بدأت تظهر علامات مثيرة للقلق بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، إذ يراقب الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن كثب العديد من المخاطر التي قد تجعل مهمته في ترويض التضخم أكثر صعوبة، مثل الطلب الاستهلاكي المشتعل الذي يبقي بعض الضغوط المتزايدة على الأسعار والآثار المحتملة للتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط على أسعار النفط.

لكن المركزي الأميركي يولي أيضاً اهتماماً كبيراً حيال ما إذا كان الأميركيون ما زالوا على ثقة بأن التضخم سيعود في نهاية المطاف إلى وضعه الطبيعي، ويبدو أن هذا الأمل يتلاشى.

أظهر أحدث استطلاع للمستهلكين أجرته جامعة ميشيغان والذي صدر يوم الجمعة أن توقعات التضخم على المدى الطويل للأميركيين ارتفعت إلى 3.2 في المئة هذا الشهر، وهو أعلى مستوى منذ عام 2011.

وقد تستمر هذه التصورات في التفاقم كلما طال الوقت الذي استغرقه بنك الاحتياطي الفيدرالي في إعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المئة، ولا يتوقع مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يصل التضخم إلى 2 في المئة حتى عام 2026، وفقاً لأحدث توقعاتهم الاقتصادية الصادرة في سبتمبر أيلول.

مخاوف الاحتياطي الفيدرالي

إذا كان هناك شيء واحد من شأنه أن يجعل بنك الاحتياطي الفيدرالي يرتعش خائفاً، فهو تفاقم توقعات التضخم.

صرح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك لبلومبيرغ في وقت سابق من هذا الشهر، بأنه «إذا وجدنا أن المستهلكين أو الشركات بدؤوا بالفعل يشعرون بأن مستوى التضخم على المدى الطويل.. يزحف ممتداً، وإذا كانت هذه هي توقعاتهم، فعلينا أن نتحرك وعلينا أن نضع ذلك تحت السيطرة».

وإذا فقد الأميركيون الثقة في إمكانية عودة التضخم إلى طبيعته على الإطلاق، فإن ذلك من شأنه أن يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر، إما عن طريق رفع أسعار الفائدة أو إبقائها مرتفعة لفترة أطول بكثير من المتوقع.

ويبلغ سعر الإقراض القياسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي حالياً أعلى مستوى له منذ 22 عاماً، ويتوقع المستثمرون بالفعل أن يبقي البنك المركزي أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول.

وقال لوك تيلي، كبير الاقتصاديين في شركة ويلمنجتون ترست للاستثمارات الاستشارية، لشبكة CNN، «لقد عملت في بنك الاحتياطي الفيدرالي لمدة ست سنوات، وإذا ارتفعت توقعات التضخم ولم تكن تحت السيطرة، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتحرك بالتأكيد».

وأضاف أن أكثر ما يقلق مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي هو امتداد التضخم لفترات طويلة، وقال إن فترات الركود ليست بالشيء المقلق مثل التضخم، فالركود يأتي ويذهب أما التضخم طويل الأمد الذي يبدو أنه ينجرف لأعلى فهو ما يعتبر شديد الخطورة بالنسبة لهم.

ما هي توقعات التضخم؟

(في سبتمبر 2023، ارتفعت الأسعار بنسبة 3.7 في المئة، مقارنة بسبتمبر 2022 وفقًا لنسبة التغير لمدة 12 شهراً في مؤشر أسعار المستهلك، معدل التضخم الشهري للسلع والخدمات في الولايات المتحدة).

ومن غير الواضح ما إذا كانت توقعات التضخم ستستمر في التدهور، وينظر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى مجموعة واسعة من الدراسات الاستقصائية، وليس فقط استطلاعات جامعة ميشيغان، لكن الاستطلاع الذي أجرته الجامعة يعد من أكثر الاستطلاعات التي يتابعها المستثمرون والاقتصاديون عن كثب.

يركز بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل خاص على توقعات التضخم على المدى الطويل، ويحرص رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول على ذكر حالة تصورات التضخم لدى الأميركيين في كل مؤتمر صحفي بعد أن يحدد المسؤولون السياسة النقدية (وهو ما يحدث ثماني مرات في السنة).

خلال مؤتمره الصحفي الأخير بعد الاجتماع في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن صوت المسؤولون على إبقاء أسعار الفائدة ثابتة، قال باول «يبدو أن توقعات التضخم على المدى الطويل لا تزال راسخة بشكل جيد».

التحرك في الوقت المناسب

ربما يؤدي التضخم الثابت إلى «تفكيك» توقعات التضخم أو إحداث تدهور مستمر في تصور الأميركيين للتضخم، لكن من غير الواضح كم من الوقت سيستغرق استمرار ارتفاع التضخم حتى يتسبب في ذلك.

وقال تيلي إن «بنك الاحتياطي الفيدرالي متشائم للغاية» في توقع عدم وصول التضخم إلى 2 في المئة حتى عام 2026.

في نهاية المطاف، يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي فقط إلى الحفاظ على الثقة في أن وحش التضخم سوف يختفي ذات يوم، وقد ساعد التباطؤ المطرد للتضخم خلال العام الماضي حتى الآن في هذا الصدد، وفقاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.

وأظهر تحليل حديث أجراه البنك بشأن وجهات نظر المستهلكين حول التضخم أن «المستهلكين اليوم يعرفون ما يكفي عن بنك الاحتياطي الفيدرالي للاعتراف بسياساته باعتبارها العامل الأكثر أهمية وراء انخفاض التضخم الأخير والمتوقع في المستقبل». ربما يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى الاستمرار في إثبات أنه يحرز تقدماً في معركته التاريخية ضد التضخم.

إعلان مصلحة الضرائب الأميركية عن شرائح جديدة لضريبة الدخل

أصدرت مصلحة الضرائب هذا الأسبوع شرائح ضريبة الدخل الجديدة المعدلة حسب التضخم ومبالغ الخصم القياسية التي ستكون سارية للسنة الضريبية 2024.

هذه هي الأرقام التي ستكون ذات صلة بالإقرار الضريبي الذي سيقدمه معظم الأميركيين في أوائل عام 2025، إذ تقوم مصلحة الضرائب الأميركية بإجراء تعديلات التضخم سنوياً على الشرائح الضريبية والخصم القياسي وبعض الإعفاءات الضريبية الأخرى.

بالنسبة للأفراد والمتزوجين الذين يقدمون طلباتهم بشكل منفصل، سيزيد الخصم القياسي الفيدرالي الجديد إلى 14600 دولار، مقارنة بـ13850 دولاراً هذا العام.

بالنسبة للأزواج الذين يقدمون طلبات مشتركة، سيرتفع الخصم القياسي إلى 29200 دولار، ارتفاعاً من 27700 دولار حالياً.

وبالنسبة للأشخاص الذين يقدمون طلباتهم كأرباب للأسرة، فإن الخصم القياسي سيكون 21,900 دولار، ارتفاعاً من 20,800 دولار اليوم.

(تحليل لبراين مينا CNN)