في السياسة الاقتصادية في جميع الولايات التي شملها الاستطلاع، ومن بينها الولايات الحاسمة مثل نيفادا، وجورجيا، وأريزونا، وميشيغان.

فعلى الصعيد الاقتصادي، يقف بايدن بالفعل على حافة الهاوية، لكن الديمقراطيين يأملون في أن تنحسر الآثار السلبية لأسعار الفائدة المرتفعة العام المقبل، ما يخفف الضغط على الأسر الأميركية التي تكافح لتسديد قروض السيارات والرهون العقارية وديون بطاقات الائتمان،

وعلى الرغم من انخفاض معدلات التضخم بشكل حاد بعد الوباء، فلا يزال الأميركيون يشكون من ارتفاع أسعار السلع الضرورية مثل البيض والحليب، فضلاً عن الارتفاع القياسي في ديون البطاقات الائتمانية التي ناهزت تريليون دولار، وفقاً لشبكة (CNN).

وكان مسح سابق أجراه (بانك أوف أميركا) قد أظهر أن أكثر من نصف الأميركيات (54 في المئة) يشعرن بالقلق من عدم قدرتهن على الوفاء بالتزاماتهن المالية بسبب ارتفاع التضخم، بينما أكدت نحو ربع المشاركات في المسح (23 في المئة) أنهن لا يستطعن النوم بسبب التفكير في غلاء المعيشة.

ثالثاً: الفوضى العالمية

لا تحظى سياسة بايدن الخارجية بشعبية واسعة بين الناخبين في وقت تسود فيه الفوضى العالم أكثر من أي وقت مضى، ما بين حرب إسرائيل وغزة، والهجوم الروسي في أوكرانيا، وتحدي الصين للقوة العالمية الأميركية.

ويرى الناخبون أن ترامب زعيم أقوى، ما يشير إلى أن لهجة التهديد والوعيد التي ينتهجها ترامب أكثر إقناعاً من نهج بايدن الأقل حدة.

وأظهر استطلاع (CNN) أن 36 في المئة فقط ينظرون إلى بايدن كزعيم عالمي فعال، مقابل 48 لصالح ترامب.

فمواقف بايدن في الخارج تضر بتأييده في الداخل؛ وتظهر استطلاعات الرأي أن الرئيس بدأ يفقد الدعم بين الناخبين الأصغر سناً، وهي الفئة التي انتقدت دعمه القوي للهجوم الإسرائيلي على غزة، والذي أدى إلى مقتل آلاف المدنيين رداً على هجمات حماس على إسرائيل الشهر الماضي.

رابعاً: تراجع شعبية بايدن مقارنة بأسلافه

بايدن هو الرئيس الأقل شعبية للفوز بفترة رئاسة ثانية بين أسلافه الـ45 من زعماء أميركا.

فنسبة تأييده لا تتجاوز 39 في المئة، أي أقل بنقطتين من معدلات ترامب قبل عام من خسارته انتخابات 2020 ومتقدماً على جيمي كارتر الذي فاز بفترة ولاية واحدة فقط.

خامساً: سوء المزاج العام قد يفتح الطريق أمام ترامب

ولعل التحدي الأكبر أمام فوز بايدن هو سوء المزاج العام تجاه الأوضاع في البلاد، إذ وجد استطلاع (CNN) أن 72 في المئة من الأميركيين يقولون إن الأمور تسير بشكل سيئ في البلاد.

ومن المتوقع أن تؤدي النظرة السلبية للأداء الاقتصادي إلى تفاقم هذه الحالة بين الناخبين.

فاليأس من تحسن الظروف الاقتصادية، والإحباط تجاه الأداء الوطني، والشعور بأن الأحداث تخرج عن السيطرة في الخارج جميعها عوامل تضر بنسبة تأييد القادة.

ويشير التاريخ إلى أن هذه العوامل مجتمعة تشكّل البيئة المثالية لظهور وازدهار سياسة الرجل القوي، وهذا هو ما يعول عليه ترامب، ويحتاج بايدن إلى إصلاحه.